جائزة الشجاعة المدنية

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

ذهب الكاتب المصري الشيوعي ( سابقا ) " على سالم " إلى مقر السفارة الأمريكية في لندن ، وتسلم من السفير يوم الأربعاء 19/11/2008م جائزة الشجاعة المدنية ، وقدرها 50 ألف دولار أمريكي .

في الوقت ذاته كان الغزاة النازيون اليهود يًحكمون حصارهم بمساعدة بعض العرب المسلمين حول قطاع غزة ، حيث لا يجد أهل القطاع وقوداً ولا كهرباء ، ولا دواء ولا غذاء ، ولا يستطيعون الخروج من المعابر ولا يدخلون ..إنهم ينتظرون الموت الجماعي أو الإبادة الجماعية على يد الغزاة النازيين اليهود !

كان " على سالم " صاحب أغنية " على الممر " منتشياً بالجائزة ، وسعيداً بمن سلموها له من الأمريكان والصهاينة ، وقال مفاخراً ومباهياً : " إن الجائزة مهمة جداً من الناحية المعنوية ، لأنني سعيد أن الناس ترى ما أفعله " ، وأعرب على سالم عن سعادته بأن هناك أناساً يمكن أن يقدروا عمله ، وقال إن الجائزة التي تمنحها مؤسسة ترين في الولايات المتحدة ، اعتراف بكل دعواته إلى السلام مع الكيان النازي اليهودي الغاصب في فلسطين المحتلة ، ومعارضة من جانبه لما أسماه التطرف الإسلامي ، حيث إن هناك – كما يرى – ارتباطاً بين غياب السلام والتطرف !

من حق على سالم ، أن يعتقد بالأفكار التي تناسبه حتى لو تناقضت مع مواقف سابقة كانت تبدو أساسية وعضوية ، ومن حقه أن يؤيد الغزاة النازيين اليهود ، وهم يقتلون الشعب الفلسطيني ويسحقونه ويحاصرونه حتى الموت ، ومن حقه أن يؤيد جيش الغزو الصهيوني وهو يطوّر القاعدة العسكرية الصليبية الاستعمارية المتوحشة في فلسطين ، ويهدد الدول العربية والإسلامية بالدمار والخراب والهلاك ، من حق على سالم أن يؤيد ويبارك ما يفعله العدوّ الصهيوني ، والأب الروحي المتوحش في واشنطن وعواصم الغرب ..

من حقه أن يفعل كل شيء ، ولكن ليس من حقه أن يفرض على الأمة أفكاره ورؤاه التي تقضى بالتفريط في عقيدتها وأرضها وكرامتها ومقدساتها .. ليس من حقه أبدا ، ما معنى معارضته لما يسمى " التطرف الإسلامي " ؟ هل يقصد المقاومة الإسلامية للقتلة الغزاة اليهود ؟ هل يقصد التمسك بالدين الإسلامي مثلما يتمسك بدينهم الغزاة النازيون اليهود ؟ ويمنحون دارسي الدين اليهود امتيازات مادية ومعنوية ؟ إن كان يقصد ذلك فنحن نرفض أفكار على سالم في هذا السياق ونؤكد على أن الأمة الإسلامية مهما تعرّضت للقهر والذل والهوان لن تبيع إسلامها وعقيدتها وأرضها ، وستقبض عليها كما تقبض على الجمر !

إن على سالم ، السعيد بالخمسين ألف دولار ، يجب أن يتذكر أن الرئيس السادات ذهب إلى القدس المحتلة قبل ثلاثين عاماً أو يزيد ، وخاطب القتلة الغزاة في عقر احتلالهم ، وقدم لهم كل التنازلات الممكنة كي ينزلوا عند إرادة السلام ، ويسلّموا الحقوق التي اغتصبوها إلى أهلها ، ولكنهم رفضوا ، وحوّلوا الأمر إلى مفاوضات تعقبها مفاوضات ، تليها مفاوضات دون جدوى وفى الوقت نفسه ، لا يتورعون عن قتل الشعب الفلسطيني واللبناني والسوري بالطائرات والمدفعية والدبابات والصواريخ ، ويزرعون الضفة والقدس والجولان بالمستوطنات وحواجز التفتيش والإرهاب ، وتشديد الحصار على الشعب الأعزل ، ويتحدثون – يا للفجور – عن الإرهاب والتطرف ، فهل هذا هو السلام يا علىّ ، يا صاحب جائزة الشجاعة المدنية ؟

