مصر تفرح .. مأتم الوطن

إذا لم تستح فاصنع ما شئت .. هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وهكذا اختصر سيد الأولين والآخرين الكثير مما يعتري أمتنا فى عبارة .

فقدان الحياء يدفع المرء لعمل أى شئ .. مهما كان هذا الشيئ ، ووقتها لن تعجب عندما ترى العاهرة تحاضر فى الشرف والديوث يتحدث عن الفضيلة والديكتاتور يتكلم عن الحرية والتعددية !

والمتابع لما يفعله الديكتاتور عبدالفتاح السيسي منذ وصوله للسلطة عبر الانقلاب الصليبي فى 3 يوليو 2103م ، يشعر بكل حرف فى قول الرسول الكريم " إذا لم تستح فاصنع ما شئت " .. فهذا الديكتاتور أتى للسلطة عبر سحق جماجم المسلمين ، ثم لا يجد حرجا فى الادعاء أنه أنقذ مصر من الحرب الأهلية ! اعتقل مائة ألف أو يزيد وأذاقهم – ولا زال – الويلات ثم يدعي بصفاقة منقطعة النظير أن مصر لا يوجد بها معتقلون ! وأن مصر التى تعانى الفقر والمرض والأمية والبطالة والعنوسة وحوداث الطرق " أد الدنيا" !

ولذلك من الطبيعي أن تجد تلك الزفة الهابطة المقرفة التى تصطنعها الشئون المعنوية حول ما تُسمي " قناة السويس الجديدة " ، فمن قبل أوهموا أتباعهم من مؤيدى الانقلاب الصليبي أنهم يعالجون الإيدز وفيروس سي بالكفتة ! ليس هذا فحسب بل اعتبروا ذلك " قمة الإعجاز العلمى " ! وحل مشكلة بطالة 20 مليون شاب مصري يعانون البطالة بألف عربية خضار ! كما روّجوا لما اصطُلح عليه بين المصريين بـ "الفنكوش" فزعموا بناء مليون وحدة سكنية ، وربط نهر الكونغو بنهر النيل ، وإنشاء عاصمة إدارية جديدة لمصر ، وهطول مئات المليارات من الدولارات عقب ما أسموه " المؤتمر الاقتصادي " .

يعمد الديكتاتور وزبانيته  إلى الترويج للوهم للبحث عن شرعية مستحيلة ، تداري على حقيقة أن ثورة 25 يناير مستمرة ، وأن أهدافها نار تحت رماد الانقلاب الصليبي الذى لوث كل شئ فى مصر .

وفى ظل معاناة المصريين تحت وطأة القهر والفساد والفقر ، تروج الأذرع الإعلامية للفنكوش ، وأن مصر ستتحول إلى جنة خضراء عقب افتتاح ترعة قناة السويس ، وهو ما يدفعنا إلى توجيه السؤال إلى من يؤيدون هذا الانقلاب المجرم .. ألم يكن من الأفضل تطوير منظومة الصحة فى مصر ومعالجة ملايين المرضي ( 10 مليون مريض بفيروس سي و 700 ألفا بالفشل الكلوي ، وعشرات الآلاف بالسرطان ) وبناء مستشفيات جديدة ، وغرف للعناية المركزة وسيارات إسعاف ؟ ألم يكن من الأفضل توصيل مياه الشرب والكهرباء والصرف الصحى  لقري الصعيد والوجه البحري التى لا زالت تعيش فى العصر الحجري ؟ ألم يكن من الأفضل تطوير الطرق المتردية فى مصر والتى جعلت مصر الدولة الأولى فى العالم فى ضحايا حوادث الطرق ؟ ألم يكن من الأفضل عمل مشروعات للشباب الذى يقضي ليله فى الشوارع والطرقات واتجه للإدمان وتعاطي الترامادول ؟ ألم يكن من الأفضل بناء مدارس تواجه كثافة الفصول وترتقى بالعملية التعليمية ؟ ألم يكن من الأفضل بناء جامعات فى الصعيد للتيسير على فتيات الصعيد اللائي يعانين من أجل الالتحاق بالجامعات فى القاهرة بما فى ذلك من ارهاق  ؟ ألم يكن من الأفضل إنارة الطرق ؟ ألم يكن من الأفضل توجيه الأموال للبحث العلمي وانتاج الأدوية والسلاح والغذاء بدلا من أننا نعيش عالة على الاستيراد ؟ ألم يكن من الأفضل اصطلاح الصحراء ؟ ألم يكن من الأفضل صرف معونات للأرامل واليتيمات والمطلقات ؟ ألم يكن من الأفضل تنمية سيناء بدلا من إعلان الحرب على أهلها وتهجيرهم ؟  

لكن الديكتاتور لا يصلح أبدا .. مصداقا لقول الله تعالى " إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ  " ( يونس : 81 )  الديكتاتور يجد اللذة فى القتل والهدم والتخريب .

المضحك المبكي أن زبانية الانقلاب الصليبي اختاروا شعار " مصر بتفرح " للترويج لوهم " قناة السويس الجديدة " .. مصر بتفرح ونزيف الدماء لم يتوقف منذ 3 يوليو 2013م .. مصر بتفرح والخراب فى كل مكان .. والحزن يخيّم على الوطن .. لو صدقوا لقالوا أنهم يحتفلون بمأتم الوطن .. يرقصون في العزاء .. يغنون فى المقابر ..

 كتب الشاعر الكبير محمود حسن إسماعيل – رحمه الله – فى جنازة أحمد شوقى أمير الشعراء ، وكأنه يكتب عن مصر الآن :

وخرير النهر فى الوادي

كأنغام النُّواح ،

ومَسيلُ الماء من جفن البِطاح

أدمُع الكون ، وعبراتُ الطبيعة

كل طير ناح فيها .. ناعياً

كل نبعٍ سال فيها . باكيا

عبرت يمَّ المنايا

وأعاصير الأسي ، غالت الرُّبان منها ..

فهوت

ثكلى على شط المنون .. لاهفة

ترسل الأنّات من قلب حزين

هاتفهه

كلِّلوا النعش بريحان الرياض

والورود !

الانقلاب الصليبي لم يكلل النعش بريحان الرياض .. وإنما مزق الجثة .. وألقي بأحشائها فى الطريق .. لتفرح مصر فى مأتم الوطن !

ولله الأمر من قبل ومن بعد  

وسوم: العدد 627