من للقراصنة المتخمين بالحقد والكراهية

فيصل الشيخ محمد

أعجب لجائع لا يشهر سيفه.. مقولة أطلقها علي بن أبي طالب قبل ألف وأربعمائة سنة.. لتروح مثلاً يحاكي ضمير الناس ووجدان المجتمعات الفقيرة منها والغنية.

لقد حار العالم كيف ستكون ردة فعله تجاه القراصنة الجياع في الصومال.. وراح زعماء العالم يتنادون للتعاون في إرسال الفرقاطات والمدمرات والطوربيدات والزوارق الحربية لملاحقة هؤلاء الجياع.. ولم يفكروا للحظة واحدة أن الجوع هو السبب الوحيد وراء لجوء هؤلاء الجياع إلى مثل هذا العمل غير الأخلاقي والشرير.. فحياتهم هي فوق هذه المفردات وأعز من هذه المعاني!!

اليوم هناك قراصنة متخمين بالحقد والكراهية يجوبون البحار ويخترقون المياه الإقليمية لجيرانهم لاقتناص زوارق صغيرة تقوم بنقل بعض الزاد والدواء لأهل غزة المستباحة من آلة العدو الصهيوني المدمرة الفتاكة التي تمزق أشلاء الأطفال والنساء والرجال، وتدمر المستشفيات والمساجد والمدارس ودور الجامعان وبيوت الآمنين العزل الأبرياء.

مجموعة من أصحاب الضمير – وقد حركتهم مشاهد الدم والأشلاء والخراب والدمار – من نشطاء السلام الأوربيين، وبينهم علماء ومفكرون ومثقفون وبرلمانيون وصحفيون، عقدوا العزم على تقديم بعض ما يمكن حمله في زورقهم الصغير من الزاد والدواء لأهل غزة الذين لا بواكي لهم.. فملأوا زورقهم ببعض هذه الفتات التي لا تغني من جوع ولا تلئم من جراح.. وانطلقوا من لارنكا في قبرص يغزون المسير بزورقهم الصغير لنجدة أهل غزة.

وكان القراصنة الصهاينة باستقبالهم وهم في عرض البحر.. ودون إنذار صدموا بزورقهم الحربي مقدمة الزورق الصغير فدمرته، الأمر الذي جعل الماء يندفق إليه، ثم أمروهم بالعودة إلى لارنكا.. والعودة إلى لارنكا يعني الغرق الحتمي، حيث وقود القارب قد شارف على الانتهاء، والماء يكاد يملأ بطن القارب، وليس أمامهم سوى الموت غرقاً أو السماح لهم بدخول المياه الإقليمية لغزة أو لبنان.. والقراصنة يحكمون الطوق من حولهم ويصرون على عودتهم إلى لارنكا.

جريدة تشرين السورية الصادرة هذا اليوم 30 كانون الأول الحالي طالعتنا بمقالة عصماء تقول في مقدمتها: (الغريب والذي لا يمكن تفسيره، هذا العجز العربي الذي تدنى إلى مستوى مخجل مع أن ما يجري من مجازر في هذا الوقت بالذات أقوى اختبار للإرادة العربية على مستوى القرار).

وإنني إذ أشاطر تشرين رأيها بان هذا هو يوم الاختبار فإنني أنتظر بفارغ الصبر ردة فعل أبطال الممانعة والصمود والتصدي واختبارهم، وهم على بعد مرمى حجر من القراصنة الصهاينة الذين يمنعون قارب الكرامة من مواصلة طريقه إلى غزة ليفعّلوا القول بالعمل.. وأن يجسدوا الشعارات التي كم أطنبوا في ترديدها لسنوات وسنوات بالفعل على الأرض، ويسمعونا زئير الأسد وقد مجننا صراخ العواء والنباح، ويامروا زوارقهم الحربية لمخر عباب البحر لنجدة قارب الكرامة الأسير بيد القراصنة الصهاينة وفك أسره ومصاحبته إلى مياه غزة الإقليمية، وفي أضعف الإيمان إدخاله إلى المياه الإقليمية اللبنانية ليتمكن من فيه من النجاة بلحوم أبدانهم وأرواحهم.. وبغير ذلك فلتخرس تشرين وأبواق الراقصين على دماء إخواننا في غزة.