الدرع الصاروخي الروسي خير ؟

الدرع الصاروخي الروسي خير

أم الدرع الشعبي ومشعل تمّو ورفاق الدرب

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

القارئ لمجريات التاريخ والسياسة يجد أن لا شيء يدوم على حاله ، وإنما هي المُتغيرات وميزان القوى هي التي تتغير وتفرض نفسها على كُل الساحات ، ولأن كان هذا الحليف نافعاً اليوم أو بالأمس لكنه في الغد قد يتغير الموقف ، وجميعنا يعرف أنّ حالة انهيار أي نظام تحتاج إلى جُهد كبير للإنقاذ ، ولا يكون ذلك إلاّ من الداخل وليس بالإعتماد على الخارج الذي يبيع ويشتري بمن يعتمد عليه بأي وقت ،والسياسة السورية في السابق كانت مُعتمدة على الخارج ومُفرزات الحرب الباردة ، ولكن إثر انهيار الإتحاد السوفيتي جرى استغلال النظام السوري الذي ارتضى السير في مشاريع القطبية الواحدة حتى انتهى دوره المرسوم وأصبح غير ذي جدوى مما أزف موعد رحيله الذي ينتظر لحظة الإعلان عنها في الوقت المُحدد لها ، وبدلاً من التفكير بالاتجاه الآخر الشعبي والجماهيري والوطني ، راح هذا النظام يدخل في مشاريع خاسرة بغية المد في عُمره ولو لفترة من الزمن إلى أن يرى هذا النظام الرضا الأمريكي وحاجته لدور ما  يقوم به لإعادة المياه إلى مجاريها، والسياسة هنا لا تتعامل بالعواطف بل بالمصالح ، لذلك ظنّ النظام السوري بركوبه موجة المُفاوضات مع إسرائيل بأنه سيتعدّل الموقف ، لكنه وجد الاستدراج الإسرائيلي له الذي يُعطيه من طرف اللسان حلاوة ، ويروغ منه كما يروغ الثعلب ، ليعده في الختام بالسلام مقابل لاشيء ، وكُلّ يومٍ يضع عليه الشروط تلوى الشروط ، وبالتالي لا أدري إذا كان ذهاب بشار الأسد إلى روسيا لاستغلال الظرف المتأزم في البلطيق للاستفادة منه  للحديث مع واشنطن من البوابة الروسية في مُحاولة إعادة ظروف أجواء الحرب الباردة لاستغلالها والركوب عليها كما كان في السابق ، وكان ذلك واضحاً عند إشارة بشار الأسد بدعوته للروس لبناء درع صاروخي لهم في سورية لمواجهة الغرب وأمريكا على الأراضي السورية

نعم لمواجهة الغرب وأمريكا وصواريخهم العابرة للقارات ، والتي تكفي لو انطلقت لتدمير الكون عدّة مرّات ، تحت مُبرر النظام السوري الرد على بولندا التي قبلت بنصب صواريخ أمريكية دفاعية في أراضيها ، مما أثار حفيظتة فقرر الرد بالمثل ، ليظهر بمظهر المُرتهن المُخزي، وإن كانت بولندا غبية في تصرفها عند قبولها بأن تكون مركز الاستهداف الروسي عند نشوء أي صدام أو اختبار للعضلات ، مع فارق الأسلحة والعتاد مابين الدب الروسي والدول الرأسمالية الغنية التي لا تزال تُنفق المليارات لدعم مشاريع حروب النجوم والفضاء، وهذا يعني بالمشرمحي لتكون سورية تحت الرهان الدولي ومركز الاستهداف والسحق بمن فيها ، أو على أقل تقدير لتحويلها إلى عراق آخر أو أفغانستان أو صومال جديد على أقلّ تقدير، وساحة مُتقدمة لصالح الروس في مواجهة القوّة العالمية النووية والفتّاكة ، وكُل ذلك طمعاً في لفت نظر الأمريكي عسى أن يُعيد الاعتبار والاهتمام بهذا النظام ، ولا شك بأنّ كُل ذلك هو تعبير عن التخبط الكبير الذي تعيشه هذه القيادة المُنبتّة عن إرادة الجماهير ، والتي ترفض إلى يومنا هذا أي مُصالحة مع الشعب وقواه السياسية والاجتماعية ، لتتعلق بقشّة النجاة التي لربما يكون ضررها أكثر من نفعها ، إذ الغريق لو لم يكن يراها لربما ابتكر طريقة للنجاة قد تنفعه ، ولكن هنا باعتماده عليها غرق وفقد كُل أمل بالنجاة ، وليس هذا فحسب بل مُخاطبة الغرب أو الأمريكي بهذا الأسلوب أصبحت من اللغة البالية والبائدة ، ولذلك هم لم  يلتفتوا إليه ، بل أعلنوا وفي تحدٍ سافر لرأس من يُريد أن يستقوي به شروطاً وقرارات عليه أن يُنفذها ، وإلاّ .... ، مما أدّى ذلك إلى تراجع النظام عن هذا المطلب ونفيه بطلبه ذلك ، مما سبب نكسة كبيرة للمسار الذي أراد أن ينتهجه في التعاطي مع الشأن الدولي

