كتاب الله عز وجل وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام أشرف من أن يخوض فيهما أهل الأهواء من العلمانيين
لوحظ مؤخرا لدى بعض الأشخاص المحسوبين على المجالين الفكري والحقوقي التمادي في استهداف القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة . ومعلوم أن دافع الاستهداف هو الانتصار للتوجه العلماني الذي يريد أن يفرض وصايته على المجال الحقوقي، وأن ينصب نفسه ناطقا رسميا باسمه . وعن طريق المدخل الحقوقي يستهدف العلمانيون النصوص المقدسة قرآنا وسنة بذريعة احتواء هذه النصوص على أحكام تصادر الحريات ، وتمس الحقوق حسب زعمهم . ويوما بعد يوم يحاول العلمانيون بخبث صريح نزع القداسة عن هذه النصوص المقدسة عن طريق التجاسر عليها ، ونشر هذا التجاسر على نطاق واسع إعلاميا مستغلين التمتع بحرية التعبير المكفولة ، وقد تجاوزوا بها كل الخطوط الحمراء . واستهداف النصوص المقدسة عن طريق نزع القداسة عنها إنما يحركه الصراع السياسي والحزبي خصوصا في ظل حكومة يقودها حزب محسوب على التوجه الإسلامي ، وهو حزب راهن عليه الشعب إبان حراك 20 فبراير الذي كان رد فعل على الفساد السياسي وما ترتب عنه من فساد اقتصادي واجتماعي وثقافي . ورهان الشعب على حزب ذي مرجعية إسلامية يعتبر مؤشرا على ثقة هذا الشعب في مبادىء الإسلام التي تحقق العدالة بين الناس ، وليس في أشخاص ينتسبون إليه . ولقد بذلت التيارات الحزبية المختلفة في طول الوطن العربي وعرضه خصوصا ذات التوجه العلماني ما في وسعها للتشكيك في أهلية كل حزب ذي توجه إسلامي لممارسة السلطة . ولقد أجمعت التيارات العلمانية في الوطن العربي إبان ربيعه على إظهار العداوة للأحزاب ذات التوجه الإسلامي، علما بأن هذه الأخيرة فازت في اللعبة الديمقراطية بمراكز صنع القرار ، الشيء الذي أقلق الغرب العلماني، فتدخل بقوة لمنع هذه الأحزاب من ممارسة السلطة نظرا لاختلاف الإسلام الجذري مع العلمانية . ولقد لجأ الغرب إلى أساليب ماكرة ومكشوفة للإطاحة بالأحزاب ذات التوجه الإسلامي، وتراوحت هذه الأساليب ما بين انقلاب عسكري كما هو الشأن في مصر ، وانقلاب انتخابي كما هو الشأن بالنسبة لتونس والمغرب . وبعد الانقلاب العسكري في مصر على الشرعية التي جاءت بها الديمقراطية، وكانت لصالح حزب الحرية والعدالة نشطت التيارات العلمانية في العالم العربي من أجل تقويض كل حزب ذي مرجعية إسلامية . وأشعل الغرب العلماني حروبا طائفية في منطقة الشرق الأوسط لمنع فوز المزيد من الأحزاب الإسلامية ، واستنبت فيها عصابات إجرامية ترتكب الجرائم الوحشية باسم الإسلام لتشويهه من جهة ، ولتبرير الإجهاز على الأحزاب الإسلامية من جهة أخرى ، ومنعها من الوصول إلى مراكز صنع القرار، وذلك بتلفيق تهمة الإرهاب لها ، وحشرها في خانة إجرامية واحدة مع العصابات الإجرامية المستنبتة مخابراتيا ،والتي تطبق ما يمليه عليها الغرب الذي وجد فيها ذريعة لغزو منطقة الشرق الأوسط، وذلك أجل التمكين للكيان الصهيوني الذي يتوجس من كل ما يمت للإسلام بصلة بعد أن وجد مقاومة شرسة من فصائل المقاومة الإسلامية الفلسطينية . ويرى الكيان الصهيوني أن فوز الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية في الوطن العربي معناه نهايته ، وتبخر حلمه بالحفاظ على وجوده واستمراره وتوسعه . وفي خضم كيد الغرب العلماني للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية سواء التي فازت عن طريق اللعبة الديمقراطية أو التي لم تتح لها فرصة المشاركة في هذه اللعبة بسبب مؤامرة الحرب الطائفية ، نشطت طوابير خامسة للعلمانية الغربية في الوطن العريي ، وهي تخوض حملة شرسة ضد الأحزاب ذات التوجه الإسلامي ، ومن ثم تصفي حسابها مع الإسلام من خلال النيل من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . وبدأت هذه الطوابير الخامسة المنفذة لأجندة الغرب العلماني في التشكيك في قدسية النصوص الدينية لتعطيلها ، وعزلها عن الواقع ليخلو الجو للعلمانية فتصير معولمة . ولقد أصبح المسلمون يسمعون عن قرآنهم وسنتهم ما لم يقله أعداء الإسلام فيهما من قبل . ولعل ما يغيب عن أذهان الطوابير الخامسة العلمانية أن هذا الدين إنما يقوى عندما يضيق عليه الخناق تماما كما كان عليه الحال إبان البعثة النبوية . وقدر هذا الدين الذي أراده الله عز وجل له هو الظهور على غيره حتما ، وبداية ظهوره إنما تكون حين يقوى التآمر عليه ، والمكر به .
وسوم: العدد 657