مقياس نبض الأمة
بسم الله .. قال النبي (ص) "إذا تبايعتم بالعِينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم" وقال "إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودّع منهم"
قال المتنبي : رماني الدهر بالأرزاء حتى * فؤادي في غشاء من نبال
............فصرت إذا أصابتني سهام * تكسرت النصال على النصال
...................وهنت فما أبالي بالرزايا * لأني ما انتفعت بأن أبالي
امتحان الذل : قالت صحيفة اللومند الفرنسية/2012 "لو تظاهر المسلمون لنصرة الشام كما تظاهر انتصارا من الفيلم المسيء لاضطر الغرب إلى التدخل في سوريا وحسم الأمر فيها" . وقال الخبير السياسي والأستاذ الجامعي الفرنسي"جان بيير فيليو"تظاهر المسلمين نصرة للشام على نحو تظاهرهم نصرة للنبي (صلى الله عليه وسلم) من الفيلم المسيء كان كفيلا على وجه القطع لحمل الغرب على تغيير سياسته ضد النظام السوري .
قال أمير المومنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه "لئن أستنقذ رجلا من أيدي الكافرين أحب الي من جزيرة العرب" و قال الإمام مالك فيما حكاه عن السلف وعلماء المدينة : واجب على الناس أن يفدوا الأسارى بجميع مالهم حتى لا يبقى لهم درهم .و قال ابن الجوزي يجب استنقاذهم بالقتال ان كان بالمومنين قوه وأن لا تبقى لنا عين تطرف حتى نستنقذهم فكيف بأمة كاملة في أرض الله المقدسة الشام فسطاط المسلمين تذبح وتنتهك أعراضها ؟ والأمة جمعاء تتفرج وهم مليار ونصف غثاءة أو يزيد !؟ وقال القاضي أبو بكر ابن العربي في تقرير وجوب نصرة المستضعفين من المسلمين : فوجب نصرهم حتى لا تبقى منا عين تطرف حتى نخرج لاستنقاذهم أو نبذل جميع مالنا في ذلك حتى لا يبقى لأحد درهم ! ثم قال وهذا قول جميع العلماء أي هو محل إجماع .
منذ مطلع عام 2012 والله يشهد دعوت مرارا المشايخ والقادة والمعارضة إلى دعوة الأمة كافة للمشاركة في نصرة أهل الشام وذلك بدعوة الأمة للخروج في مظاهرات سلمية عارمة عقب صلاة الجمعة من كل جمعة والمسير نحو سفارات ايران أو أمريكا أو روسيا مما يحيي مشاعر الأخوة والتضامن بين أفراد الأمة بله مافي ذلك من نصرة للمستضعفين واستجابة لأمر رب العالمين , وقلت حينها أن الحكمة الراشدة والعقل السديد يمليان على أنه يفترض بالأيمة والمشايخ وقادة الأمة أن يجدوا سببا يبعث الحياة في روح الأمة وينبهها من سباتها وأنه لو لم تكن الثورة السورية قد أوجدها الله تعالى في "فسطاط المسلمين" يدرك بها هذه الغاية وزيادة لوجب على هؤلاء ايجاد البديل الذي به يبلغون أسمى الغايات التي تتمثل في بعث الأمة من رقادها والمضي بها نحو إعادة صرح مجدها التليد مع ما في هذا من أداء حق واتباع أمر ونصرة مظلوم , تظاهرت السلفية وتداعت لنصرة النبي (ص) بسبب الفيلم المسيء ! مما أكره أمريكا على اتخاذ موقف صارم خشية الأمن على رعاياها وسفاراتها ومصالحها , أما أمته صلى الله عليه وسلم في الشام تذبح وهو منها بمنزلة الوالد للولد فلا أحد من هؤلاء يتحرك !؟ فأي الجرائم أعظم وأي ذلك يؤلم وينال النبي (ص) بالمعرة أكثر : السخرية به أو شتمه من حياة ولده وعرض ابنته في الشام ؟؟؟
