سفينة فك الحصار والنخوة العربية الميتة

سفينة فك الحصار والنخوة العربية الميتة

تحسين أبو عاصي

– غزة فلسطين –

[email protected]

تحرك أخيرا وبعد وقت طويل جزء من الضمير الإنساني ، ظهر ذلك جلياً من خلال التعبير القوي عن الإرادة الإنسانية الهادفة إلى فك الحصار عن المحرومين والمحاصرين في قطاع غزة ، حصار على مسمع ومرأى من العالم كله ، بمؤسساته الدولية واللا دولية ، والحكومية والمدنية ، هذا التحرك يستحق القائمون عليه كل الشكر والتقدير ، ولعل هذا التحرك النوعي البسيط في مبناه والعظيم في معناه ، يؤدي فيما بعد إلى حراك إنساني ، عربي وإسلامي وعالمي ، يفضي في النهاية إلى رفع الحصار عن المرضى الذين يموتون كل يوم ، وعن الجياع والمحرومين الذين يذوقون العذاب بكل ألوانه على مدار الساعة .

لقد سطّر القائمون على هذه الخطوة النوعية رسالة عظيمة في مدلولاتها إلى العالمين العربي والإسلامي خاصة ، وإلى العالم الغربي بشكل عام ، شعوبا وحكومات ، مفادها أن  راهبة كاثوليكية في الواحد والثمانين من عمرها تقطع البحار والقفار بإرادة فولاذية ، لهي أعظم كرامة وإرادة من كل الحكام والشعوب العربية والإسلامية إن بقيت لهم كرامة .

العشرات من مختلف الملل والنحل يخططون منذ عامين لفك الحصار ، انتهى بهم الأمر إلى نجاحهم في تبليغ رسالتهم النوعية ، فهل وضع العرب والمسلمون مجتمعون وبكل مؤسساتهم خطة واحدة لعلاج طفل يعاني من مشاكل صحية في قلبه ؟ .

عجوز بريطانية في الرابعة والثمانين ، تملك إرادة لطالما افتقر إليها شبابنا من العرب والمسلمين ، منعها طبيبها من ركوب البحر خشية على صحتها ، من بعد أن تمكنت من الوصول إلى قبرص قادمة من بريطانيا ، لهي أعظم من أولئك الرجال العرب والمسلمين الطاعنين في السن ، والذين يجلسون على الطرقات وأبواب المنازل وفي الدواوين والمقاهي ، من دون أن يقدموا لشعبهم مقدار القطمير أو الفتيل وكأنهم ينتظرون الموت على هامش الحياة . 

يهود ومسيحيون ومسلمون يصلون إلى ميناء الصيادين في غزة ( البسيط جدا )  وهو ميناء لا زال في طور الإنشاء ، وهم في حالة من الإعياء والتعب ؛ من أجل أن يوقظوا ضمير العالم الذي يغط في نوم عميق ، من بعد أن مات الضمير العربي ومن قبله الإسلامي ، ليسطروا من جديد أنه لا مكان للحقد ولثقافة الموت ونفي الآخر في ضمير الإنسانية المعذبة .

فهل يقدر العرب والمسلمون على فهم واستيعاب مدلولات هذه الرسالة ؟  

لقد أثبت النشيطون في مجال حقوق الإنسان أنهم أكثر رجولة من جميع القرارات العربية التي صدرت عن مؤتمرات القمم اللا عربية .

وأثبتوا أنهم أكثر شرف من الجامعة العربية التي صدر عنها قرارات وتصريحات غطت أفق السماء ، داعية إلى فك الحصار من دون أن تحرك ساكنا ، ومن هيئة اللمم المتحدة ومجلس الغم الولي .

كما أثبتوا وهم يتحملون المشاق والصعاب في رحلتهم الطويلة ، أنهم أكثر انتماءً إلى شعب فلسطين من كل القادة والحكام والشعوب العربية وغير العربية .

فهل ماتت النخوة العربية والإسلامية حتى أصبحت النساء المشاركات في سفينة فك الحصار أكثر نخوة من كل العرب والمسلمين !!؟ .