المثقف العربي بين التفاهة والبلادة

د. محمد رحال /السويد

[email protected]

عشرة الاف رسالة ارسلها يوميا الى القراء تحمل مقالا يوميا, وياتيني يوميا اكثر من خمسين ردا, اغلبها مع شكرهم الجزيل, وانهم يوزعون المقال على من يعرفون من اصحاب, ومنتديات, وصحف , واقلها تلك التي تطلب مني ان لاارسل لهم ثانية , وهي نسبة لم تتجاوز الواحد بالمائة , وبكل المقاييس فهي تضم الى النسب المعدومة, واكثر تلك  الرسائل , رسالة من طبيب مصري , يقول عن نفسه انه برفيسور وهذا ماكتبه لي:

السيد الفاضل انا لست مهتم بحال العراق اكثر من اهل العراق طالما هناك عراقيين من الشيعة تقتل لتاكيد وجود الداعم الامريكي لهم, ارجو عدم بحث تلك الرسائل لي ولاترسل تعليق وشكرا

Dr.Tarek ElEmary

Professor of Ophthalmology

Cairo -Egypt 

وكم اشتعل قلبي وفؤادي بالحزن وانا اقرأ تلك الرسالة , وتذكرت معها كيف هب العرب لمساندة مصر في عدوان 1956 وغيرها, وكنت وكاني اشحذ من هذا الاخ المثقف , او كأن الشهادات العليا في بلادي هي لقتل الاخلاق والضمير والمعرفة , وقدرت مدى سيطرة الاعلام الامريكي والعربي المتصهين على عقول المثقفين في بلادي , ولقد صدق الدكتور الفهيم الروايات التي تقول ان الشيعة في العراق يقتلون السنة , والسنة يقتلون الشيعة, وبناء على هذا المفهوم فقد رايت ان من حق جورج بوش ان يتعلم الغناء العربي , ويغني افرح ياقلبي , فمع حرب ضروس افلست بسببها اعظم دولة في تاريخ البشرية , ومع اكثر من نصف مليون من شرطة وجيش عميل , ومعهم اكثر من مائة الف مرتزق , و مثلهم من مرتزقة البيشماركة , ويضاف لهم جيوش دولة الوحدة الاسلامية دولة ايران الصفوية , بقضها وقضيضها , ومع كل هؤلاء تجار الاعلام العربي المتصهين , ومعهم الاحزاب العربية الاسلامية والتي تقوبأت لتصبح قنطرة الاحتلال واعوانه تحت شعار الحرب خدعة , وكل هذه الجيوش التي تعيث قتلا بالشعب العراقي سنة وشيعة ومسيحيين , ومع تشريد اكثر من ستة ملايين عراقي داخل وخارج اوطانهم , ثم ياتي طبيب فارغ جالس في عيادته يسرق مرضاه ويقلع عيونهم , فيقول ان الشيعة تقتل السنة , والسنة تقتل الشيعة , وتذكرت حينها قول نبي النور : قل خيرا او فاصمت , وليته صمت , ولكنه كالطفل الذي يتعلم السباب لاول مرة فيسب والديه مع اول قبلة, والمصيبة ان اعلام العالم كله كتب ويكتب عن كتائب الموت , ودور الاحتلال في حمايتها, وهو نفس الاسلوب الذي اتبع في نيكارغوا , وفيتنام , وامريكا اللاتينية, وغيرها, ولو قالها انسان عادي لعذرناه اما ان يرددها مثقفوا اليوم واطباء وبدرجة برفيسور معروف , فهي من اكبر الطامات, وخزي شديد وبعد سنوات من الاحتلال , فاي اعلام يمتلكه العرب اليوم , واي فكر يحمله مثقفوا اليوم ,وتوقعت ان يساهم البرفيسور المذكور بتقديم مساعدات طبية , ولكني كنت دائما اقول ان علتنا في مثقفي اليوم , فهم مابين تافه وبليد الا من رحم ربي , وليس ادل على ذلك من تلك التظاهرات التي تتجمع عقب كل مصيبة تحدث في عالمنا الاسلامي , والشعارات التي ترفع وعلى راسها افتحوا باب الجهاد , افتحوا باب الجهاد , وكنت اضحك من تفاهة هؤلاء المجاهدون الذين ينتظرون الحاكم العربي ليفتح لهم باب الجهاد , وكانه لم يعرف ان الحاكم العربي ارتبط وجوده بمدى اغلاقه هذا الباب , وان باب الجهاد قد فتحه الله وقال عنه نبي النور ان الجهاد ماض الى قيام الساعة , فكفى تفاهة وبلادة يااصحاب العقول واتقوا الله في شعب العراق واهل العراق , ودماء اهل العراق.