إن السماح بالتظاهر ضد الفلم المسيء يندرج في قالب مسرحية الصمود والتصدي التي تسمح أمريكا للحكام العرب -وكلائها- أن يمثلوها لينفسوا عن كثير من الضغوط الشعبية ضدهم مما يسمح لهم بنيل قسط من الشرعية والوطنية والظهور بمظهر من ينافح عن الدين أو ينصر فلسطين والتي علم هؤلاء جميعا بل وحتى حماس أن تحرير فلسطين وبما في ذلك تمثيلية جهاد حماس لن تحرر الأقصى قط فتحرير القدس ينبغي أن يكون مسبوقا لا محالة بتحرير دمشق وبغداد .. لأن معركتنا مع اليهود معركة عالمية ألم تصر عالمية في الشام إلا حماية للدولة المدللة اسرائيل ؟ أما السماح في التظاهر نصرة للشام فإنه الجد وإنه أحد أسباب إفشال المخطط الأمريكي والصهيوني لهذا فإنه لا يسمح لأحد من مشايخ الإسلام بالدعوة إلى التظاهر والمسيرات السلمية نحو السفارات , ولكن يوكل إلى هؤلاء الخُنَّع مشايخ السلطان "أصحاب الكروش والقصور" وغيرهم باستصدار الفتاوى لمحاربة الدولة الإسلامية إحدى أهم القوى السنية في الحرب التي تخوضها ايران الفارسية لاستعمار الشام بإذن من أمريكا وعون من روسيا وليس العمل على وأد الفتنة والصلح (والصلح خير) حتى بلغت الوقاحة ببعض هؤلاء الحثالة أن جعلوا قتال الدولة الإسلامية والآن يعمل على ضم جبهة النصرة إليها أولى من قتال النصيرية !!! (راجع مقالتي إجماع علماء السلف على الجهاد مع الخوارج صفا واحدا ضد الشيعة) إلى هؤلاء المنافقين أنقل كلام الصحفي الفرنسي "نيكولا إينان" : "حين يقول البعض "داعش" أولاً ثمّ الأسد لاحقاً أقول لا تصدقوهم،إنهم يريدون إبقاء الأسد في منصبه" . الحمد لله أن أنطق حتى النصارى بالحق إظهارا للحجة الدامغة على هؤلاء المشايخ العضارطة .
خاتمة : وهنت فما أبالي بالرزايا * لأني ما انتفعت بأن أبالي ... إن ما يعمل عليه الغرب في الشام والعراق من قبل خصوصا وفي سواد أمصار المسلمين عموما هو البلوغ بالأمة إلى عين معنى قول المتنبي هذا فإنهم يريدون سحق الجهاد في الشام والعراق بالجهاد ضد الجهاد وبالسنة ضد السنة وهذا الأمثل حتى لا يكون ثمّ بعد اليوم قائل يقول حي على الجهاد فقد رأيتم يا معاشر أهل السنة نتائج الجهاد ثم هم يريدون من الأمة أن تبقى جسدا لا حراك فيه ولا حياة تعمل جميعها بقول الفرزدق :
دع المكارم لا ترحل لبغيتها * واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
ففي حماه مثلا وعقب مجزرة حماه عام 1982 لم يكن أحد في سوريا أشد معارضة للإخوان المسلمين والجهاد من أهل حماه وذلك لأن التجربة المريرة أثبتت لهم أن ليس ثمة سبيل ولا فائدة ترجى من الجهاد ثم لم يكن في أهل الشام كلهم أعقل من كبار ومشيخة أهل حماه عام 2011 حين أجمعوا على وجوب التدخل الجوي وأنه بغيره لن يسقط النظام مما شرحته وبينته ونصرته في حينه بما لا مزيد عليه , وهكذا يريد الغرب للأمة أن تكتفي بمشاهدة الجزيرة والتوجع وترديد الحوقلة والاسترجاع دون التظاهر والإنكار باليد واللسان , إن الخروج عقب الجمعات في مظاهرات لهو حياة الأمة ومقياس نبضها .
وسوم: العدد 650