قنبلة الرئيس محمود عباس "أبو مازن" تفجر لحظة الزمن الفلسطيني

بعد سنوات تعج بالأحداث الجسام، وحالة الفرز الثنائية التي تشهدها الساحة الفلسطينية بين تيارين وطني وإسلامي، يحملان عناصر وتناقضات جذرية اكتسبت صفة الشمولية، وتحول التناقض بينهما إلى انقسام وخلاف سياسي عميق، ومع فشل كل الخيارات الإستراتيجية والرؤى المطروحة لحل المسألة الفلسطينية، خاصة خيار المفاوضات الذي ترفعه حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، واخفاقها في الحصول على نتائج مشرفة، وكذلك خيار العمل المسلح الذي تنادي به فصائل العمل الإسلامي، وعلى رأسها حركة حماس، وأمام المناكفات العنيفة بين الطرفين، ونزعة الرفض السلبية التي تبنتها حركة حماس انطلاقاً من منظور أيديولوجي، وإن كانت في حد ذاتها هي نزعة رومانسية غير مسؤولة، فلا تستهدف تحقيق أي شيء، وليس لديها ما تقدمه من حلول أو تقترحه من بدائل، فإنهم يرفضون تحمل مسؤولية إيجاد البديل في ظل المشكلات السياسية والمعضلات الاقتصادية التي ما تزال تضرب أطنابها على المستوى الداخلي والخارجي، حيث اشتدت حدة الأزمات، وثقلت وطأتها إلى درجة فاقت كل الحدود بفعل أفاعيل الانقسام وغياب المصالحة وسيطرة إسرائيل على المعابر والحدود والاقتصاد، وإمعانها في الحصار والتضييق على الغزيين، وتغلغل الإستيطان في الضفة الفلسطينية وابتلاع إسرائيل لكل المناطق الإستراتيجية حول القدس بشكل غير مسبوق، وتراجع مكانة القضية الفلسطينية على جميع المستويات جراء المستجدات والتطورات الاقليمية والدولية، وأمام هذه التحديات الجسام بدأ القلق يساور الأحرار من الشعب الفلسطيني حول مستقبله ومشروعه الوطني في تلك المرحلة الهامة والدقيقة من مراحل الانطلاق نحو السيادة والاستقلال.

جاء خطاب الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 30 أيلول 2015 تعبيراً حياً وواقعياً عن الحالة الفلسطينية التي آلت إليها من تفتت وترهل وجمود، والتي أصابت الفلسطينيين باليأس والإحباط، وشكل إنذاراً للجميع في الداخل والخارج معلناً أن الجهود الفردية لا تكفي لصد الغطرسة الإسرائيلية، وأن الأمر يتطلب تعبئة ووحدة الشعب الفلسطيني التي تتحطم على صخرتها محاولات استغلال إسرائيل للوقيعة بين حركتي فتح وحماس، وإلحاق الضرر بالشعب الفلسطيني وثوابته الوطنية.

 كان خطاب الرئيس خطوة في الطريق الصحيح لتصحيح مسيرة التاريخ، وهي خطوة يمكن البناء عليها للظفر بالأماني المنشودة، إذا أحسن الفلسطينيون استثمارها من خلال تضافر الجهود إلى ترجمة هذا الخطاب التاريخي لتشكيل جبهة وطنية جامعة، وتحقيق المصالحة الوطنية على أرض الواقع، وكان لزاماً على فريقي الانقسام أن يجتمعا ويعيدا بلورة برنامج سياسي موحد يؤلف بينهما ضد جبهة المحتل الإسرائيلي، ويعيدا تقييم المرحلة القادمة وما تتطلبه من وحدة الصف والهدف.

وسوم: 636