وزير الداخلية "إخوانجي"؟!
هذا عنوان وضعه أحد المواقع الإلكترونية على رأس خبر منسوب إلى المخرج اليساري خالد يوسف ، صاحب الأفلام إياها !( المصريون 27/7/2015م) .
في تفصيل الخبر قال الموقع :
" اتهم المخرج خالد يوسف، اللواء مجدي عبدالغفار، وزير الداخلية، بأنه يحمل أفكار جماعة الإخوان، كما انتقد وزير الثقافة، قائلاً: "نشعر بعدم وجود رؤية ثقافية شاملة تحمل آلام المواطن المصري وتعبر عنه". واتهمه أيضا بالأخونة . وكان ذلك ضمن مداخلة هاتفية مع برنامج "الحياة اليوم" .
أدهشني الخبر . وزير الداخلية قادم من جهاز أمن الدولة الذي يتركز معظم نشاطه في مكافحة الحركة الإسلامية واستئصالها ، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين ، وتعيينه في منصبه لا بد أنه مرّ بأجهزة عديدة ، ولا يمكن أن يسمح نظام عسكري فاشي أقام وجوده على محاربة الإخوان المسلمين بمجيء وزير داخلية منهم !
تصورت أن السلطة العسكرية ستنزعج لهذا الخبر الذي نقل عن المخرج الشيوعي المقرب منها ، وأنها ستقوم بنفي الأمر أو التحقيق فيه ، ومتابعة الوزير سرا وجهرا حتى تتأكد من إخلاصه للنظام ووفائه له ، وخاصة أن عهده تميز بما يسمى تصفية الخصوم في بيوتهم – أي اغتيالهم ، واتهامهم بعدئذ أنهم قاوموا السلطات ، مع تصوير جثثهم إلى جوار أسلحة مؤمّنة ، أي لا تطلق النار ، فضلا عن اختفاء أي أثر لهذه المقاومة على قوة الاغتيال أو المكان الذي تتم فيه التصفية !
عزوت الصمت عن الأمر إلى قرب المخرج المذكور من سلطة الانقلاب ، ودوره التاريخي في تزوير مؤامرة 30 يونيه 2013 ، واستخدام تقنية الفوتو شوب أو الصور المركبة ، ليقول للعالم إن هناك ثلاثين مليونا في التحرير خرجوا يرفضون الديمقراطية والحرية، ويطالبون بإسقاط الرئيس الشرعي المنتخب ، ويؤيدون حكما عسكريا فاشيا مطلقا انتقل إلى مرحلة الدموية والانتقام من أنصار الإرادة الشعبية وتلفيق التهم لمحاكمتهم بصورة ظالمة غير مسبوقة في التاريخ .
لم يسائل أحد المخرج الشيوعي ، ولم يناقشه أحد في اتهام الوزير الآخر بالأخونة ، فهو ينطلق فيما يبدو من كونه لا يُسأل عما يفعل ، بوصفه شريكا أساسيا في الانقلاب العسكري وممهّدٌ له ، مذ شارك في احتلال وزارة الثقافة للإطاحة بالوزير الشجاع علاء عبد العزيز ، الذي أراد مقاومة الفساد في الوزارة المشهورة بأنها عميقة الفساد ، شديدة التلوث الفكري والخلقي والسياسي!
صارت تهمة الانتماء إلى الإخوان الوسيلة المثلى والسريعة لإيذاء الأبرياء والانتقام من المنافسين ! وتصوّر لو أن وزير الداخلية أو وزير الثقافة لم يكن له سند أو ظهر في سلطة الانقلاب ، هل كان يستمر في منصبه يوما أو بعض يوم ؟
صار الناس جميعا في المدن والقرى، والوزارات والمؤسسات والإدارات والشركات والنقابات والمستشفيات والمدارس والجامعات والإعلام والصحافة والمحلات العامة والتجارية وكل مكان ، أسرى للاتهام بالأخونة ، وتصفية الحسابات باسم الأخونة ، ويا ويل من يقع تحت هذا الاتهام حين يتولاه مسئول موتور أو مدير أرعن أو رئيس وصولي يبحث عن الشهرة أو المنفعة !
صحفي أفاق تطرده صحيفته الخاصة لعدم كفاءته قبل فترة طويلة ، فيكتشف كذبا أنها إخوانية وأنها تدافع عن الإخوان ـ مع أن الصحيفة مقربة من حسني مبارك وزوجه سوزان ثابت والمجلس العسكري وسلطة الانقلاب الفاشي .
