ديكتاتورية المساجد
كتبت منذ سنوات مقالات سميتها بـ الديكتاتورية العلمية، أبيّن فيها كيف يكون الأستاذ الجامعي والمسؤول الجامعي ديكتاتوريا باسم العلمي.
واليوم سيكون الحديث عن الديكتاتورية الدينية التي تحدثنا عنها في مقالات سابقة، حول إستخدام وسائل المسجد والوظيفة التي يتقلدها القائم على المسجد في الهيمنة على الرقاب والعباد.
وفي شهر رمضان والمناسبات الدينية التي من المفروض أن تظهر السلوكات الحسنة، إذ بها فرصة لاستخراج كل الأمراض والتباهي بها أحيانا.
منذ يومين يقول لي أحد القائمين على المسجد، أنظر هناك تحت الطاولة، أقول له، هناك غطاء تحت الطاولة، يجيب ذاك غطاء إستعمله فلان ليخفي من وراءه التمر الذي سرقه ووضعه جانبا، وأشياء أخرى تقدم للمصلين أثناء رمضان وفي غير رمضان.
المصيبة الكبرى أن المعني في حالة ميسورة من الناحية المادية، ولو طلبها من القائمين على المسجد لأعطوه ضعفها.
هذا قائم على لجنة مسجد يقبل على الزواج، فيستولي على الثلاجة المبردة الكبرى، وكل وسائل المسجد ليساعده في زواجه ثم استولى عليها كلية، ولولا الشكاوى التي قدمت ضده بشأن سرقة أدوات المسجد والتمتع بها بغيروجه حق لما أعادها، ولبقيت لحد الآن تحت سطوه وتصرفه.
قارورات الماء التي توزع على المصلين في شهر رمضان من طرف محسنين يشكرون على فعلهم وما يقومون به طيلة السنة وشهر رمضان خاصة. توزع هذه القارورات عبر الصفوف ليستفيد منها كل من هو في الصف بالتناوب، إذ بالبعض يستولي على القارورة لوحده ويحتكرها لنفسه ويمنعها غيره، وإذا سألته أجابك إني وضعت أمامي وكأنها وضعت له وحده دون غيره. فماذا لو وضعت تحت تصرفه الأمة بأكملها وخزائن المجتمع.
إمام لايصلي بالناس لجهل بالقرآن وتكاسل عن المراجعة، فيستعين بشاب يحسن القراءة ويملك صوتا حسنا. وفي يوم 27 من رمضان وآخر يوم من رمضان، يجمع المصلون ماقدروا على جمعه من مال لهذا الشاب المقرئ جزاء ماقام به من صلاة وحسن تلاوة. لكن الصدمة كبيرة حين يستولي الإمام الكسول الجاهل بقراءة القرآن على المبلغ، وهو الذي لم يقم بما يجب أن يقوم به وفضل التخاذل والتراجع عن أفضل المهام وأنبل الوظائف، ألا وهي إمامة الناس والصلاة بهم، وهي وظيفة الأنبياء والرسل.
هذا جمع من المصلين، قالوا عن أنفسهم أن المكيف يضر بصحتهم والمروحة الحائطية تؤذيهم، فمنعوا غيرهم فضائل هذه الوسيلة وفرضوا عليهم البرد شتاء والعرق والحر صيفا غير مبالين بمسجد كله، خاصة وأنهم إحتكروا الصفوف الأولى، وكأن الصف الأول يخول لصاحبه حرمان غيره حسنات المكيف صيفا وخيرات المدفأة شتاء، واحتكار مالا يجب أن يحتكر وهو في بيت الله.
أستاذ يحضر قراءة القرآن جماعة، فيقوم أحد المحسنين بتقديم مبلغا ماليا للمقرئ الشاب، إذ بالأستاذ يستولي على المبلغ كله وهو الذي يتقاضى راتبا حسنا يكفيه مد اليد، مع علمه أن الطالب المقرئ فقير محتاج لايملك قوت يومه.
هذه عيّنات عن مظاهر الديكتاتورية في المساجد باسم الدين والصف الأول والإمامة وخدمة المسجد، ويمكن للقارئ أن يستحضر مئات الأمثلة الفضيعة، لكن تبقى أمثلة أخرى وفي نفس المساجد وغيرها رائعة حسنة، تدل على الأخلاق الفاضلة والسلوكات السامية، تسلي المر وتنسيه عبء وعيب .. ديكتاتورية المساجد.