بين ضفتين.. المهاجرون السوريون عبر البحار

سورية.. بلد أنهكته الحرب للعام الخامس على التوالي، وأبناؤه كانوا ضحية تلك الحرب وقوامها، فتنوعت مآساتهم وتعددت آلامهم، من قتل ودمار وتشريد… لتدفعهم مأساة بلادهم إلى الهجرة بعيداً إلى الضفة الأخرى حيث الحياة، ولكنهم هربوا من الموت إلى الموت..

فابتلعت مياه البحر الأبيض المتوسط آلاف الأرواح من السوريين أثناء رحلاتهم – غير الشرعية – من الدول المجاورة لسورية باتجاه الدول الأوربية، كان آخرها في 28 آب 2015 ، حيث تم العثور على 200 جثة لمهاجرين معظمهم من السوريين، انطلقوا من مدينة زوارة على السواحل الليبية باتجاه إيطاليا.

عائلات سورية برجالها ونسائها وأطفالها قضوا بين الضفتين أثناء هجرتهم إلى بلاد الغرب حيث الأمان، لا حرب ولا نزوح ولا تهجير.. وقد خطّ أناسٌ قبلهم الطريق، وتبعهم آخرون وما زال البحر يمتلئ بمراكب الموت التي تنقل السوريين إلى الحياة!!

 وتحدثت الأرقام الرسمية عن الملايين الذين تركوا بلادهم في ظل الحرب حيث تخطى عدد اللاجئين السوريين حسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان 5.8 ملايين شخص مهجر، 90% منهم من مناطق سيطرة المعارضة حيث الحرب والقصف والقتل وغياب الخدمات وفقد الأمن والتعليم والخدمات الصحية .

وأكبر من هذه الرقم نزح داخل سورية ممن لم تسعفه قلة ذات اليد في السفر إلى تركيا أو أوربا ولا يقل هؤلاء عن 7.6 مليون نازح  حسب الإحصائيات الرسمية للمفوضية نفسها.

وبحسب قول أنطونيو غوتيرس المفوض السامي لشؤون اللاجئين :”إنها أكبر مجموعة من اللاجئين جراء نزاع واحد خلال جيل” وفق ما ذكرته وكالة فرانس برس …

 وأضاف :”إنها مجموعة بحاجة إلى دعم العالم لكنها عوضاً عن ذلك، تعيش في ظروف مروعة وتغرق في فقر متزايد”.

ويذكر أن 28 حادثة هجرة غير شرعية حدثت فيها حالات موت بسبب الغرق وثقتها الشبكة السورية لحقوق الإنسان أبرزها حادثة وفاة 225 سورياً غرقاً في 19نيسان 2015م قبالة السواحل الليبية…

وحسب الشبكة نفسها فقد غرق ما لا يقل عن 2157سورياً 75% منهم من النساء والأطفال منذ عام 2011م… أكثر من 60 ألف شخص حاولوا عبور البحر المتوسط في عام 2015م خلال سعيهم للهجرة إلى أوربا غرق منهم حوالي 1800 شخصاً في الفترة نفسها , حيث تضمهم تجمعات في تركيا , يشكلون وفوداً وينطلقون في رحلات جماعية ينجح البعض ويعود البعض الآخر ويموت آخرون.

 وفي تصريح لرئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني مطالباً المجتمع الدولي بمعالجة السبب الرئيسي لفرار اللاجئين السوريين من بلادهم المتمثل في المجازر التي يرتكبها نظام الأسد بحقهم وعمليات القصف والتدمير الممنهج  للقرى والمدن قال :” إنه يتوجب على الدول الأوربية والأمريكية تسهيل شروط استقبال اللاجئين السوريين وبشكل خاص المضطهدين منهم “

ورغم عبور الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين إلى أوربا إلا أن معاناتهم لم تنته، فبعد الوصول إلى شاطئ الأمان، يعيشون حالة من عدم الاستقرار تتمثل في البحث عن دولة تستقبلهم، وبيت يأويهم، وأوراق ثبوتية تعود لهم إنسانيتهم، ولكنها قد تتأخر وتتغير من بلد أوربي إلى آخر.

مهاجرون كانوا أو مهجرون … مسافرون كانوا أو نازحون … فإن السوريين يبحرون من ضفة إلى أخرى … لا يختلف اثنان منهم على أن العالم كله شريك في أزمتهم، مثلما لا يختلفان على أن الوطن ينتظرهم وأنهم مهما طال الزمان بهم عائدون بمعية الله عز وجل .

احمد الطوير

مركز أمية الإعلامي

وسوم: العدد 633