أستاذ جامعة مشتاق ، يتهم رئيس الجامعة الذي فاز بالمنصب دونه أنه إخواني ، وأنه صاحب تاريخ مع الإخوان ، والطاقم الذي يعمل معه من أصحاب الميول الإخوانية !
أصحاب المؤهلات المتدنية وعشاق الجهل المقدس يتطوعون بالعمل مخبرين أو بصاصين أو جواسيس أو عصافير أو دبابيس – كما يسمونهم في بعض الدول العربية – يبلغون عن جيرانهم أو من يحسدونهم على ما آتاهم الله من فضله ويتهمونهم بالأخونة ، فيفاجأ الضحايا بضابط صغير منتفخ الأوداج ، منتفش الريش ، يقود الملثمين برشاشاتهم ومسدساتهم ، ويقتحم البيوت الآمنة ، ويجعل عاليها سافلها ، ويأسر بعض سكانها ، ويوجه إليهم التهم السبعة عشر المقررة لدى السلطة بدءا من قطع الطريق حتى التظاهر بدون تصريح ، ولو كان الأسير ساعة القبض عليه في غرفة النوم مع زوجته بعد منتصف الليل أو في قرية تنام مع الغروب !
هل سمعتم عن سيدة بشتيل التي أرادت الانتقام من زوجها فزعمت أنه إخواني ألبسها حزاما ناسفا ؟ ثم تبين أن الأمر مكيدة رخيصة ؟
ولا غرابة أن تجد المتهمين يبالغون في نفي التهمة عنهم ، لدرجة أن بعضهم يقسم بأغلظ الأيمان أنه لا يصلي ، ولا يعرف شيئا اسمه الإخوان ، بل إن وزير الثقافة الانقلابي أعلن بالفم المليان أن أخونة الوزارة خيانة للوطن " ولا أقبل أن أكون خائنًا "! ولأن الوزير المذكور يعرّف الثقافة بتعريفها البسيط الساذج :" إن الثقافة هي الإلمام من كل شيء بطرف ولا يشترط في المثقف أن يكون صاحب اتجاه يساري أو علماني أو أزهري أو غيره" ، فإن ثقافته المحدودة لم تخبره أن من يسمون الإخوان المسلمين يحتلون مناصب رفيعة في الغرب غير المسلم بحكم ما وصلوا إليه من علم ومعرفة وثقافة جادة ، وأن هناك مؤسسات علمية عالمية تستقطبهم للعمل بها وأنهم يدرّسون في الجامعات والمدارس خارج بلادهم ، ويتسنمون أرقى المناصب التي تأهلوا لها بالتفوق والتفرد ، والرئيس محمد مرسي – فك الله أسره - كان يدرس في وكالة ناسا الفضائية بالولايات المتحدة وهي من أهم المؤسسات العلمية الدولية ، والدكتور محمد بديع ، مرشد الإخوان – فرج الله كربه – واحد من مائة على مستوى العالم فائقين في تخصصهم العلمي .
مالي أذهب بعيدا ، والكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين المحتلة يسمح للإخوان المسلمين بدخول الانتخابات التشريعية والحصول على مقاعد في الكنيست ، مما يتيح لهم تكدير النظرية الصهيونية ، ولا أظن ثقافة وزير الثقافة الذي يأخذ من كل شيء بطرف تتيح له هذه المعلومة أو غيرها.
لكن هذا الوزير ذهب به الشطط إلى حد وصف الإخوان بالخيانة وأنه لن يكون خائنا ، وكأنه يتهم خمسين مليون مصري بالخيانة . فإذا افترضنا أن عدد الإخوان مليونان في المتوسط وكل إخواني له أسرة من خمسة أفراد فلدينا عشرة ملايين ، وإذا افترضنا أن هناك خمسة أفراد من الأصدقاء والأنصار لكل أسرة ؛ فلدينا خمسين مليونا من المصريين الإخوان لا يجوز أن نتهمهم بالخيانة وفقا لوزير الثقافة الانقلابي.
لعن الله الخسيس الشيوعي الوصولي حامل الإعدادية الذي صك مصطلح الأخونة ، ولعن الله من يستخدمه لتعميق انقسام الشعب والاحتراب بين أبنائه .
الله مولانا . اللهم فرّج كرب المظلومين . اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم !
وسوم: العدد 627