بوتين يفاجأ العالم بقرار انسحاب قواته من سوريا ، والخروج من اللعبة بأقل الخسائر

عندما تدخلت روسيا في الشأن السوري تحت  شعار مكافحة الإرهاب ومحاربة " داعش"، اتضح للعالم كله  أن الغارات الجوية الروسية على سوريا  لم تستهدف إلا قوى المعارضة المحسوبة في صف الاعتدال، حيث قتل خلالها مئات من المدنيين السوريين ، مما دفع منظمات حقوقية إلى اتهام الدب الروسي في سوريا بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية.

و بالرغم من ذلك لم تقع تحولات جوهرية ميدانيا لصالح النظام السوري، أما سياسيا فقد حدث توافق دولي على إجراء محادثات بين النظام السوري والمعارضة  لتطبيق خريطة طريق تؤسس لمرحلة انتقالية، لا تعرف نتائجها بدقة حتى الآن.

وبعد مرور مائة  يوم على بدء التدخل العسكري الروسي في سوريا ، وهو تدخل فيه و عليه عبر غارات جوية على مواقع المعارضة السورية كدعم موسكو لنظام بشار الأسد، و هو ما شَكَّلَ مفاجأة للقوى الدولية والإقليمية، وتباينت الآراء حول أهدافه وتداعياته.

اليوم هاهي روسيا تفاجأ العالم بقرار سحب قواتها من سوريا ، حسب  قرارالرئيس الروسي فلاديمير بوتين  و علاقة هذا القرار ببدء مفاوضات تسوية  الأزمة السورية و التقارير التي تتحدث عن توافقات بين القوى  الكبرى بهذا الشأن في جنيف .

إن قرار الرئيس بوتين فاجأ العالم كله ، باعتبار أن الروس وضعوا سقفا زمنيا مفتوحا لتدخلهم العسكري، يتراوح بين 12 و18 شهرا.

ولكن بوتين خَيَّرَ بأن يوجه  وزير دفاعه  لبدء سحب المجموعات الروسية من سوريا، لإنهاء تنفيذ مهامها ، وشَدَّدَ خلال اجتماع مع وزيري الدفاع والخارجية في الكرملين على ضرورة تكثيف الدور الروسي في العملية السياسية لإنهاء الصراع في سوريا، وقال متحدث باسم "الكرملين" ديمتري بوسكوف أن بوتين أبلغ الرئيس السوري بشار الأسد  هاتفيا بالقرار الروسي، وأن موسكو ستحتفظ ببعض التواجد العسكري في قاعدة "حميميم " والقاعدة البحرية في مدينة طرطوس السورية .

هذا القرار يطرح جملة من التساؤلات بشأن الخطوة الروسية، تتعلق بتوقيتها، والأهداف التي وضعها الروس عندما تدخلوا في سوريا عسكريا، بحجة القضاء على ما أسموه بالتنظيمات الإرهابية.

ويرى البعض من المحللين ربط  قرار الانسحاب من سوريا بالتصعيد العسكري في شرق أوكرانيا  خلال الفترة الأخيرة، وبخطر تنظيم " داعش" الإرهابي والتنظيمات الجهادية في منطقة آسيا الوسطى، إضافة إلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به روسيا ، حيث يسعى بوتين إلى الخروج من اللعبة بأقل الخسائر.

أما في ما يخص  مصير الأسد ، وهل سيتركه بوتين وحيدا ويتخلى عنه، فهذا أمر  يطرح أكثر من سؤال ، خاصة هو الذي دعمه وأسهم إلى حد ما في تغيير موازين القوى على الأرض، وما مصير مفاوضات "جنيف " بين النظام والمعارضة السورية على ضوء قرار بوتين هذا ؟

ولكن  ثمة من يصف  القرار بكونه خطوة شجاعة قد تكون مدخلا لإعادة  تطبيع العلاقات بين موسكو و أنقرة بعد التوتر الذي شهدته بسبب حادثة سقوط طائرتها الحربية في الخامس و العشرين من نوفمبر الماضي  .

وسوم: العدد 659