المستجدات السياسية من الأحواز

تقرير خاص وخطير

آخر الأخبار الأمنية

www.arabistan.org

مواطن أحوازي

يعمل في إحدى الدوائر الأمنية الحسـّاسة

س . ك

قبل عدة أيام رحبت بعض الدول الأوروبية بالقرارات التي اِتخذتها الحكومة الإيرانية حول عدم تنفيذ أحكام الإعدام بحق اليافعين ممن لم يبلغوا سن الرشد،ورغم أنَّ الترحيب ذاك لم يقترن بطلب أي قرار حول مراجعة القوانين القمعية التي تطال الشعوب غير الفارسية الساكنة في جغرافية ما تسمى بايران،أولاً،مثلما لم تأتِ أية مطالبة من قبل تلك الدول حول ضرورة تغيير الظروف الموضوعية والذاتية التي ترتبط بالسياسة الحكومية الفارسية الصفوية التي نص دستورها على رؤية أيديولوجية معينة،تحدد طبيعة الرئاسة الإيرانية بحيث تمنع أية شريحة سكانية من إمكانية الصعود للسلطة السياسية أو المشاركة الأساسية فيها ـ على سبيل المثال وليس إيراد كل أنواع الاِضطهاد بحق طلائع الشعوب ـ ثانياً،ناهيك عن وجوب مراجعة الأضرار التي نجمت عن سياسة منهجية لصدور أحكام الإعدام وتنفيذها على مدى العقود التي تبوأ فيها الملالي سدة السلطة،وهم ضحايا السياسة الفارسية الصفوية القمعية الجائرة التي تجاوز عدد ضحاياها عشرات الألوف من أبناء مختلف القوميات المكونة لـ(جمهورية إيران الإسلامية)،وذلك من خلال الاِعتراف بتلك الجرائم السياسية والتعويض عن الضحايا معنوياً ومادياً، ثالثاً .

 ويبدو أنَّ آلة القمع الفارسية قد كلـّت من كثرة الجرائم المرتكبة،أو وصل بالسلطة القمعية ذروة عجزها عن مواصلة تلك المناهج القمعية،أو ربما وصلت ردود الفعل السياسية الدولية على النهج القمعي الإيراني إحدى قممها،الأمر الذي أدى إلى معاودة السلطات الفارسية قراراتها عن ممارسة هذا الشر،نستخلص ذلك من التجربة السياسية الحيّة التي كان شاهدها دعوة السلطة السياسية الإيرانية أغلب شيوخ العشائر العرب المتواجدين في القطر العربي الأحوازي،للاِجتماع مع كلٍ من:المرجع السياسي والفقهي لنظام الملالي الإيراني علي خامنئي،ورئيس جمهورية الملالي أحمدي نجاد،وذلك يوم 25 من شهر تشرين الأول لهذا العام : 2008،وكان مكان اللقاء في العاصمة الإيرانية طهران،وهو ما يعد الاِمتداد العملي لتلك السياسة المخاتلة التي هدفت إرضاء الدول الأجنبية:وخصوصاً الأوروبية،من جهة، وتنفيذ السياسة الفارسية الصفوية عن طريق (الأيدي العربية) ومن خلال إعطاء بعض الصلاحيات لمجموعة من الشيوخ في سياق الجهود الناشطة على قدم وساق للقبض الكلي والمطلق على النشاطات الأحوازية الذي لوحظ من قبل الأجهزة القمعيـة،تصاعد فعالياتها السـياسـية والكفاحية خلال الفترة الأخيرة.أي أنَّ السلطة الفارسية الصفوية تريد أن تعيد إنتاج الطريقة الأمريكية التي نفذت خطواتها الإجرامية في العراق،عندما قامت بتأسيس تنظيمات الصحوات المسلحة والمرتشية في العراق،خصوصاً في مناطق النشاط المسلح ضد الوجود العسكري الأمريكي:والنجاح النسبي للتجربة.

ولكن ما هو الثمن الموعود الذي تقدمت به أعلى السلطة الطائفية والعنصرية الحاكمة في إيران ؟! .

 مما يتضح من خلال الأنباء الراشحة عن ذلك اللقاء،أنَّ المجرمين اللذين يرئسان السلطة المذهبية والسياسية لإيران:قد قدما الوعود المجزية لجميع المشايخ العرب عن عزمهما اِتخاذ الإجراءات اللازمة التي تقضي بإصدار تعليمات لأجهزة الأمن المسعورة،يمنعون بموجبها عمليات التعذيب بكافة أشكالها:من قبيل الضرب والشتم والتعليق وخلاف ذلك مما اِبتدعه الفرس والاِكتشافات المتفردة على مسـتوى التعذيب التي قامت بها الأجهزة الأمنية، وحسب قولهما،أنّ هذه الأساليب قد أثارت ردود فعل واسعة لدى العرب،ومن دون أن تؤدي إلى نتيجة سياسية تستطيع معها تقفيص الإرادة الوطنية للمعتقلين الأحوازيين،ولكنهما اِشتراطا لتنفيذ هذه السياسة الجديدة هو قيامهم بضبط حركة أفراد عشائرهم وأبناء القبائل العربية بما لا يؤدي إلى (محاربة أو مناهضة النظام الإسلامي) وفقاً لمزاعمها .

