الانتشار السوري والاختراق الإرهابي
فكّر فيها :
مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن
لم نشك لحظة واحدة بعبث النظام السوري بأمن لبنان لنشر الفوضى الخلاّقة فيه بغية عودته من الطاقة بعدما أُخرج من الباب ، كوني خبيراً ضليعاً بصنائع النظام في لبنان الذي عشت فيه قرابة السنة أول خروجي القسري من سورية ، ورأيت فيه من أعمال وجرائم النظام هناك ما رأيت ، ما تشيب من هوله الولدان ، وما تستنكره كُلّ الشرائع السماوية والقوانين الأرضية التي آمل أن يُفتح بها تحقيق واسع لأكون أول الشهود ، من عمليات القتل على الشُبهة والنهب والسرقة والاغتصاب والتعدّي على النّاس وفرض الإتاوات وتهريب وبيع المُخدرات ، وعمليات إذلال اللبنانيين بشتّى الأنواع والوسائل... ولكن ما أود الحديث به هنا .. لا يتعلق بتوجيه الاتهام المُباشر من باب الحيادية في الكتابة، ولكن فقط أضع النُقاط بحسب تسلسل وورودها ، ليستنتج القارئ ما يشاء من النتائج ، وقبل أن ابدأ باستدعاء التفكير.. لابد أن أضع القارئ والمُتابع ما التقطته من الوكالات خلال الأيام الماضية وما قيل في الأخبار عن الانفجار الغامض الذي استهدف ضابطاً فقرياً في السلطة الحاكمة ، من الذين تمّ استدعائهم للجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الحريري رحمه الله - التي اقترب يوم انعقادها -عند قسم الدوريات التابع لفرع فلسطين، والأسباب الأخرى التي دفعت النظام إلى الإعداد لقتله بسيارة مسروقة مُفخخة على الأغلب تمّ تجهيزها في لبنان من قِبل الاستخبارات السورية التي لا تزال تعمل في لبنان ، لتعبر الحواجز الكثيرة بسهولة ،وتصل إلى المكان المُحدد لتنتقي هذا الضابط ومعه عشرات الأرواح البريئة ،التي جُعلت غطاءً للتعمية عن أهداف هذه العملية الإجرامية الشنيعة ذات الأبعاد المُتعددة ، ليُثار لغطٌ واستعطاف دولي باسمهم ، ويصل النظام إلى ما يُريد من الأهداف ، وتضيع هذه الدماء البريئة سُدىً بل إلى حساب النظام ، بل والجُرأة في التخلص من شهود اغتيال الحريري واحداً وراء الآخر ، والذين كان آخرهم قبل هذه الحادثة العميد محمد سليمان صلة الوصل مابين القصر الرئاسي وبين الأجهزة الأمنية المُكلّفة بتنفيذ مهمّات ارهابية في الداخل السوري وخارجه ، وصلة الوصل مابين القصر والوكالة الذرّية بحسب ما كُشف النقاب عنه مؤخراً من قِبل البرادعي والدبلوماسيين الأجانب .
لذا وقبل الدخول في الموضوع أود أن أُنبه كُلّ متورط مع النظام بجرائم سُرعة النجاة واللجوء للمُعارضة أو الجهات القانونية الدولية لحمايته من الموت المُحقق المُتربص به في حال شعر النظام بخطورته عليه ، مهما كان هذا الشخص قريباً من النظام ، والذي لا أعتقد بأنّه سيكون أقرب من غازي كنعان ومحمد سُليمان اللذان تمّ تصفيتهما بدم بارد ، إن كان على استعداد ليكون شاهد على جرائم النظام
وأمّا النقاط المُثارة حول جريمة التفجير في دمشق للتفكير فيها وإحداثياتها ، فهي كما يلي:
أوّلها : عند زيارة الرئيس اللبناني الأولى بعد اتفاق الدوحة لسورية ، انفجار في باص في طرابلس قادماً من عكّار يحصد العديد من العسكريين والمدنيين اللبنانيين ، والذي قيل في غاياته بأنه يهدف إلى تعطيل المسار التطبيعي المطلوب بين البلدين وتعطيل النتائج المُعلنة لزيارة الرئيس سليمان لا سيّما لجهة المباشرة في إقامة العلاقات الدبلوماسية وتحديد الإجراءات المتعلقة بترسيم الحدود
ثانيها : خطاب الرئيس السوري الغير بريء عند زيارة الرئيس الفرنسي ساركوزي إلى دمشق ، الذي حمل فيه على أهلنا الطرابلسيين ، بعدما وصف مدينتهم ببؤرة تفريخ التشدد وتصدير الإرهاب ، ليكون ما بعد هذا الهجوم التحشيد على الحدود
