البيان الختامي لمؤتمر علماء أهل السنة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد،،
تداعى علماء الأمة من أنحاء العالم، تحت مظلة رابطة علماء أهل السنة يومي 23-24 من شوال 1436هـ الموافقَيْن لـ 8-9 أغسطس 2015م، بمدينة اسطنبول، وذلك لمناقشة أوضاع الأمة وما يجري فيها من استبداد وسفك للدماء وإزهاق للأرواح، وانتهاك للأعراض ، وانقلاب على الشرعية وأحكام جائرة، وإعدامات فاجرة، وتنكيل بالعلماء والدعاة، وحرب على الإسلام ومعتقداته وقيمه وثوابته، وارتكاب لأبشع الجرائم ضد الإنسانية التى تنافى ماجاء بالشرائع السماوية والمواثيق الدولية.
وإذ يتابع العلماء ما يجري في مصر وسوريا والعراق واليمن وليبيا وفلسطين وبورما وبنجلاديش وكشمير والعالم الإسلامي بأسره، فإنهم يثمنون رباط ومثابرة المحبوسين ظلما والمقاومين لهذه الأنظمة المستبدة، والمدافعين عن حقوقهم الشرعية، ويؤكدون على ما يلي:
أولا:أن النفس الإنسانية لها حرمتها المقدسة، والنصوص الشرعية في القرآن الكريم والسنة النبوية قاطعة بهذا، حتى جعل القرآن الكريم قتل نفس واحدة بمثابة قتل الناس جميعا، قال تعالى: "مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْر ِنَفْس ٍأَوْفَسَاد ٍفِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَل َالنَّاسَ جَمِيعًا". [سورة المائدة: 32] .
ثانيًا:أن الإرهاب الذى تمارسه هذه الأنظمة الطاغية المستبدة ، من قمع وقتل وتشريد، كان له آثار كارثية؛ حيث أَزْهَقت الأرواح، وسفكت الدماء، وارتكبت جرائم ضد الإنسانية، وتطاولت على ثوابت الأمة ، وأفسدت في الأرض، وأشاعت زورا وبهتانا أن الأمة الإسلامية هى مصدر الإرهاب ، واعتقلت وقتلت كثيرا من علماء الأمة ، وأعلنت حربها على الإسلام عقيدة وشريعة، مما أدى إلى ظهور فكر الإلحاد، وتوسيع رقعة الغلو والتطرف ، وجعل شباب كثيرين يتجهون إلى هذين الاتجاهين، ويُحمِّل العلماءُ الأنظمة الإنقلابية وكل من عاونها مسئوليةَ هذه الانتهاكاتِ جميعًا.
ثالثا:أن أحكام الإعدامات "المسيَّسة" التي يُلوِّح بتنفيذها نظامُ الانقلابِ في مصر ضد الأبرياء من أبناء الأمة، وعلى رأسهم الرئيس الشرعي أ.د. محمد مرسي الذي أعلن أمام العالم أنه تعرض لخمس محاولات اغتيال داخل السجن .. هي نذير شؤم إذا تم تنفيذها فستكون لها عواقبها الوخيمة، محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا، ويرى العلماء أن الوقوف ضد تنفيذها هو واجبٌ شرعيٌّ وإنساني وحقوقي؛ منعًا للفتنة، وحقنًا للدماء، والله تعالى قال: "وَاتَّقُوا فِتْنَة لَاتُصِيبَن الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّة وَاعْلَمُوا أَنَ ّاللَّه شَدِيد الْعِقَاب" [سورة الأنفال: 25].
رابعًا:أن الإنقلاب فى مصر وما شابهه من إنقلابات فاقدة الشرعية ويترتب عليه فقدانها الشرعية وعدم شرعية ما يصدر عنها من قرارات وأحكام وأنه ليس على الشعوب سمع ولا طاعة لها وانه يجب على الأمة السعى الى تغييرها وشكل المؤتمر لجنة تبحث ألية التغيير ، ويحذر المؤتمر المجتمع الدولى من مغبة الصمت عن هذه الجرائم ويعتبره شريكا فيها .
خامسا : يرى العلماء أن الدفاع عن الدين والنفس والحرم والمال واجب شرعي جماعى وأن منع الظلم ودفعه ورفعه مما اتفقت عليه الشرائع، وتواضعت عليه البشرية، فالله تعالى حرم الظلم على نفسه، وجعله بين العباد محرمًا، وأباح للمظلومين الانتصار؛ إذ قال سبحانه: "وَلَمَنِ انتَصَرَبَعْدَظُلْمِه ِفَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ. إِنَّمَاالسَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُون َالنَّاس َوَيَبْغُونَ فِي الْأَرْض ِبِغَيْر ِالْحَقِّ أُوْلَئِك َلَهُم عَذَابٌأ َلِيمٌ". [سورة الشورى: 41-42].
سادسًا: أن العمليات غير المنضبطة بالشرع كالتى يقوم بها تنظيم الدولة ونحوه كتفجير المساجد وقتل الأبرياء هى مخالفة للشرع وليست داخلة فى الجهاد الشرعي ونحذر الشباب من الإنضمام اليها .
سابعا: أن ما تتعرض له الأمة الإسلامية من أخطار تغول المشروع الصفوي الإيراني يوجب على الأمة عامة، والعلماء في أقطارهم خاصة، الاعتصام بحبل الله المتين والوقوف صفًّا واحدًا أمام مشروعات تفتيت الأمة الإسلامية وتغيير عقيدتها، وذلك بتحصين أهل السنة وتوعيتهم تجاه معتقدات هذا المشروع.
ثامنا:يؤكد العلماء أن القدس والمسجد الأقصى المبارك سيبقيان قضية المسلمين المركزية مهما حاول الطغاةُ والمستبدون إشغالَ الشعوب عنها بقمع الأحرار وقتلهم وسجنهم .. كما نؤكد على ما جاء في "نداء الأقصى" من تبني العلماء كفالةَ ألف مرابط في المسجد الأقصى، وندعو علماء الأمة وأصحاب الرأي والقرار واليسار فيها إلى بذل أموالهم وإمكاناتهم لتغطية هذه الكفالات وتوسيعها وزيادتها؛ دفاعًا عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونصرةً لله ورسوله.
تاسعا : يؤكد العلماء على ما جاء فى نداء الكنانة ( 1 ، 2 ) من قرارات وأحكام .
وأخيرا:فإننا نؤكد أن علماء الأمة سيواصلون جهادهم الشرعي في توعية الأمة وحفظ هويتها، والوقوف ضد ما يهددها من أخطار، والله يقول الحق، وهو يهدي السبيل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مؤتمر علماء أهل السنة
وسوم: العدد 628