لا مراجعة ولا تكتيك في مواقف الأستاذ بنحمزة بل خيل ذلك للحساد المغرضين

 كعادته سارع موقع من مواقع التواصل الاجتماعي بالجهة الشرقية لنشر مقالا يدخل ضمن أسلوب النقد المجاني المعهود في هذا الموقع لفضيلة العلامة مصطفى بنحمزة رئيس المجلس العلمي المحلي  ، وعضو المجلس العلمي الأعلى . ولقد بلغ الأمر بهذا الموقع أن شمت بفضيلته  حتى حين مرض ، وروج لإشاعة تكتمه على المرض عكس ما حصل حيث كان خبر مرضه شائعا  شيوعا واسعا حتى أنه كان بعلم ساكنة مدينة وجدة والجهة الشرقية وكل جهات المغرب خصوصا بعد أن تدخل جلالة الملك لعلاجه داخل وخارج الوطن . ومما نشر على هذا الموقع مقال تحت عنوان : "  مواقف بنحمزة بين المراجعة المبدئية والتكتيك المرحلي "  جاء فيه ما يلي :

ـ  كثرة التساؤلات التي طرحتها مداخلة الأستاذ بنحمزة  يوم أمس بمركز الدرسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية ، وهي تساؤلات منتقديه بطبيعة الحال ، وصاحب المقال واحد منهم ، والذي رأى أن السيد بنحمزة اكتسب ما سماه جرعة كبيرة من الجرأة والشجاعة غير المعهودة في خطابه المحافظ ، والملتوي،مع تشكيك صاحب المقال في هذه الجرأة والشجاعة التي لم تكن في رأيه صدقة دون مقدمات .

ـ نسبة اتهام الحراك العربي بأنه استهدف إمارة المؤمنين للأستاذ بنحمزة  .

ـ نسبة مهاجمة الوهابية له  ، وانتقاد الخطباء الذين لا يأخذون بالمرجعية الأشعرية .

ـ اتهام السيد بنحمزة بعدم الولاء للثوابت الدينية والوطنية وارتباطه بالحركة الأصولية ذات العمق المشرقي بشقيها الوهابي  والإخواني ، وأنه كان في قلب الإسلام الأصولي المؤدلج .

ـ اتهامه بتغييب التصوف الذي اعتبره صاحب المقال من أركان التدين المغربي على حد تعبيره .

ـ ا تهامه بمواقف متشددة مما سماه المرجعيات الحقوقية والديمقراطية  وأدبياتها ومهاجمة كل القوى الحداثية  والتقدمية .

ـ التساؤل الواضح التشكيك عما اعتبره صاحب المقال تغييرا في موقف الأستاذ بنحمزة ، هل كان نقدا ذاتيا ومراجعة جذرية لما سماه المسلكيات العقدية  والإيديولوجية التي كان  يتبناها أم أن الأمر عبارة عن تكتيك بسبب ضغوط  جاء بعد استهلاك الخطاب الأصولي .

وتضمن الخطاب اعترافا من صاحب المقال  بأهمية المداخلة التي قدمها فضيلة الأستاذ وإن كان الغرض من الاعتراف تكتيكا مكشوفا لتمرير النقد المجاني .

وردا على ما جاء في هذا المقال أقول بداية : (( قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر حاسد إذا حسد )) ذلك أن لهجة المقال كشفت عن حسد مكشوف لأن مداخلة فضيلة العلامة فرضت الاعتراف بقيمتها  العالية على الخصوم، وهو ما لم يجد صاحب المقال بدا من ذكره ،وإن حاول التشكيك في خلفية صاحبها .

وبعد ذلك أسجل تهافت نقد صاحب المقال الذي أخذ من مداخلة فضيلة العلامة ما يشفي غليله من النقد المجاني  وتصرف في كلامه دون وجه حق ، وغيب ما شاء مما جاء في المداخلة والتي  لسوء حظه حضرها علماء  وخطباء  ودعاة وأئمة ومثقفون، ونصيب فهمه أمام هؤلاء جميعا صفر، وهو ما يجعله مكشوف التجني على السيد بنحمزة .

