بساطة أو غفلة أو ماذا...؟
أبي وكعادته، دائما ما يترنم بأشعار شعبية كان قد حفظها منذ أيام شبابه.
بالأمس سمعته يكرر أهزوجة شعبية لم يعجبني سماعها:
شاهنشاه لائذ كون بالعباس
يا محمد رضا اسمك تاج فوق الراس
يا السويت حرية الجميع الناس
بالسته الشاه امأيدينه
يقول أبي أن مسؤولا حكوميًا زار قريتهم، فأنشد أحد الشعراء هذه الأهزوجة يمدح فيها الشاه مرحّبًا بالمسؤول القادم.
سألته إن كان قد تلقى ذاك الشاعر إنعاما إو إكراما من ذلك المسؤول مقابل أهزوجته.
فقال: بالعكس، جاء المسؤول خفيفـًا فارغـًا، ثم رجع مثقلا بالهدايا ولبن الغنم والزبد.
لم أجد تفسيرًا لما أنشد ذاك الشاعر من مديح للشاه وهو يظلمهم ويسرق ثرواتهم ولم يعترف بوجودهم أصلا.
هل هي البساطة؟ ...أم الغفلة؟ ...أم عدم الوعي؟ ...
أو هو كرم العربي إذا أقبل عليه ضيف حتى لو كان قاتل أبيه يحفو به ويكرمه؟
ولكن ماذا لو أن القادم كان سارقـًا مكارا يأتيك مرتديًا جلد شاة مخبئـًا تحته ذئبًا غادرًا؟!
مضى ذلك الزمان ببساطته وطيبة قلوب أهله وغفلتهم.
اليوم رأيت مقطعًا جاءني عن طريق الواتساب يمدح فيه أحدهم مندوبًا أجنبيًا:
(عرب هستم وداش بختيارم)
ولمة غير قليلة تقرع الأرض العربية وتدبك على أهزوجته!
أصابني الذهول من شدة العجب، وهجرني النعاس؛
ففتحت التلفزيون لأتفرج على فيلم أجنبي يتبادل فيه المجرمون الحقائب المملوءة بالأوراق النقدية
في الخفاء، وبعيدًا عن أعين المراقبة والناس البسطاء.
وسوم: العدد 658