ثالثها : الحشود العسكرية السورية بالآلاف مع حدود لبنان من جهة الشمال مع طرابلس ، ومن بعده بأيام ؟؟ دخول سيارة مُحمّلة ب 200 كيلو من المُتفجرات من بين التحشدات العسكرية ، قادمة من لبنان كما ادّعى النظام السوري ، لتصل إلى قلب العاصمة السورية ، لتستهدف ضابطاً كبيراً وآخرون لم يتم الإفصاح عنهم ، وتقتل العشرات ، ليتم بعد يومين تفجير مُماثل في طرابلس بعسكريين لبنانيين ، بغية توجيه الاتهام المُباشر لهذه المدينة السُنّية الحريرية الأغلبية ، التي طوال مدّة الفتنة التي زرعها النظام السوري لم تُشارك فيها أو لم يصدر عنها أي قلاقل أو إشكالات إلاّ بعد غزو حزب الله بيروت ، والقرار السوري الإيراني من بعدها عبر أدواتهم لجعل العمليات العسكرية والجرائم مُتنقلة مابين أنحاء لبنان ، فهل لنا ان نستنتج بعد هذه المُعطيات ، والأهداف التي تكمن وراءها ؟ أم الصورة لا زالت ضبابية عند البعض
وخاصة إذا حللنا بدقة عن أسباب سرعة النظام السوري في الإعلان عن خبر التفجير الدمشقي الآثم ، وحديثه بتفاصيله المُملة والأوزان التي اسُتخدمت والأضرار وبيانات الاستنكار ، وما توقعوه من الردود ، وكُثرة المُتحدثين ، والتركيز عليه على أنّه صُنع في الخارج أو ما وراء الحدود ، مما اعتبره البعض بمثابة إشارة مُبيته من النظام لأهل طرابلس، في نفس الوقت الذي لم يذكروا شيئاً عن مقتل الضابط الكبير ، الذي قيل عنه الكثير ، ومنها علاقته بمقتل الحريري ، بعكس الانفجار الكبير الذي حصل بمقتل مغنية ، والذي إلى الآن لم يُكشف النقاب عنه ، ولا عن أي تفاصيل ، ولا إلى ما وصلت التحقيقات بشأنه
وإننا في الختام كشعب سوري ومُعارضة ، نستنكر زج اللبنانيين وخاصة مدينة طرابلس في مشروع عدائي يستهدف أمنهم واستقرارهم من النظام السوري ، وكذلك نستكر أي تهديدات لهذا البلد العربي او غيره تحت أي مُبررات ومسوغات يسوقها النظام بدعوة تصديّه للإرهاب وهو مُصدره ، ونرفض أي تدخل في شؤونه الداخلية ، وخاصة بعدما اكتملت مؤسساته الدستورية والإدارية ، ونرفض لغة التهويل من شأن هذه المدينة التي ما كانت في يومٍ من الأيام ولن تكون إلا عاصمة الأمن والأمان ، أو أن تكون ساحة لتصفية حسابات النظام السوري الداخلية والإقليمية ، وأنّ مامرّ عليها من بذور الفتنة ليس إلاّ عارضاً بفعل تدخل النظام في شؤونها الداخلية وتأليب أهلها على بعضهم علويين وسُنّة بقصد استغلال ذلك ، ونحن نُدرك أبعاد هذا التدخل السافر ، وخاصةً بعدما أُخرج النظام من هذه المدينة الباسلة في السابق ، وبعد المُصالحات التي جرت والتي حقنت الدماء بين الأشقاء الطرابلسيين
ولا يسعنا في النهاية إلا أن نُهنئ شعبنا السوري الحبيب بُكل فئاته وشرائحه في الداخل والمهجر والمنافي ، لاسيمّا المُعارضة الوطنية منها ، وكافة الشعوب العربية والإسلامية ، بعيد الفطر السعيد ، آملين من الله سبحانه أن يكون عيد سرور وفرحة على الجميع ، وأن يفك الله سبحانه أسر المأسورين من إخواننا المُناضلين والمُجاهدين من سجون الظلم والظلام في السجون والمُعتقلات السورية ، وعودة مئات الآلاف من المنفيين قسراً إلى أحضان الوطن الغالي بعد فراق طال لعقود من الزمن بغير حق ، بفعل جبروت النظام وطغيانه ، ومُحاولة قهر إرادة شعبنا الكريم ، وكما يقولون بأنّ للباطل جولة وللحق ألف جولة ، وقد آنت نهايتهم ومصير الظلم الى زوال ، وأملنا بالله كبير ، وما خاب من اتكل عليه ، وإنّا موقنون بالخلاص عمّا قريب بإذن الله ، وحينها سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.