السابع عشر من ديسمبر من كل عام ، سيظل عالقا في الأذهان ...

اندلعت  الشرارة الأولى لثورة الشباب الغاضب في  تونس  في 17 من ديسمبر 2010  حين أقدم الشاب  " البوعزيزي"   من حرق نفسه في مدينة  سيدي بوزيد المنسية و المهمشة  لحد الآن و ذلك لأسباب تعرضه  للاهانة  واللامبالاة  و للظلم و القهر و "الحقرة "، وهي الحادثة  المريعة التي أدت إلى إنهاء نظام حكم زين العابدين بن علي القمعي ...

https://ssl.gstatic.com/ui/v1/icons/mail/images/cleardot.gif

في 17 كانون الأول ديسمبر 2010  أقدم  بائع الخضروات المدعو " البوعزيزي " على الانتحار احتجاجا على إهانته من طرف موظفة تعمل بالتراتيب البلدية و منعه من إيصال شكواه إلى السلط الجهوية ، والمسؤولين في المنطقة و مصادرة بضاعته  التي كان يبيعها على عربته لعدم امتلاكه التراخيص القانونية  اللازمة ولأنه رفض استلام رخصة بالرشوة ... 

هذا الشاب التونسي غير دون شك مجرى تاريخ تونس  ، مثلما غير نظم  بعض البلدان العربية ، ليخلق موجة احتجاجات تسمى بالربيع العربي .  إن البوعزيزي كان سببا في تغير لا فحسب نظام بن علي البائد، بل و حتى نظام حسني مبارك في مصر و العقيد القذافي في ليبيا.

اليوم تمر خمسة سنوات على حادثة إحراق " البوعزيزي " لنفسه احتجاجا على واقعه البائس وعلى الاهانة التي لحقته ، فهو لم يحرق نفسه فقط بل أشعل معه نيران التغيير في كل البلاد العربية  !

لقد جاءت النار لا فحسب على جسد البوعزيزي  ، بل جاءت على طغاة حكموا شعوبهم بالحديد و النار و القمع  فأحرقتهم نار البوعزيزي التي أتت على كل جسده ، و أبعدتهم عن السلطة و الجاه ... مثل بن علي الذي فر هاربا  إلى السعودية  بعد أن رفضته دول عديدة و منها فرنسا  و مبارك  ، و القذافي الذي لقي حتفه و طغاة آخرون ينتظرون نفس المصير كبشار الأسد الذي قتل و شرد شعب سوريا المكلوم .

 إن البوعزيزي بحرق نفسه ، أوصل رسالة  إلى كل شعوب الدنيا المقهورة ، أوصلها بحكمة و ذكاء مع انه يعرف تماما أنها ستكلفه حياته . فبهذه الحادثة الأليمة التي ألهبت حماس الشباب و خاصة العاطل عن العمل و أصحاب الشهادات العليا ، أيقظت إحساس الإنسان العربي بذاته وكرامته... فثار الشعب كله على القهر والذل والفقر، وخرجت الملايين إلى الشوارع تنشد الحرية والخلاص ، و ترفض الذل و الهوان . و أن هؤلاء الحكام الطغاة الفاسدين ، هم مجرد وهم ، يجب محاسبتهم و لا مكان لهم بين الشرفاء " فلا عاش في تونس  من خاتنها و لا عاش من ليس من جندها "... إن البوعزيزى سيظل رمزا للحرية و الكرامة الإنسانية و لن تتمكن الأنظمة العربية خداع شعوبها ثانية لأن الشعوب العربية تحررت من الخوف و أصبح بإمكانها التدخل متى أرادوا ذلك لأن الديمقراطية تفتح لهم مجال الشعب يحكم نفسه بنفسه . هكذا فان يوم 17 ديسمبر 2010، غير مجرى تاريخ  تونس .

وسوم: العدد 647