شعب سورية: بين الإنصاف والانتصاف..
والسؤال الاسطوانة هو: كيف !؟
عبد الله القحطاني
1) الإنصاف :
· الإنصاف هو حصول المرء على حقّه ، صغيراً كان أم كبيراً ، غنياً أم فقيراً ، رجلاً أم امرأة ، مقيماً في بلده ، أم متغرّباً عنه !
· ثمّة تشريعات سماوية ، نزلت لإنصاف الناس ، وحدّدت طرائق الإنصاف ، وعقوبات التفريط به ، أو التخلّي عنه ( أي : الظلم والجور!) .
· وثمّة قوانين وضعية ، محلّية في كل بلد ، ودولية .. وضِعت لإنصاف الناس !
· وثمّة أعراف وعادات وتقاليد ، تعارفت عليها المجتمعات البشرية ، كل مجتمع في بلاده .. لإنصاف الناس .
· والإنصاف يكون من قبل جهات عدّة ، فردية وجماعية :
- يكون من قبل الفرد ، الذي في ذمّته حقّ لفرد آخر، سواء أكان هذا الآخر، قريباً له ، أم صديقاً ، أم خصماً .. أم غريباً عنه !
- ويكون من قبل جماعة ، لجماعة أخرى : كأن تكون كل منهما ، قبيلة ، أو حزباً ، أو أسرة !
- ويكون من قبل الحكّام ، تجاه شعوبهم ، أو تجاه جماعات منها ، أو تجاه أفراد !
- ويكون من قبل دولة ، تجاه دولة !
2) الانتصاف :
* إذا لم يجد المظلوم ، صاحبُ الحقّ المسلوب ، مَن ينصفه ويعيد إليه حقّه ، سواء أكان هذا الحق مادّياً ، أم معنوياً : ( مالاً ، أو متاعاً ، أو حرّية .. أو غير ذلك من حقوق الإنسان الأساسية ) .. إذا لم يجد من ينصفه ، فيعيد له حقّه ، فسوف يفكّر بالانتصاف ! أيْ : بأخذ حقّه بنفسه ، حسب نوع الحقّ وطبيعته ! فمن الحقوق مايؤخذ باليد ، ومنها مايؤخذ باللسان ، أو بالقلم .. أو بغير ذلك من وسائل !
* إذا ظلِم الفرد من قبل فرد مثلِه ، لجأ إلى قانون دولته ، ليعيد له حقّه . وكذلك إذا ظلِمت جماعة ( أسرة ، أو قبيلة ..) .
* إذا عجز القانون عن إنصاف المظلوم ؛ لأن هذا القانون مضيّع ، بين الظالمين وأعوانهم المتنفّذين الكبار.. لجأ المظلوم إلى أخذ حقّه بيده .. إذا وجد لديه إرادة لهذا الأمر، و قدرة عليه !
* إذا كان المظلوم شعباً بكامله ، وظالمه هو حاكمه ، وهو مصرّ على ظلمه ، لأن هذا الظلم هو الذي يبقي الحاكم في كرسيّه ، ولأن الخيار هو بين أن يبقى الحاكم متربّعاً على كرسيّه ، ظالماً لشعبه .. وبين أن يبقى الشعب حياً ، جديراً بالحياة الكريمة .. إذا كان الخيار هو هذا .. فماذا ينتظر الحكّام من شعوبهم ، وماذا تنتظر الشعوب من أنفسها !؟
1) ماينتظره الحكّام ، مهما كانوا أغبياء أو حمقى .. من شعوبهم المظلومة المقهورة ، هو: أن تتحرّك للحصول على حقوقها ! لذا ؛ فهم يتّخذون شتّى الاحتياطات الأمنية ، لتلافي هذا التحرّك ، ووأده في مهده !
2) وما تنتظره الشعوب من أنفسها ، هو: التحرّك للانتصاف ! ولكن الشعوب تضمّ أشتاتاً من البشر، وخلائط من الناس ، بين ضعيف وعاجز ، وغافل وجاهل ! لذا : فهي تبحث عمّن يقودها ، في تحرّكها باتّجاه الانتصاف !
3) العناصر التي تنتظر منها الشعوب أن تقودها ، موجودة في كل شعب ، على تفاوت بينها ، في القدرات والإمكانات ! ولو خلا شعب من هذه العناصر، لكان في حالة موت بشع مقيت ! وأهمّ سؤال تطرحه هذه العناصر، بين يدي تحرّكها لقيادة الشعوب ، نحو الانتصاف ، هو: السؤال ( كيف !؟) وهناك ، بالطبع ، أسئلة أخرى ، مثل: (متى!؟) . أمّا السؤال : (لماذا !؟) ، فلا يطرح في العادة ، حين تصل الأمور إلى حدود الوضوح التامّ ، لدى الشعب كله !
4) السؤال ( كيف ؟) يشير ، بالضرورة ، إلى وجوب التحرّي ، في أهمّية كل سلوك يسلكه المرء ، وجدواه ، وخطورته ، ونسبة مافيه من خطأ وصواب ، ونفع وضرر .. ! ومن أخطر الأخطاء ، التي يمكن أن يرتكبها أيّ فرد ، في أيّ عمل ، خاصّ أو عامّ .. وأيّة جماعة ، في أيّ عمل ، خاصّ أو عامّ .. من أخطر الأخطاء ، ذلك الخطأ الذي قال عنه المتنبّي ، ذات يوم :
ووضع الندى في موضِع السيف ، بالعلا مضرّ ، كوضع السيف في موضع الندى !
لكن وضع الأمور في مواضعها ، الذي هو من أهمّ مظاهر الحكمة .. هو نفسه يحتاج إلى الحكمة ! وهذه تحتاج إلى رجال يملكونها ، وهم بحاجة إلى أعوان وحلفاء ، يثقون بهم ويؤيّدونهم ! وهذا ، كله ، بحاجة إلى توفيق الله .. كما أن نتائجه محكومة بآجال محدّدة في علمه .. وهو القائل سبحانه : (.. لكلّ أجَـلٍ كِتاب ).