هل دخلت سوريا الخطر
رأي الأهرام
إنفجار مرَّوع آخر بدمشق من جراء سيارة ملغومة، وكالعادة لا أحد يعرف من المستهدف ولا ما هي الجهة التي وراء هذا العمل المرَّوع، وسارعت سوريا الرسمية على لسان وزير داخليتها اللواء بسام عبد المجيد لتؤكد أن انفجار السيارة هو عملية إرهابية، دون اتهام أي جهة..!! وللأسف سقط عدد كبير من الضحايا كلهم مدنيون!
إلا أن السؤال سيظل دوماً: من الفاعل وماذا يُريد!!؟؟
أخطر تساؤل: هل العملية بداية لعودة سوريا إلى حُقبة الاعتداءات الدامية مثلما كان يحدث خلال الثمانينيات!؟ وذلك في ذورة نشاط الأخوان المسلمين بسوريا.
وبرغم ذلك لا يُمكن استبعاد وجود خلافات ما بين الأجنحة المتنفذة في سوريا، أو ما ذهب البعض إلى حد القول بوجود صراع على السلطة أو تصفية حسابات بين هذه الأجنحة. ويُشير هؤلاء إلى اغتيال "عماد مغنية" أحد كبار قادة "حزب الله"، وبعدها جرى اغتيال العميد "محمد سليمان" المسؤول الأمني لمركز الدراسات والبحوث العلمية في سوريا والمعروف بقربه الشديد من الرئاسة السورية، حيث تردد إنه أحد المقربين من الرئيس بشار!
ومنذ اغتيال "مغنية" في فبراير/شباط وقتل "سليمان" في أغسطس/آب الماضي، لم يتضح شيء بالرغم من تأكيد "بثينة شعبان" المستشارة السياسية والإعلامية للرئيس بشار بأن تحقيقاً قد فُتح لمعرفة مُلابسات اغتيال "سليمان"، وكثيراً ما يتم الإشارة إلى (إسرائيل) بوصفها المتهم الرئيسي في أي عمليات اغتيال، إلا أن السؤال الذي لم يتم الإجابة عنه: كيف تمكنت (إسرائيل) من ذلك، وهل لديها عملاء ساعدوها، وأي نوعية من العملاء تلك التي تصل بذراع الغدر (الإسرائيلي) إلى نقطة اغتيال "مغنية" و"سليمان"!!؟؟
إلا أن المشهد السوري وقائمة خصوم سوريا لا تتوقف عند (إسرائيل) وبعض الجهات التي تُسيء فهم الإسلام، بل القائمة تتسع حسبما يقول "إبراهيم دراجي" أستاذ القانون الدولي بجامعة دمشق: "علينا أن نُدرك أن سوريا مستهدفة سواء من دول تتعارض مصالحها معها وتضررت من الموقف السوري في قضايا لبنان وفلسطين والعراق، أو أجهزة استخبارات وجماعات أخرى تجد أن لها مصلحة في زعزعة الأمن والاستقرار في سوريا."
ويبدو أن القائمة طويلة ومتشابكة ومعقدة، إلا أن الشيء شبه المتفق عليه ما بين أصدقاء وخصوم سوريا هو غموض السياسة السورية والتباسها بذات قدر الغموض الإيراني، وإرسالها إشارات متعارضة، وفوق هذا كله فإن الاتهامات المستمرة لدمشق من لبنان ليست خافية على أحد؛ وآخر الأمور تلك التعزيزات السورية على الحدود المشتركة مع لبنان في يوليو/تموز الماضي، والتي قال الجيش اللبناني أنها عشرة آلاف جندي من القوات السورية الخاصة يتم نشرها في لبنان وسوريا، وقالت سوريا أنها إجراءات أمنية داخلية ضد عمليات التهريب والتصدي لانتهاكات أخرى للأمن الداخلي السوري، ترى ما هي هذه التهديدات!!؟؟
إلا أنه وسط هذا كله فإن سوريا لم تُساعد مواطنيها وأشقاءها العرب بتوضيح حقيقة ما يجري، وماهي الخيارات السورية الحقيقية، وفي أي معسكر ترغب: السلام والإصلاح والشفافية أم شعارات المواجهة وقائمة لا تنتهي من الأعداء والعمليات الغامضة واتهامات تُحاصرها بالإرهاب!؟
جريدة الأهرام