الديكتاتوريات.. أعشاش التطرّف

محمد عبد الكريم النعيمي

محمد عبد الكريم النعيمي - المدينة المنورة

[email protected]

ليس تنظيم القاعدة وتوابعه في المنطقة، سوى استغلال وتوظيف للتطرّف في تحقيق أهداف السلطات الديكتاتورية في العالم الإسلامي، لـ "شرعنة" وجودها وخلط الأوراق.

القاعدة في اليمن.. نموذج فاقع للتوظيف الديكتاتوري، حيث ابتز حكمُ علي عبد الله صالح دول الخليج سياسياً ومالياً منذ عقود بملفي القاعدة والحوثيين، وحافظ على وجود هاتين الفئتين ليستمر في استنزاف ميزانيات تلك الدول، من خلال مناوشاتٍ غير حاسمة - وربما تكون تمثيلية - مع القاعدة والحوثيين!!

وليس نظام الأسد استثناءً من هذه السياسة عبر تاريخه القذر، فمن خلال تنظيماتٍ كفتح الإسلام وجند الشام، وشخصياتٍ كأبي القعقاع الحلبي وشاكر العبسي، يتراءى ظلُّ نظام الأسد في الكواليس، لتحقيق ضغطٍ سياسي هنا، وابتزاز واستنزاف عسكري هناك.

وفي الوقت الذي لا يُعرف فيه مصيرُ طلائع الثورة السورية الذين ألقي القبضُ عليهم في ٢٠١١ من شباب الجامعات، الذين حَمَل بعضُهم الورود في وجه البنادق والدبابات.. أطلق النظامُ بعد أشهر من انطلاق الثورة سراحَ أعتى وجوه التكفير القاعدي من سجن صيدنايا، لـ "أدلجة" الثورة وتسليحِها على أساس هذه الأيدولوجيا التكفيرية الإقصائية، ومن ثم إيجاد مبرر داخليٍّ وخارجي لتدمير البلاد وقتل العباد، عله يعيد بهذا الثائرين إلى حظيرة العبودية والطاعة.

وبينما كان المصحف ممنوعاً في هذا السجن الفريد، كانت كتبُ قادةِ ومنظري التكفير القاعدي، كأيمن الظواهري وأبي محمد المقدسي وأبي مصعب السوري، تجد طريقها - بقدرة قادر ومكر ماكر - إلى قلب العنابر والزنازين!!

كما كان يُزَجُّ بالأفواج الأولى من نشطاء الثورة في عنابر أشدِّ النزلاء تطرّفاً، تمهيداً لإطلاق سراحهم وقد تشرّبوا سُمَّ هذه الأفكار ونُقِعوا به، لتصل الثورة إلى ما وصلت إليه اليوم، ويتمّ عزلُ كلِّ مثقفٍ مدركٍ لأبعاد ومقاصد هذا الأمر في زنازين منفردة، خشية أن يؤثر وَعيُه في إفشال خططهم.