بمناسبة عيد المرأة نتساءل هل التحرش الجنسي بالنساء فعل أم رد فعل ؟

حين تحل مناسبة اليوم العالمي للمرأة تتنوع طرائق الحديث عن هذه المناسبة . وقد اختار البعض الحديث عن العنف ضد المرأة والتحرش بها من أجل لفت الأنظار إلى وجه من وجوه المظلمة النسائية في العالم على اختلاف ثقافاته . ومع أنه لا يمكن إنكار وجود مظلمة نسائية ، فإن البحث في طبيعتها قد يفضي إلى طرح بعض الأسئلة من قبيل : هل التحرش الجنسي بالنساء فعل أم رد فعل ؟ بداية لا بد من التذكير بأن آفة التحرش الجنسي والمقصود به في الغالب تعرض الذكر للأنثى  بدافع جنسي لا وجود له في الثقافة الإسلامية التي تصون كرامة الذكور والإناث على حد سواء من خلال قيم العفة  حيث يفرض غض البصر على الجنسين معا في كتاب الله عز وجل لأن حاسة البصر هي سبب استفزاز غريزة الجنس  في الجنسين معا . ومعلوم أن البصر حين يقع على الجسد بدافع الغريزة الجنسية يكون  في الواقع هذا الجسد هو مصدر استفزاز الغريزة  الجنسية عن طريق حاسة البصر . ولا يمكن منطقا تصور رد فعل دون وجود فعل سابق عليه. فالذكر المتحرش بالأنثى أو المعترض لها في غياب وازع ديني أو أخلاقي إنما يكون تصرفه عبارة عن رد فعل على استفزاز الأنثى له  بشكل أو بآخر والعكس صحيح أيضا . وتختلف أساليب الاستفزاز الجنسي بين الجنسين  حسب طبيعتهما ، فقد تكون  بالنسبة للأنثى بالكلام  أو بالحركة أو بالإشارة أو باللباس ، وهو ما أشار إليه القرآن الكريم حين تحدث عن خضوع  الأنثى بالقول والذي يكون فعلا يؤدي إلى رد فعل هو طمع الذكر فيها  ،أوحين تحدث عن ضرب الأنثى برجلها كفعل يؤدي إلى رد فعل هو نظر الذكر إليها جنسيا  أو حين تحدث عن إدناء الأنثى عليها من جلبابها ، والضرب بخمارها على جيبها تجنبا  اللكشف عن جسدها  الذي يكون فعلا ينتج عنه رد فعل يسمى تحرش الذكر جنسيا بها  . وغالبا ما لا تعترف الإناث الكاشفات عن أجسادهن  أو عن أجزاء منها خصوصا تلك المحركة لغرائز الذكور بأن ذلك يعد استفزازا منهن أو فعلا ينتج عنه التحرش كرد فعل . وترى  غالبية الإناث أن الكشف عن أجسادهن أو عن أجزاء منها عبارة عن ممارسة لحرية التصرف في تلك الأجساد دون الانتباه إلى أن الذين يقدمون على التحرش بهن من الذكور إنما يدعون  هم أيضا أنهم  يمارسون حريتهم فقط  على طريقتهم الخاصة ، ويرون أنه لا  قيود لحاسة البصر علما بأن توجيه  الذكر بصره نحو  جسد الأنثى يعتبر في بعض الثقافات شكلا من أشكال التحرش الجنسي الذي يقتضي المتابعة القانونية دون اعتبار توجيه الأنثى بصرها نحو الذكر تحرشا جنسيا وكأنها لا غريزة جنسية لها تتحرك كما تتحرك غريزة الذكر الجنسية ،وهو ما يمكن اعتباره تجاهلا للانجذاب الجنسي  الغريزي المتساوي بين الجنسين . والمفروض ألا يصدر التحرش عن الجنسين معا ، وبنفس القدر عن طريق الكشف عن جسديهما  أو عن أجزاء منها لأن ما يثير غريزة  الجنس عند الذكر خلال النظر إلى جسد المرأة له ما يقابله  من الإثارة الجنسية عند الأنثى عندما تنظر إلى جسده ، وبناء على هذا لا يمكن أن يحصل التحرش الجنسي من طرف واحد فقط  بل من الطرفين معا . ولا يمكن أن توجه  تهمة التحرش الجنسي للذكر بالأنثى  وحده بل تشاركه الأنثى في  هذه التهمة مناصفة ، ولا تصلح في التحرش قاعدة للذكر مثل حظ الأنثيين لأن غريزة الأنثى الجنسية لا تختلف عن غريزة الذكر . وأخيرا على الذين يجعلون من اليوم العالمي للمرأة فرصة للحديث عن مظلمة نسائية اسمها التحرش الجنسي أن  ينتبهوا إلى أن ممارسة التحرش  الجنسي وإن اختلفت  أساليبه وأشكاله بين الجنسين حقيقة  موجودة لا يمكن إنكارها أو تجاهلها ، وربما سيفكر الذكر في تسمية يوم من أيام السنة اليوم العالمي للرجل ، ويجعله أيضا فرصة للحديث عن مظلمة رجالية يكون الحديث فيها عن تحرش المرأة جنسيا بالرجل على طريقتها الخاصة إما بخضوعها بالقول أو بضربها برجلها أو بالكشف عن جسدها أو الكشف عن أجزاء منه  لتكون العلاقة جدلية بين التحرش كفعل  عند أحد الجنسين وكرد فعل عند الآخر . ولا يمكن أن يشترك الجنسان في جريمة الزنى في شريعة السماء وشرائع الأرض على حد سواء دون اشتراكهما في التحرش الجنسي الذي يعتبر الزنى  في الغالب نتيجة له. وإذا ما أجاز  البعض  شرعنة  علاقة المثليين الجنسية ،ولا أسميها زواجا لاختلال شروطه التي تقتضي بالضرورة وقوعه بين جنسين مختلفين لا  بين مثليين ، فإنه لا يحق لهم  تجريم التحرش الجنسي ، علما بأن العلاقة الجنسية بين المثليين هي تحرش جنسي بامتياز .

وسوم: العدد 658