عزوف الشعب المصري عن المشاركة في الانتخابات تأكيد لرفض الانقلاب على الشرعية والديمقراطية

مني متزعم الانقلاب على الشرعية والديمقراطية في مصر بنكسة وخيبة أمل أمام عزوف الشعب المصري عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية ، وهي عبارة عن مسرحية هزلية انتخابية  أراد من ورائها إضفاء الشرعية على رئاسته الفاقدة للشرعية . وظن متزعم الانقلاب بنفسه الذكاء والشطارة حين قرر إجراء هذه الانتخابات للتمويه على لا مشروعيته . ويهدف متزعم الانقلاب من وراء هذه المسرحية الهزلية الانتخابية إلى إحاطة نفسه بدمى  برلمانية يلهو بها حسب هواه. ولا يستقيم أبدا أن يجتمع في بلد متزعم انقلاب على الشرعية والديمقراطية وبرلمان يعتبر من مقومات  هذه الديمقراطية . وكيف  يمكن أن يوجد برلمان تفرزه اللعبة الديمقراطية مع وجود انقلاب عسكري عليها ؟ ولا شك أن متزعم الانقلاب يريد تمرير برلمانه الخاص به تماما كما مرر عملية خلعه بذلته العسكرية  التي أنجز بها الانقلاب على الشرعية والديمقراطية ليلبس بذلة مدنية عن طريق انتخابات رئاسية وهمية ليعود بعدها إلى زيه العسكري كما شوهد على قناة السويس .ومن العبث أن يحاول متزعم الانقلاب الجمع بين نقيضين لا يجتمعان أبدا الانقلاب على الديمقراطية و تطبيقها واحترامها في نفس الوقت.ولا يمكن أن تحصل الشرعية أبدا عن طريق القوة والعنف بل الشرعية إنما تحصل برضى  الشعب وعن طيب خاطره ، وهو ما لا يمكن أن يحلم به متزعم الانقلاب لأن الشعب عبر عن رفضه له بخروجه اليومي للتظاهر ، وبتقديمه للتضحيات يوميا بسبب هذا الرفض حيث يصفي النظام يوميا عشرات الرافضين للانقلاب جسديا ، ويزج بالمئات منهم في السجون والمعتقلات الرهيبة التي يقضي فيها العشرات بسبب التعذيب ، ويصدر قضاؤه المأجور عشرات الأحكام الجائرة في حق عدد كبير منهم . فكيف يمكن الحديث عن انتخابات برلمانية في مثل هذه الظروف ؟ وأي شعب هذا الذي يرفض الانقلاب ويلاقي بسبب ذلك التنكيل بشتى أشكاله ، وفي نفس الوقت ينتخب من يمثله لدى الجلاد الذي ينكل به ؟ فهل ينتخب على من يقدمه ضحية للجلاد ؟ ولقد مر حدث عزوف الشعب المصري عن المشاركة في المسرحية الهزلية الانتخابية دون أن يتحرك ضمير العالم تماما كما مر الانقلاب وما تلاه من مسرحية هزلية لانتخابات رئاسية . وسكوت العالم يعني تزكية القوى العظمى  لجريمة الانقلاب وما تلاها من جرائم متناسلة في حق شعب اختار الديمقراطية والتضحية من أجلها . ويدخل هذا السكوت ضمن مخطط تهويد فلسطين والتمكين للكيان الصهيوني الغاصب فيها ، ذلك أن القضية الفلسطينية أرادت لها القوى العظمى أن تطوى نهائيا. ولم يكن لصالح القوى العظمى أن تنجح الديمقراطية في مصر وهي قاطرة البلاد العربية  ولا في غيرها من البلاد العربية لأن ذلك يعني فضح الكيان الصهيوني  المحتل ومنع تحقيق مخطط التهويد في قلب الوطن العربي الإسلامي ، ولأن الديمقراطية لا تقبل الاحتلال إذ كيف  تراهن الشعوب العربية على الديمقراطية وتقبل في نفس الوقت الاحتلال الأجنبي فوق أرضها بل في قلب وطنها ؟ والمتتبع لما حدث ويحدث في فلسطين المحتلة منذ حدوث الانقلاب العسكري  على الديمقراطية في مصر يلاحظ أن هذا الانقلاب له علاقة بما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان وتنكيل بدءا بالعدوان على قطاع غزة ، ومرور بحصارها وإغراق الأنفاق  التي تعد متنفسها بالمياه ، وانتهاء بالاعتداء على المسجد الأقصى وتدنيسه وقتل المرابطين فيه والمدافعين عنه . وإن ما يحدث في القدس له علاقة مباشرة بالانقلاب العسكري على الديمقراطية في مصر ، وهذا يؤكد أن هذا الانقلاب قد خطط له بدقة وخبث لتنفيذ عملية التهويد ، وهذا يعني أن الاعتداء على الديمقراطية والشرعية في مصر هو شكل من أشكال توسع الاحتلال الصهيوني في مصر لأن هذه الأخيرة هي القاعدة التي تحمي فلسطين من التهويد ، وقتل الديمقراطية فيها يعني تجريدها من دورها في حماية فلسطين . ولا يختلف ما يحدث في سوريا عما حدث في مصر ذلك أن حماية القوى العظمى للنظام الديكتاتوري في سوريا يدخل ضمن عملية توفير التغطية لتهويد فلسطين . ولا يمكن الفصل بين العدوان الصهيوني على الفلسطينيين والعدوان الروسي والإيراني على الشعب السوري . ولا يمكن أن يتم العدوان على الشعب الفلسطيني في ظل حكم ديمقراطي في مصر وسوريا لهذا حرصت القوى العظمى على التخطيط للانقلاب العسكري على الديمقراطية في مصر ، وعلى دعم النظام الديكتاتوري في سوريا .  ومما يؤكد هذه الحقيقة تأييد متزعم الانقلاب في مصر للغزو الروسي لسوريا ، وتأييده للنظام الديكتاتوري فيها صراحة وعلانية تماما كما صرحت الناطقة باسم النظام الديكتاتوري في سوريا بأن الانقلاب على الديمقراطية في مصر كان فتحا بالنسبة للنظام الديكتاتوري في سوريا . فعن طريق  دعم الديكتاتورية  في مصر وفي سوريا تتم عملية تهويد فلسطين لأن الديكتاتورية من شأنها أن تقمع الشعبين المصري والسوري وتشغلهما عن تأييد الشعب الفلسطيني . ومعلوم أن سيادة المناخ الديمقراطي في مصر وسوريا وباقي البلاد العربية يفرض حرص الشعوب العربية على استقلال فلسطين بينما تسليط أنظمة ديكتاتورية  على الشعوب العربية ودعمها من شأنه أن يشغل هذه الشعوب عن القضية الفلسطينية أو بالأحرى  يجعل الأنظمة الديكتاتورية تشغلها عن ذلك . وما يحدث في العراق أيضا لا يختلف عما حدث في مصر وما يحدث في سوريا وباقي بلاد الربيع العربي، إنها الفوضى الخلاقة التي  أريد لها خلقت الأجواء المناسبة لتهويد فلسطين .  وليس من قبيل الصدفة أن يتدخل الروس في سوريا مباشرة بعد زيارة نتنياهو لموسكو التي تعتبر دخولها الحرب في سوريا بسبب مصالحها ومن مصالحها بطبيعة الحال  تهويد فلسطين . وليس من قبيل الصدفة أن يتم التفاهم بين الروس والصهاينة على  الطيران في الأجواء السورية والتعاون فيما بينهما لقصف المعارضة السورية . وليس من قبيل الصدفة  أيضا أن يتم التفاهم بين الروس والأمريكان على عدم الاحتكاك في الأجواء السورية وعلى التنسيق بينهما مع أن الأمريكان يدعون أنهم يقفون مع المعارضة ضد بشار إلا أنهم تخلوا عن هذه المعارضة التي أصبح ظهرها عاريا أمام الهجمات الروسية والإيرانية . ودخول إيران على الخط في الحرب الدائرة في سوريا والعراق يدخل ضمن مخطط تهويد فلسطين أيضا ، ذلك أن التفاهم الغربي مع إيران بخصوص مشروعها النووي كان له ثمن ، ومن ثمنه أن تنخرط إيران في خلق الفوضى الخلاقة في الوطن العربي من أجل تمكين الكيان الصهيوني من تهويد فلسطين في ظرف انشغال الشعوب العربية بهذه الفوضى .ولقد تأكد بما لا يدع مجالا للشك أن تحرير فلسطين يبدأ أساسا من  نهاية الاستبداد في الوطن العربي وسيادة الديمقراطية فيه .  

وسوم: 638