 ورغم أنهما لم يتحدثا عن حقوق الشعب العربي الأحوازي الوطنية وضرورة الدراسة باللغة العربية خلال المرحلة الاِبتدائية وإيقاف التوسع الاِستيطاني والاِمتناع عن القيام بمصادرة للأراضي وترحيل السكان وإطلاق سراح المعتقلين أو السجناء،فإنَّ ذلك اللقاء وما أدليا به كل من خامنئي ونجاد،على وجه التحديد،يشكل اِعترافاً غير مسبوق بالقمع الرسمي للسلطة السياسية،وإيغال أجهزة القمع بالتعذيب واِنتزاع الاِعترافات المزورة عبر وسائل التعذيب وأخذ الكفالات الباهظة من العرب الأحوازيين،من جهة أولى،ويشكل طابع الإدانة الشاملة لماضي (الجمهورية الإسلامية) على المستوى السياسي والإداري،من جهة ثانية، وحبذا لو كانت تلك التصريحات قد اِقترنت بعملية (إصدار مراسيم عفو) عن السجناء الأحوازيين،رغم إسداء الوعد بعدم إبقاء المعتقلين لفترات طويلة بالسجون القمعية وعدم ممارسة التعذيب بحقهم،والاِستعاضة بدلاً عن اِستخدام تلك الوسائل والأساليب،من خلال (الإرشاد والتثقيف والتعليم على الطاعة لأولي الأمر)،من جهة ثالثة .

 ولكن أخطر تلك الوعود الأفعوية الفارسية الصفوية هو إعلانهما بضرورة قيام (الشيوخ العرب وعشائرهم) بتوفير الحماية لـ(مستوطنين الفرس) ممن يقطنون الأراضي العربية بعد اِغتصابها،وضرورة إعلام الأحوازيين بعدم مهاجمة أولئك المستوطنين،وأشاروا بشكل غير مباشر إلى تجارب مماثلة تجري في المنطقة يجري فيها تسليح السكان (القادمين)،ويقيناً أنهم كانوا يقصدون قيام سلطات الاِغتصاب الصهيوني بتسليح المستوطنين الصهاينة في فلسطين العربية لمحاولة القضاء على المقاومة العربية الفلسـطينية هناك .

 والغريب أنه جرت في أعقاب ذلك اللقاء عمليات تســليح واسـعة،وبشـكل رسـمي، للفرس البختيارية،فيما قال أحد جنرالات الفرس بأنَّ ذلك الأسلوب هو مجرد بداية وسيتلوها تسليح اللور،فيما قال كل خامنئي ونجاد أن المطلوب من الشيوخ العرب هو حماية ((القادمين الفرس) من أية عمليات عسكرية (للاِنتقام) على أيدي العرب الأحوازيين،موضحيَن أنَّ ((الأحوازتعيش حلة ترقب واِنتظار يجنح فيها الناس لمهاجمة الإيرانيين القادمين،وأنَّ حالتهم الراهنة ّ تشبه (حالة النار المتقدة تحت الرماد) ينتظرون خلالها أية فرصة ((مواتية لقتل الفرس في أية لحظة اِضطراب قد تنشب في الأحواز)) حسب قول أحدهما .

 إنَّ تحويل المسألة الوطنية الأحوازية إلى مجرد فعل طائفي يتمحور حول اِنتقال أغلبية الشبيبة الأحوازية إلى إحدى (مذاهب أهل التسنن) ـ وفي هذا اللقاء لم يتحدث (كلٌ من المرجع الفقهي والرئيس الإيراني) عن المذهب الوهابي،الذي طالما شكل المادة القانونية التي تجيز الأحكام الجائرة بالسجن المديد،أو صدور قرارات الإعدام بذريعة (المفسدين في الأرض)،وإنما اِكتفيا فقط بذكر(مذهب أهل التسنن)،ولفهما العجب من إصرار (الشبان العرب) على قناعاتهم المذهبية الجديدة،دون إدراك أنَّ الشـباب الأحوازي هم مؤمنون بقضـيتهم الوطـنية والقومية،وليست متعلقة بعبارة عابرة عن مسألة طائفية،ويبدو ذلك واضحاً من قولهما : إننا نعتقل عشرات الشباب ونمارس بحقهم شتى الأعمال والمحادثات، ولكن لم نتمكن حتى الآن من محاصرة التمدد للتسنن،وإنَّ اِضطراد المؤمنين بالتسنن في اِزدياد وقد وصل الى أكثر من (1,200,000) انسان تسنن،او بالأحرى(تأسلم)،وهو مايفتح المجال لتدخل الدول الأجنبية في الشأن السياسي الإيراني،وفقاً لمزاعمهم.

في أية حال،أنَّ الذي يهمنا هو القول التالي الموجهة لطغمة الملالي الفارسية الصفوية : أنَّ أية محاولات ترقيعية لن تصل نتائجها السياسية إلى ما يرجون ويأملون:كحكام فرس صفويين،فالأمر الموضوعي والصحيح والطبيعي هوالتعامل مع القضية الأحوازية وطلائعها المقاومة. . .هو التعامل معها على أساس سياسي،وليس التعاطي الأمني معها، وهو أقصر الطرق لتجنيب شعبنا وسلطة الملالي الويلات الناجمة عن المقاومة الوطنية الشاملة،من ناحية،ونتوجه كذلك،إلى هؤلاء الشيوخ،بأنهم من الضروري أنْ لا يقعوا ضحية المخاتلات السياسية التي يروجها المسؤولون الأساسيوون لنظام الملالي المتسلطون على الشعوب الإيرانية كلها،إذ أنَّ ساعات ظلمهم الجائر إلى زوال قريب،ولن تنفعهم أية ضمادات مهدئة لمرض أصاب مفاصليهم التي غدت إلى شكل الطين أقرب في رخاوتها .

20 – 10 – 2008