استكمال نفوذ بني مخلوف على السلطة
في دمشق وأُفول دولة آل الأسد
مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن
[email protected]
قال تعالى "وتلك
الأيام نداولها بين الناس
"
سُنّة الله في الأرض ولن نجد لسُنته
تبديلا ، وهي التغير والتبديل والصراع والتدافع ومن ثُمّ دفع الأثمان ، وها نحن
نشهد في سورية زوال دولة آل الأسد وسيطرة آل مخلوف الأسوأ سمعةً وأعمالا وتعاملاً
، والتي بدأت تضرب جذورها في صلب النظام ، وتدق أوتادها في كلّ مفاصل الدولة ،
لتقتلع سلطان آل الأسد بعد طول عهد بالاستبداد والظلم على يد مؤسسها حافظ الأسد ،
الذي سلّم الأُمور من بعده إلى ابنه بشّار الغير مُهيأ لمثل هذا المنصب ، مما أثار
حفيظة أُولي العُصبة ، وحنق شعبنا المُصابر ، مما دعا بشار للارتماء في أحضان بني
مخلوف ، بإيعاز من أُمّه وتأثير عاطفي منها على ابنها المُدلل ، الذي بدأ عهده
بمحاربة أعمامه وبنيهم ، وكُل من يمت بصلة بأسرة الأسد ماعدا إخوته الذين ارتضوا
تخويل النظام بإبعاد أُولي العصبة الأسدية الذين كانت لهم اليد الطولى في تثبيت
نظام المؤسس ، ثُمّ انتهى دورهم عند هذا الحد ، للبدء في عهد جديد ، ودولة جديدة
مبنية على أكتاف بني مخلوف ، الذين ابتدءوا عهدهم بكل أنواع الظلم والقهر والتعدّي
على النّاس ، بدلاً من التسامح والتحاور وقبول الآخر ، ليُستخدم المخلوفيين كما
استخدم البعض من آل الأسد الذين لم يُحسنوا التعامل مع النّاس ليجعلوا لهم أرضية مع
الشعب بحيث لا تؤثر فيهم العواصف العاتية ، لكنهم أُزيلوا بقرار مصدره أُمّ باسل "مخلوف"
لحساسيات سابقة ، وتفضيل عُصبتها عن عصبة زوجها ، ولم يبقى من ذكرهم إلا أفعالهم
السيئة ، وليحلّ محلهم لفترة من الزمن آخرون ، ضمن إطار لعبة الزمن ، وسُنّة الله
في التبديل والتمكين للآخرين ، ولكن السؤال في مثل هذه الحالة هو : من سيُبدّل من ؟
- بني مخلوف سيُبدلون آل الأسد ام العكس - وهل سيستمر الحال أسدياً ضمن هذه الأُسرة
الصغيرة ويكون بني مخلوف تابعين لهم ؟ أم هي فترة من الزمن نشهد فيها انقلابا
ابيضاً ليعتلي سدّة الرئاسة رامي مخلوف ويُطيح بآخر بقايا آل الأسد ؟ أم نشهد
صراعاً طبيعياً فيما بينهم ضمن الصراع على السلطة ؟ أم نشهد انقلابا جماهيرياً
يُطيح بكل هذه الرؤوس التي شاركت في خراب سورية ؟ وكل تلك الأسئلة مشروعة في ظل
الوضع الراهن والصراع الجلي على السلطة
وقبل البدء في الموضوع سأورد هذا الخبر
الذي جاء في المرصد السوري وهو " الحكم بالسجن خمس
سنوات على منذر جميل الاسد ابن عم الرئيس السوري المتواري عن الأنظار
وتثبيت الحكم بجرم التزوير واستخدام مزور
بتبصيم والده وهو في مرض الموت على ورقة طلاق زوجته
الأخيرة آمال عزيز نعمان – التي طُلقت قبل ثمان أشهر من موته التي لها ابن من جميل
اسمه حيدر ، إثر نشوب خلاف مالي على
التركة وقدرة ستة مليارات بين آمال ومنذر وفواز
ستّة مليارات دولار ما يُساوي 300 مليار ليرة سوري ، وهذا
ما عُرف منها مما تركه الداعية
والمُبشر الشهير في سورية لأفكار بني فارس عبر جمعيتة المُرتضى الذي كان حليف بشّار
إلى يوم مماته، والذي اُنتشرت قضيته في المحاكم الفرنسية عبر رفع الدعاوي بين
الورثة ، وهو في الأصل ليس إلاّ موظفٌ بسيط وابن فلاّح لا يملك قوت يومه ،ولم يُعرف
عنه اشتغاله في التجارة أو ما شابه ، مما سبب ذلك إلى فضيحة عالمية، وصار من حقنا
كشعب أن نسأل ورثته وأبناءه وزوجاته وُعصبته وأرحامه ومواليه وذراريه عن مصدر كل
ذلك الثراء ، كما نسأل بني مخلوف الذين لم يكن لهم تاريخ يُذكر بالثروة أو المشاريع
عن ثروتهم التي فاقت أضعافاً مُضاعفة ما عند جميل ، لنقول لهؤلاء جميعاً من أين لكم
هذا ؟ ، حيثُ أنّ شعبنا لم يعرفهم إلاّ فقراء فآواهم و لم يُفرق حينها بينهم وبين
أحدٍ من أفراد المجتمع كما هم يفعلون الآن ، فدخلوا في البعث مع البيطار وعفلق
