بيان للرأي العام الكردي السوري في ختام لقاء تشاوري
"ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين"
لقد التقت فئة من الشباب الكردي السوري، يمثّلون مختلف التوجهات والمناطق الكردية السورية، وتدارسوا على مدى ثلاثة أيام(23-25/12/2015م) في إحدى المدن الألمانية، أوضاع الثورة السورية اليتيمة المباركة، التي ستصل بإذن الله إلى أهدافها النبيلة من التحرر من الطغيان والفساد والطائفية، وامتلاك القرار الوطني المستقلّ، وأكدوا أن هذه التضحيات الجسيمة التي قدّمها شعبنا المضحي المصابر في سبيل حريته وكرامته لن تذهب هدراً، بالرغم من اجتماع قوى الشرّ المحلية والإقليمية والدولية ضد هذه الثورة المعبّرة عن ضمير الشعب السوري وعن أمة المليار ونصف المليار، وبالرغم من استدعاء العصابة الدموية الحاكمة في دمشق لاحتلالات فارسية وروسية بغيضة لسورية، ولعصابات طائفية موتورة امتهنت الارتزاق، وسفك الدماء البريئة، والتدمير الممنهج، وتجذير الطائفية، والحقد المقدس في مجتمعنا السوري، الذي ما عرف يوماً هذه الآفات والمخاطر الاجتماعية، التي تهدد النسيج المجتمعي السوري وتنذره بالتمزق المتعمّد.
كما تدارس المجتمعون أوضاع الشعب الكردي في سورية، هذا المكوّن الأصيل للشعب السوري، ووقفوا طويلاً عند المخاطر الجسيمة التي تتهدد حاضر هذا الشعب ومستقبله، سياسياً واجتماعياً وأخلاقياً قيمياً وعلمياً، بسبب السياسات غير المسؤولة التي تتبعها سلطة الأمر الواقع بقوة السلاح، في المناطق ذات الغالبية الكردية في سورية، في ظل تغييب كامل لدور الشعب الكردي ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والقوى الحية الأخرى في المجتمع الكردي، وفي إطار قمع بوليسي بغيض للتنسيقيات الثورية والشباب الكردي المتماهي مع الثورة السورية منذ انطلاقتها في أيامها الأولى.
إن السياسات المتبعة من جانب سلطة الأمر الواقع في المجتمع الكردي السوري قد اتخذت جملة من المظاهر، يمكن إيجازها بما يأتي:
1- محاربة الأخلاق والقيم والمثل العليا وصولاً إلى الدين في المجتمع الكردي، التي كانت الناظم والمرجع وعامل الحفظ والاستمرار والتماسك لهذا المجتمع على مدى قرون متطاولة.
2- تدمير الروح الاجتماعية الكردية والوحدة الوطنية الكردية، وتقسيم المجتمع الكردي السوري إلى فئتين متناحرتين: فئة موالية لهذه السلطات غير الشرعية، لها كل الامتيازات. وفئة لا ترضى بالتبعية والدونية والخنوع، تصفها هذه السلطات بالخيانة وليس أمامها إلا القمع أو الهجرة والاغتراب!!!
3- هيمنة ميليشيات عسكرية، مرتبطة بقوى وأنظمة معادية للشعبين الكردي والسوري، على مقدّرات المناطق الكردية، وتهميش الغالبية العظمى من الشعب الكردي السوري وقواه الحية، وتزييف الديمقراطية وإرادة الشعب في هذه المناطق.
4- العمل على تجهيل الشعب الكردي بأدلجة التعليم لدى أبنائه، وإخلاء المناطق الكردية وتفريغها من طاقاتها وأصحاب الكفاءات والشباب فيها بدفعها للهجرة، نتيجة الممارسات القمعية والابتزاز والضغط وانعدام فرص العمل والغلاء الفاحش.
5- اللجوء إلى البلطجة والخطف والسجون السرية، وتسخير خيرات المناطق الكردية لأغراض ومغامرات لا تصبّ في مصلحة الشعب الكردي في سورية.