والمعروف عن الأستاذ بنحمزة  أنه صاحب مواقف ثابتة لم تتغير أبدا ، وهو صاحب جرأة وشجاعة طبيعة ، ولا مبرر لمن يزعم أنه اكتسبها أو يكتسبها لسبب أو لآخر ، وما عهد فيه الجبن أو الخور. ولم يعهد فيه تقديم صدقة بين يدي خطابه الذي لا مقدمات ولا مؤخرات له، بل هو خطاب دائما  رصين صادر عن قناعة ثابتة ، ولا عهد فيه الانصياع  لضغط مهما كان  من قبل ، ولن يكون من بعد.

أما الاتهامات المنسوبة  لفضيلة العلامة فمحض زور وبهتان لأنه لم يصدر عنه اتهام حراك الربيع باستهداف إمارة المؤمنين ، وإنما كان حديثه عن تسابق مذهبي خصوصا لدى الشيعة لإضفاء الشرعية على ولاية الفقيه على حساب إمارة المؤمنين عند أهل السنة .  ولم يفهم من خطابه أنه  هاجم الوهابية بل تحدث عن نفي أتباعها المتأخرين  لورود المجاز في القرآن الكريم ، وبرهن على عكس ذلك بما جاء في كلام الإمامين ابن حنبل وابن تيمية،  وهما مرجعان للوهابية .  ومن الاتهامات الخطيرة والباطلة لفضيلة العلامة أنه لا ولاء له للثوابت الدينية والوطنية ، وأنه أصولي الولاء أصولية وهابية وإخوانية ، وهذا محض مزايدة على الرجل ، ودليل على جهل صاحب المقال الذي يجمع بين ضدين لا يلتقيان وهما الوهابية والإخوانية ، ومن حق فضيلة العلامة متابعته أمام العدالة على تهمة تخوينه دينيا ووطنيا . واتهام فضيلته بتجاهل التصوف محض جناية ودليل على بلادة لأن المداخلة لم تقتض الحديث عن التصوف ذلك أن الهدف منها كان هو بيان الخلاف بين  الأشعرية  وغيرها  بخصوص إثبات أو نفي المجاز في كلام الله عز وجل ، والتصوف لا علاقة له بالموضوع . ومن الغريب أن يجعل صاحب المقال التصوف ركنا مما سماه الإسلام المغربي ، وهو تعبير يوحي بوجود أنواع من الإسلام  حسب الجغرافيا الطبيعية والسياسية ، علما بأن المغاربة ليسوا كلهم أهل تصوف، ولا يجمعهم التصوف  بل تجمعهم العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي والبيعة لإمارة المؤمنين ، أما التصوف فشغل طائفة  من الشعب ، ولا نريد الخوض في  طبيعة التصوف الممارس لدى  البعض ،وعن مدى بعده أو قربه من الطريقة الجنيدية التي تعني التصوف السني المخالف للتصوف البدعي الذي تغلب عليه الشطحات والدروشة والخرافات  وتقديس الشيوخ  وتقبيل أيديهم وأرجلهم  وشرب ما يفضل من ماء غسيل أطرافهم ... ولقد ورد في مداخلة فضيلة العلامة أن المغاربة  باعتمادهم فقه  وعقيدة الإمام مالك كلهم سلفيون بمعنى ثباتهم على السنة التي بني عليها  هذا الفقه  والاعتقاد ، ومن ثم  فإن المتصوفة منهم تصوفا سنيا سلفيون بالضرورة على اعتبار أن طريقة الجنيد  الصوفية لا تخرج عن نهج السنة .  والمعروف عن فضيلة السيد رئيس المجلس العلمي أنه لا يتشدد ولا يهاجم ما سماه صاحب المقال المرجعيات الحقوقية والديمقراطية والحداثية والعلمانية والتقدمية بل يحاورها  ،وهي التي يجتمع أصحابها حول فكرة إبعاد الدين عن الواقع ، والسعي نحو إنشاء ما يسمى المجتمع المدني الذي لا تحكمه ضوابط الدين ، ولا يستغرب ولا ينكر على عالم  وعضو مجلس علمي أعلى  ومحلي أن ينبري للرد على الذين يريدون إقصاء الدين من الواقع ، ولا يعتبر رده عليهم هجوما . وإذا اعتبر حواره معهم ورده عليهم هجوما، فماذا يسمى اقصاؤهم للدين ؟ وأخيرا نشير إلى أن صاحب المقال كان شاردا وخارج السياق في وصفه لمداخلة الأستاذ مصطفى بنحمزة ، وقد أكد بجلاء تحامله المكشوف عليه ، وكان الله في عون حاسد إذا حسد .  

وسوم: العدد 657