وهو يفعل كُل ذلك كي يستبعد الشعب وقواه الحيّة والمُعارضة عن إيجاد الحلول ، والذين يُعتبروا بحق الرصيد الحقيقي والأمل المفتوح لنجاته ونجاة سورية بأكملها التي لا تُحمى بهذه الأساليب والارتماء في أحضان الغير ، بل بالاعتماد الأساس على الشعوب، ولن يكون ذلك إلاّ عند الدعوة إلى طاولة الحوار والتفاهمات ، والتحدث إلى الآخرين بلغة الوقت العصرية ، وليس باللغة الحجرية التي أكل عليها الدهر وشرب ، ولم تعد نافعة لهذا الزمان الذي قرر إنهاء كُل الدكتاتوريات سلماً أو حرباً ، بالرضا أو غصباً ، ويجري ذلك على قدم وساق بدءاً من الغرب وانتهاءاً بالشرق، وما كان بيع برويز مشرف أخيراً إلا كتعبير حقيقي عن هذا النهج الذي تُشجعه الشعوب وكل أحرار العالم ، لذلك فخطوط الطول والعرض لم تعد بعيدة عن الأنظمة الدكتاتورية ، بعد أن أصبح العالم أشبه بالقرية الصغيرة ، يُبصبص على سورية كُل القارات عبر الكاميرات ، وتنقل النبض وأحاسيس القلب في أقل من الثواني ، ليتحرك العالم المدني مع كُل نسمة هواء ، وليُحرك معه سياسيه إرغاماً أم عن طيب خاطر

وما جرى ويجري في سورية من عمليات القتل والاعتقال والتنكيل ، وإخفاء عشرات الآلاف من المُعتقلين السوريين واللبنانيين والأردنيين والعراقين وباقي العرب ، وعمليات الاختطاف الرهيبة التي كان آخر ضحاياها الزميل المُحاور المُناضل مشعل التمّو الناطق الرسمي باسم تيار المستقبل الكردي في سوريا ، الذي جمعني وإيّاه أكثر من لقاء تلفزيوني ، لم يدعوا فيهم  إلاّ للتطلع للمستقبل وبناء سورية الحرية والكرامة والديمقراطية والعيش المشترك ، والذي كان يتحدث بألم شديد عمّا يُعانيه شعبنا السوري بشكل عام وأهلنا الأكراد بشكل خاص ، لتكون له هذه النهاية المُفزعة ، التي تُذكرنا بالحادثة الأشهر عند اختطاف الشهيد معشوق الخزنوي ، وقتله بأفظع الأساليب الوحشية ، ورمي جُثته فيما بعد على قارعة الطريق ، والذي نتمنى له من الله ألاّ يلقى هذا المصير المُحزن لقلب كُل سوري ، ولذا فنحن نُهيبُ بالجميع للتضامن معه ، ونُصرته وإرسال برقيات الإدانة ، ورفع هذا الأمر إلى المحافل الدولية ، كي لا تتكرر مأساة الشيخ الخزنوي.

وفي نفس الوقت أُناشد سُلطات الأمر الواقع بالإفراج الفوري عن جميع المُعتقلين ووقف الأحكام الجائرة والقوانين الاستثنائية ، ووقف كل المُمارسات اللا إنسانية ، والدعوة الفورية للحوار الوطني دون استثناء أحد ، وإعادة الحياة الطبيعية للشعب السوري التي افتقدها طوال العقود الأربع الماضية ، وعودة المنفيين قسراً عن سورية ، ليبدأ عهداً جديداً يُشارك فيه كُل أبناء الوطن ، ليُعيدوا صياغته من جديد بأحرف من نور ، وليس عبر الزنازين والبوابات الأمنية وانهار من الدماء ، وإلا فهو يحفر قبره بيده ، ويُسارع في إنهاء نفسه بنفسه ، وحينها لن ترحم الجماهير من تكابر عليها واستمرّ في غيّه واستعلائه.