السلم الأهلي في فلسطين لا يصح أن تلوكه الألسن الفصائلية
نشرت العربية نت خبرا بعنوان "ردا على الاعتقالات... قيادي بحماس يهدد الأمن الفلسطيني" نقلا عن فرانس برس، وجاء فيه: حمّل قيادي في حركة حماس (اسماعيل الأشقر) السبت رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والسلطة الفلسطينية مسؤولية تداعيات حملة اعتقالات في أوساط نشطاء الحركة في الضفة الغربية، محذرا من أن أجهزة الأمن الفلسطينية قد تصبح "هدفا للمقاومة" بسبب هذه الاعتقالات. ثم حذر المتحدث باسم الأجهزة الأمنية عدنان الضميري حماس من أنها ستلاقي مالا تتصوره اذا ما نفذت اية أعمال "إرهابية" ضد أجهزة الأمن الفلسطينية (القدس).
إن هذا التصعيد الإعلامي بين الفصائل الفلسطينية يتضمن تهديدا للسلم الأهلي في فلسطين، وخصوصا في هذه الأجواء الرمضانية التي تصفّد فيها الشياطين، وعلى السلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية أن تصفّد أي شياطين إعلامية يمكن أن تطلق شرارات الفتنة والاقتتال في هذا الشهر الفضيل.
وهذا التصعيد يستوجب وقفة من كل العقلاء والشرفاء في فلسطين ومن رجالات العشائر من أجل ضبط ردود الأفعال، وأن لا يسمحوا بتكرار المشاهد الدموية التي مهّدت لما سمّي الانقسام أو الحسم العسكري في غزة. "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ".
صحيح أن أجهزة السلطة الفلسطينية هي اجهزة قمعية وتسير في مهمات التنسيق الأمني، ولكن هذه الوقاحة السياسية لا يمكن أن يُردّ عليها بالأعمال العسكرية والتهديدات الأمنية الدموية، ولا يمكن لمقاوم مخلص أن يحول بندقيته عن الاحتلال اليهودي إلى أبناء فلسطين مهما ظلموا وفسقوا.
ومن المؤسف أن هذا التصعيد الفصائلي يأتي في الوقت الذي تلهث فيه قيادة السلطة الفلسطينية خلف المشروع الفرنسي لتحريك المفاوضات مع اليهود، وفي الوقت الذي تنشغل فيه قيادة حماس في اتفاق التهدئة مع اليهود كما طفا على الإعلام حول المفاوضات غير المباشرة. أيأمن اليهود المحتلون وتنشغل الفصائل والسلطة الفلسطينية بالتهديدات الداخلية؟!
إن دماء أهل فلسطين لا يمكن ان تكون ورقة على طاولة مفاوضات الفصائل الفلسطينية، ولا محطة في مسيرة جدلها التي لا تنتهي تحت عنوان المصالحة، ولا في سياق تنافساتها على كعكة السلطة النتنة. وإن إراقة أي قطرة من هذه الدماء هي جريمة وخيانة سياسية وإثم يوجب غضب الله سبحانه:
"وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا"
ماهر الجعبري
وسوم: العدد 623