واقع السوريين في مصر

شهادة وكلمة حق من طبيب ومثقف مصري ... يتحدث عن السوريين في مصر، 

مشاهدات من واقع السوريين فى مصر، 

حينما نزح العراقيون إلى مصر بعد سقوط بغداد فى 2003 فإنهم استوطنوا فى مدينة السادس من أكتوبر (تشرين) ، و الآن تعتبر جارتها مدينة الشيخ زايد (التى أقطنها) هى محط رحال الأخوة السوريين بمختلف مستوياتهم المادية و الاجتماعية ، فمنهم من يقطن ڤيلا فى الأحياء الراقية (كالفنّان ياسر العظمة على سبيل المثال) ، و منهم من يستأجرون شققا صغيرة فى أحياء محدودى الدخل ، و منهم من التحق أبناؤهم بالمدارس و الجامعات الخاصة ، و منهم من يدرس أبناؤهم مع إخوانهم وأبناء عمومهم المصريين ، فى المدارس الحكومية المجانية (زوجتى مُدرّسة بإحدى هذه المدارس و لديها طالبات سوريات).

ملاحظة أولى: أثبت الأخوة السوريون أنهم شعب مجتهد ، منتج ، حيوى ، ذو كرامة و عزة نفس.....

لا تجد سورى يمدّ يده ليستعطي ، أو يتطفل بممارسة أعمال وهمية تحت بند تأدية خدمات (كأن يجول فى مواقف السيارات مُدّعيا أنه يمسح لك سيارتك طمعا فى ما يجود به كرمك) ، لكنّ السوريين في مصر شرعوا فى استئجار  المحلات ، و إن صغرت مساحاتها أو تواضع مستواها ، و افتتحوا المطاعم ، و تجارة الخضار و الفاكهة ، و البقالات ، و من لم يستطع منهم طولا أن يفعل ، فإنه التحق بائعا بمحلات الإلكترونيات و الملابس بالمجمعات التجارية لكبرى.

كنا نعرف سابقا أن الأخوة الشوام (و نقصد بها فى مصر السوريين و اللبنانين) تجار بالفطرة أو الموهبة ، و لكننا لمسنا هذه الحقيقة واقعا و سلوكا حينما جاورونا و باعوا لنا و اشترينا منهم ، فالتاجر السورى حلو اللسان ، صبور على مماطلة الزبون ، يراعى تجارته ، شاطر فى عرض بضاعته و إقناعك بها ، و تشعر أنه صادق و أمين حتى لو تعاملت معه مرة واحدة.

ملاحظة ثانية: أننا – نحن المصريين – ومنا الكسالى و غير الراغبين فى العمل ، ننتظر الحكومة أن تطعمنا و تسقينا و تأوينا و تزوجنا و تدفع لنا إعانة البطالة تحت اسم الوظيفة الحكومية. 

إن السورى فى مصر ، لولا الإيمان بأن الله الخالق الرازق ، لقلت أنه يخلق فرص العمل خلقا ، و يوجدها من العدم (و لله الفضل والعزّة). 

ملاحظة ثالثة: و على عكس ما توقعه ضعاف النفوس فى مصر ، فإننا لم نر من المرأة السورية (لا قدر الله ) فى السلوك أو المظهر أو الزى ما قد يشين أو يعيب ، أو يدفع اليه العوز و الشتات من سلوك معيب ، لم أرَ حتى الآن أخت سورية تعمل حتى بائعة فى محل و إن كان فى مُجمّع تجارى فخم ، رغم امتلاء هذه المحلات بالبائعات المصريات ، السوريات يعملن من منازلهن ، سواء فى إعداد الوجبات السورية الشهية الجاهزة ، أو بعض المهن النسائية بالضرورة ، و أكرر أن بعض المهووسين لدينا في مصر، كانوا ينتظرون ما دون ذلك ، لكنّ الله خيّب ظنهم.

ملاحظة رابعة: السوريون كالمصريين ، شعب عريق ذو حضارة قديمة ، و من ثَمّ ، فالحنين للوطن ، و الارتباط بالأرض ، و نفس السورى الأبيّة ، لا ينفصمان.

تكلمت مع سوريين كُثُر ، و معظمهم لهم عمل ناجح ، و دخل جيد فى مصر ، لكن الحزن فى نفوسهم غالب ، و الشعور بالغربة طاغٍ ، و الحنين للشام مسيطر ، العيون مكسورة ، لكنّ الجباه مرفوعة عالية ، لا يثيرون المشاكل ، لكن فى الحلق غصة ، الأدب جم ، لكن أحيانا يكبتون الغريزة الشامية فى الرد على التطاول الصاع بالصاعين.

ملاحظة أخيرة: أعتقد أن زعماء المعارضة السورية (ذوى الياقات المُنشاه) فى عواصم اوروبا ، يجب أن ينزلوا إلى السورين فى الشتات قبل أن يحددوا موقفهم التفاوضى ، و سقف المطالب و قاعها ، فالشعب السورى لا يستحق ابدا خمس سنوات من الغربة المريرة ، و لابد من حلول.hone الخاص بي