والحوراني فقلنا ومالو فالوطن يتسع للجميع ، ولكنهم ما إن تمكنوا إلاّ وكسروا اليد
التي امتدت اليهم ، فأطاح زعيمهم بكل من عاونه ، وحتّى بمن صنع مجده وأوصله إلى
قمّة الهرم من الذين ذكرتهم وجديد والأتاسي وكُلّ من وقف معهم ، وظنّ فيهم الظن
الحسن ، وقتلوا وشردوا بأبناء الشعب الكثير الكثير ، عبر مجازر جماعية يُندى لها
جبين الإنسانية ، وحتّى رفاقهم لم يبخلوا عليهم من سفك الدماء ،ولا حتّى الأكراد
لم ينسوهم من الانتقام من أول يوم لوصولهم للسلطة ، عبر الإحصاء التعسفي الجائر ،
ثُمّ عملوا على تقسيم الشعب إلى شرائح ليستفردوا بهم واحداً وراء الآخر ، بدءاً من
الأخوان المسلمين والشيوعيين ثمّ الليبراليين والعلمانيين حتّى وصل الدور إلى
الأُسرة الأسدية التي لا أُخطئها جميعاً ، بل فقط لمن ارتكب الإثم والعدوان ولم يتب
، ليذوق هؤلاء من وبال أمرهم ، وليحلّ آل مخلوف الأكثر التصاقاً ببشار والأكثر ثقةً
بالأُسرة الصغيرة المتسلطة ، ولينته آل الأسد على مايبدو وإلى الأبد وليستطع دور
آل مخلوف الملحوظ
وهذا الكلام ليس خيال ، بل هو عين
الحقيقة ، بحسب الأخبار الموثوقة التي تصلنا تباعاً من الدائرة الأضيق في النظام ،
ولعلاقتنا مع بعض أفراد الأُسرة المُمتعضين مما آل إليه حالهم ، وتمكين آل مخلوف ،
ولورود الأخبار المتوالية التي تصلنا وتؤكد نفوذ رامي مخلوف من السلطة ما يفوق
بشار الغارق بمُتابعة ومُراقبة آل الأسد ، وكذلك لا يخفى على أحد نفوذ ابن مخلوف
المالي الذي يُعتبر الخزانة والصندوق المالي لبشار وإخوته ومن يلوذ بهم ، وكل هذا
عزّز من موقع رامي مخلوف الذي يستحيل أن تصير كلمته اثنتان ، أو يُقطع بأمر دون
مشورته ، مما أثار ذلك تزمراً كبيراً في قطّاعات الجيش ، التي أمر بعض قطّاعاتها
للتحرك إلى الشمال الحدود بالقرب من الشمال اللبناني ، ليضرب عصفورين بحجر واحد ،
الأول : بتوجيه رسالة إلى اللبنانيين لنسف مُصالحاتهم ، والثاني أبعاد بعض القادة
ذو الولاء لآل الأسد عن المركز والعاصمة كي لا تتكرر مشكلة عام 86 التي كانت بين
الأخ وأخيه ، ولذلك وبحسب المصادر نفسها ،جاء الحكم على مُنذر الأسد بخمس سنوات في
هذا التوقيت في سياق التخلص من التبعية الأسدية وإرهابهم ، والتي يحلّ محلّها
أوتوماتيكيا المخلوفية
و نحن كسوريين لا يسعنا إلاّ أن نُطالب
برد كُلّ الأموال المنهوبة ، وفتح تحقيق بكل هذه المعلومات عن مصدر الثروة المُريب
، والتي أتت نتيجة الفساد وسياسة تكميم الأفواه ، والتي قُدّرت بما يزيد عن المائة
مليار دولار ، ذهب مُعظمها إلى الخزينة المخلوفية ، ومن يلوذُ بهم من الأقليّات
المُحيطة بمن يدعم التوجهات الجديدة – انتقال الأمور إلى آل مخلوف – كزوجة العم
جميل الأسد وأشباهها من الناقمين عن البقايا الأسدية ، ليُشكلوا حلفاً وقوىً جديدة
تأخذ بزمام الأمور إلى الاتجاه الآخر ، ولينتهي أي دور أسدي على أقل تقدير في هذه
المرحلة التي تلعب فيها أُم باسل الدور الأكبر للتخلص من بقايا زوجها ، حتّى وإن
كان ماهر وبشّار وبُشرى من آل الأسد ، ولكنهم الأقرب والأكثر اعتزازاً بآل مخلوف ،
ونحن نشهد مثل هذه الحالة في الكثير من العوائل ، وبالتالي ليس من الغريب أن نرى
هذا الميل والرجحان في الكفّة لاسيما وأنّ مصالح هذه الأُسرة الحاكمة كُلّها بيد
آل مخلوف ، التي استطاعت التخلص من الدكتور رفعت الأسد وآخرين من الأُسرة من أبناء
العمومة ، بعدما أوجدت الشرخ الكبير بين الأُسرة الأسدية الصغيرة والأوسع ، اللذان
لم يعدا يثقان ببعضهما البعض ، وكُلٌ منهما يتربص بالآخر لنرى الانقسام الكبير في
هذه العائلة التي لا يستطيع أحد التنبؤ لما سيؤول إليه أمرها ، ولكن شيء واحد لن
يستطيع أحد تجاهله هو إصرار شعبنا السوري للتخلص من السلطة الحاكمة اللا شرعية
والمُغتصبة ، ونحن مع أي جهد ومع أيٍ كان يعمل من أجل هذا الهدف ، وخاصة أننا لم
نصنّف آل الأسد كلهم كأعداء إلا من ارتكب جريمة ولم يُكقّر عنها.