المعلمون... قضية عادلة أمام سلطة أمنية متآمرة

يتمسك المعلمون الفلسطينيون في الضفة الغربية بتحقيق مطالبهم التي يصفونها بـ"العادلة" لوقف إضرابهم الذي أتم أسبوعه الثالث على التوالي، فيما عبروا عن رفضهم لمبادرة الأسرى التي رأوا فيها صدى لموقف الحكومة التي رأت أن استمرار الأزمة يهدد مستقبل المسيرة التعليمية (موقع العين).

إنه لا خلاف على أن قضية المعلمين هي قضية عادلة تستوجب دعم أهالي الطلبة والوقوف مع المعلمين لاسترداد حقوقهم وكرامتهم، وإن دور المعلم أرقى وأعلى منزلة وشأنا من أدوار الساسة الذين يتآمرون على قضية فلسطين، ولكن السلطة الفلسطينية قد جعلت أولئك الساسة المتآمرين فوق التعليم وفوق المعلّمين، وأعطتهم فرصة قمع المعلمين وإهدار كرامتهم، دون أن يهتز لساستها جفن حول مستقبل أبناء فلسطين.

ومن المعروف أن موازنة حكومة الحمد الله لعام 2016 والتي بلغت 4.25 مليارات دولار، قد خصصت للأجهزة الأمنية ما نسبته 28% من الموازنة، (حيث يستلم 64 ألف موظف عسكري 3.9 مليارات شيكل من إجمالي فاتورة الرواتب، مقارنة بـ91 ألف موظف في القطاعات الأخرى يستلمون 3.8 مليارات شيكل) (فلسطين أون لاين 2016/2/23). ولم تتجاوز النسبة المخصصة للتعليم 18% (وكالة معا2016/1/9).

وهو ما يعكس أزمة في التصور وفي التخطيط وفي السلوك السلطوي: فالحكومة التي تنفق على الأجهزة الأمنية التي تحمي الاحتلال أكثر بكثير مما تنفق على التعليم والمعلمين هي سلطة أمنية بامتياز، وإن ما يسمى بالمشروع الوطني الذي يغفل التعليم لأجل أمن الاحتلال هو مشروع لخدمة الاحتلال اليهودي وحماية أمنه، لا مشروع بناء جيل يحمل هم الصمود والتحرير.

ولا بد أن يستذكر الناس أن قادة منظمة التحرير قد برروا نهج التنازلات الذي مشوا فيه منذ أوسلو وبرروا استوزارهم تحت حراب الاحتلال على أنهم سيحولون فلسطين إلى سنغافورة الشرق الأوسط، رغدا وتقدما وسعة في العيش. ولكنهم على الأرض قد حولوا حياة أهلها إلى واقع أقرب إلى حياة الشقاء في طورابورا لا سنغافورة.

وهذا الواقع المعاش يعري منطق التنازلات الذي سارت عليه السلطة ويفضح قادتها، الذين يسترزقون من قاعدة "الحياة مفاوضات"، بينما يقمعون الناس ويسيئون لكرامة المعلم، ويسيرون على سياسة التجهيل لا التعليم.

ومثل هذه الحكومة السلطوية لا يمكن أن تكون مؤتمنة على مستقبل أبناء فلسطين ولا على قضيتها، وهي تتقن تنفيذ الإملاءات الأمريكية وتحقيق المصالح اليهودية، ولكنها تفشل في تلبية احتياجات الناس وتأمين متطلبات عيشهم الأساسية.

فهل من حياء في وجوه من يدافعون عن هذه السلطة وقادتها؟ والله قد نهى العباد عن المحاججة والمجادلة عمّن يخون، فقال: ﴿وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾.

وسوم: العدد 657