6- انتهاك كرامة المرأة والطفل الكرديين وحقوقهما، بتجنيد الفتيات القاصرات والأطفال وسَوقهم إلى معارك وصراعات بعيدة عن أهداف الكرد ومصالحهم، في تحدٍّ صارخ مستفزًّ لمشاعر أهالي هؤلاء الفتيات والأطفال.
7- التغيير القسري، بقوة السلاح والترهيب واختلاق الذرائع الواهية، للتركيب الديمغرافي لمناطق متداخلة ذات حضور كردي عربي تركماني متعايش، وما ينتج عن هذا التغيير من مخاطر تهدد الوحدة الوطنية والعيش المشترك وتجذير روح الانتقام والإرهاب والثأر لدى الضحايا.
8- تسييس الأعمال الإغاثية الإنسانية والطبية، بشكل صارخ واستفزازي، والاستيلاء على المواد الغذائية والمساعدات الطبية والإنسانية، والتصرف بها بعيداً عن روح العدل والمساواة والشعور الإنساني. ومنع المنظمات والهيئات الإغاثية المستقلة من عملها، وملاحقة عناصرها، واتباع سياسات القمع والترهيب والابتزاز معهم.
9- إصدار قرارات وقوانين ولوائح ومراسيم غير شرعية، ليس الهدف منها إلا ترسيخ الدكتاتورية، وتقنين القمع، وتجذير سلطة الأمر الواقع، وتعميق الخلافات المجتمعية، وتغليف سيطرة الحزب الواحد والنظرة الأحادية واحتكار كل شيء، في مناحي الحياة المختلفة وصبغها بلون واحد مفروض بقوة السلاح.
لقد أكد المجتمعون أن هذه السياسات والممارسات، التي لا تختلف عن سياسات العصابة الأسدية الحاكمة منذ ما يزيد على نصف قرن، وأكدوا أنها هي التي دفعت الناس إلى الثورة في سورية، واسترخاص الغالي والنفيس في سبيل إعادة الحق إلى نصابه ولأهله، وتوجيه البوصلة التوجيه الصحيح، قبل غرق السفينة التي تحمل الجميع على متنها ويتهددهم الغرق، وليس فقط المتحكّمين بدفّة القيادة.
إزاء هذه المخاطر التي تهدد الكرد السوريين جميعاً حاضراً ومستقبلاً، في كل مجال من مجالات حياتهم، الدينية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية والفكرية والاقتصادية، فإن المجتمعين يؤكدون أن سياسة النأي بالنفس، واللامبالاة، والتجاهل، ودفن الرأس في الرمل، لا تزيد الأمور إلا سوءاً، ولا تزيد الطاغية إلا تجبّراً وطغياناً وتأتي على البقية الباقية من الإنسان والأرض.
لكل ما سبق، فإننا ندعو جماهير شعبنا الكردي السوري، منظمات مجتمع مدني وأحزاباً وروابط وهيئات دينية وثقافية واقتصادية وصناعية، كما ندعو الطلبة والتجار والعمال والفلاحين والشباب جميعاً، ونخص من هؤلاء الإعلاميين وأصحاب الأقلام، إلى توحيد المواقف ورصّ الصفوف وتجاوز الخلافات، لمواجهة الخطر المحدق بنا، نحن الشعب الكردي في سورية، قبل فوات الأوان، ووضع حدّ لمهازل سلطة الأمر الواقع، ومحاولتها جرّنا إلى مصير مجهول، ندعوهم جميعاً إلى أخذ زمام المبادرة، والعمل على تقليل المخاطر، متّبعين في ذلك كل وسيلة ضغط وتصويب؛ من نصح، وتحذير وتبصير بمآلات سياساتهم غير الصائبة، ومسيرات سلمية، ومظاهرات، واعتصامات، وإضرابات، وعصيان مدني برفض كل الأوامر والإجراءات الصادرة عنها، لإرغامها على الخضوع للمطالب الكردية الحقة، وترك حكم المناطق الكردية السورية لأهلها الحقيقيين، بعيداً عن الإملاءات والتدخلات الأسدية والفارسية الروسية الوقحة.
"والله غالب على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون".
جبهة العمل الوطني لكرد سورية – فرع أوربا
27/12/2015م
وسوم: العدد649