ثم ما معنى الشجاعة المدنية .. هل تقابل الشجاعة العسكرية ؟ وهل الشجعان العسكريون الصهاينة والصليبيون يؤسسون للاستسلام والانهزام أمام جبروتهم الاستعماري باسم الشجاعة المدنية ؟

أليس غريباً يا على أن يكون الشجعان المدنيون الذين يؤسسون للهزيمة وقبولها ورفض المقاومة وتكاليفها ، من اليساريين التقدميين الاشتراكيين ؟ سبقك إليها أهل كوبنهاجن وجمعية السلام ، بل إن غلاة رافضي المقاومة الفلسطينية في منظمة التحرير الفلسطينية هم من اليساريين ( المدعو عبد ربه على سبيل المثال ! ) ، ثم إن الشيوعيين المصريين والعرب كانوا أول من نادي بالتعاطف مع الغزاة النازيين اليهود في فلسطين ، ووصفوا حرب الإنقاذ والنجدة للشعب الفلسطيني التي شاركت فيها الدول العربية بأنها " حرب قذرة " ! وتضامنوا علناً مع حزب " المابام " – العمال - اليهودي بقيادة بن جوريون - ؟! وأخيراً اختزلوا الصراع مع الغزاة النازيين اليهود في " التطبيع " ! لقد نجح " هنري كورييل " في اللعب بالمخ العربي عن طريق اليسار العربي لصالح العدوّ الصهيوني ، وحوّل عداءه من المقاومة للغزو النازي اليهودي ، إلى عداء للإسلام ، وكل ما يمت للإسلام بصلة !

ومع ذلك – يا علىّ – فهناك شيوعيون محترمون – كانوا ينفقون على التنظيمات الشيوعية من جيوبهم وأملاكهم ، لأنهم كانوا يعتقدون بصحة النظرية الشيوعية ، وأن غايتهم مقاومة الاستعمار والاستبداد ، وللأسف فقد رحل كثير منهم ، أو صمتوا ، أو أصيبوا بخيبة وصدمة في الرفاق الذين صاروا على استعداد لبيع أي شيء من أجل مصالحهم الخاصة ومنافعهم الذاتية ، وانظر حولك في الصحافة والإعلام وحزب السلطة والتنظيم الطليعي !

تمنيت يا على سالم – يا صاحب أغنية " على الممرّ " ، أن تدين مرّة واحدة ، حصار غزة أو قتل الفلسطينيين في الشوارع والحواجز وغرف نومهم ، أو إقامة المستوطنات أو الهجرة غير المشروعة إلى فلسطين التي يقوم بها اليهود من أنحاء العالم .. ولكنك لم تفعل أبداً ، بل تكررت زياراتك لفلسطين المحتلة ومدنها وكتبت عن الغزاة النازيين معجباً " بتحضرهم " وحياتهم ومعيشتهم ، حتى منحوك درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة بن جوريون عام 2005م !

لاشك أنهم مدينون لك يا على بأكثر من جائزة قيمتها خمسون ألف دولار ، فأنت تستحق أكثر من ذلك ، فقد كنت شجاعاً في قبول الهزيمة ، ورفض المقاومة والموافقة على تسليم المقدسات ! مثلك كثير .. ولكن المقاومين أكثر ، وأحباب الإسلام بلا عدد ، وتلك الأيام نداولها بين الناس !

حواش:

-    ( وجه التنك المتحول شخصية شريرة من شخصيات المسلسل الكرتوني سلاحف النينجا التي تعيش في مجاري الحزب الوطني) صورة بلاغية مبتكرة وإن كان مضمونها هابطا ، رسمها كاتب حكومي موال للحرس القديم لكاتب حكومي موال للحرس الجديد !

-    ظهر الممثل عمر الشريف في برنامج تلفزيوني بشعره الأشيب في رأسه ولحيته.. يوجد بعض السواد في حاجبيه . استغربت أنه لم يصبغ شعره حتى الآن !

-    قناة الحرة الأميركية الاستعمارية الصليبية ، مهمتها الأساسية الآن ، بل منذ أنشئت تحرير المسلمين من الإسلام ، تعودت استضافة نفايات المقاهي في وسط البلد ليطعنوا في الدين الحنيف ، أحدهم ظهر قبل مدة يقول : لا يوجد حجاب في الإسلام ، الإسلام يأتي ومعه الخراب ، ويزعم هذا الشخص كذبا أنه مفكر إسلامي ويحمل الدكتوراه ، ولكن أسلوبه لا يمت بصلة لمن يحملون الدكتوراه.. إنه يشبه إلـ....أستغفر الله العظيم!!!