لا تثقوا بالولايات المتحدة (57)

الولايات المتحدة راعية الإرهاب في التبت الصينية منذ الخمسينيات

"إن الحوار مع تنظيم "داعش" الذي يسيطر على مساحات كبيرة من الأراضي في سوريا والعراق مهم من أجل إرساء السلام. أسمعهم [داعش] وأفهمهم وأحترمهم"

الدالاي لاما

2015

"مقطع الفيديو عن احتجاجات التبت الذي عُرض مع تقرير مراسل الـ CNN جون فاوس لم تكن له أية علاقة بالصين. ولم تكن الشرطة صينية، ولكن شرطة هندية بالزي الخاكي من ولاية هيماشال براديش؛ مقاطعة شمال شرق الهند. جعلوا المشاهدين يعتقدون بأن التظاهرات من داخل الصين وهي تظاهرات سلمية، وأن الناس اعتقلوا من قبل الشرطة الصينية. إذن، ما حصل هو أن الـ CNN استنسخت هذا الفيلم عن حركة الاحتجاج في الهند، وفبركته على أنه حركة احتجاج في إقليم غانسو / لاسا"

البروفيسور

مايكل شودوفسكي

غلوبال ريسيرج – 24.10.2015

(تمهـــــــيد- نُبذة عن التبت- التبت: "اللعبة الكبرى" والـ CIA- الصين وأمريكا: الحرب النفسية حول حقوق الإنسان في التبت- المعايير المزدوجة لحقوق الإنسان- الرقعة الجيوبوليتيكية- أعمال الشغب في لاسا عاصمة التبت- دور المخابرات الأمريكية- الوقف القومي للديمقراطية الأمريكي ومؤامراته على الديمقراطية-  الحرب النفسية : تشويه سمعة القيادة الصينية وإفقادها مصداقيتها- يتآمرون حتى على الشعلة الأولمبية- التأثيرات على الاقتصاد العالمي- أكاذيب قناة الـ CNN حول التبت أنموذجاً- شرطة صينية بملابس خاكية- "الإمبريالية الديمقراطية" : التبت، الصين، والوقف القومي للديمقراطية-  الوقف القومي للديمقراطية : مراجعة العلاقة بالـ CIA-  ناشرو الديمقراطية في التبت (لاحظ الأخطبوط "الديمقراطي" واربطه بالمعلومات السابقة- أخيراً، ما هي الصلة بين الإرهاب في شينجيانغ الإسلامي والتبت البوذي في الصين؟ الدالاي لاما المُسالم يدعو للحوار مع "داعش"!- ملحق: لماذا التبت .. وليس فلسطين؟-  مصادر هذه الحلقة- ملاحظة عن هذه الحلقات)

 

تمهـــــــيد :

_______

لم يبق، ولن يبق، مكانٌ على سطح الأرض لم تمتد إليه مخالب الولايات المتحدة الأمريكية الشيطانية، لتعيث فيه فساداً، وتدمّر حاضر ومستقبل البشر فيه. وأعظم وأخطر الشرور التي طلع بها هذا الشيطان الأكبر على البشرية، هي اختراع الإرهاب العالمي، ثم شنّ "الحرب على الإرهاب العالمي"، هذه الحرب التي كلّفت البشرية خلال عشر سنوات أكثر من 10 ملايين قتيل من المسلمين فقط، وهو عدد لم يقتل كل مجرمي الإرهاب على سطح المعمورة مثله على الإطلاق. ولن تسلم بقعة من الأرض - مهما كانت صغيرة - من هذا الشر الاسود الذي لا تعرف البشرية كيفية الخلاص منه إذ لم يظهر في تاريخها مثله .

وفي الحلقة السابقة، راينا كيف أوصلت الولايات المتحدة الإرهاب الإسلاموي الذي اخترعته في نهاية السبعينات ورعته ممثلا بالقاعدة ثم تنظيم الدولة الإسلامية إلى الصين، وذلك من خلال دعم وتمويل وتسليح وتدريب الإرهابيين الإسلامويين في إقليم شينجيانغ الستراتيجي غرب الصين. وفي هذه الحلقة سنعرض الكيفية التي ترعى بها هذه الدولة المجرمة الإرهاب في إقليم التبت الصيني، وسنعرض من بين ما نعرض الكذب الفاحش والفبركة والتزوير التي تتبعها أجهزة الدعاية الأمريكية ممثلة بقناة CNN في تزوير أخبار الإرهاب بلا حياء.   

 

نُبذة عن التبت :

_________

# التبت Tibet منطقة ذات استقلال داخلي في جمهورية الصين الشعبية تشغل القسم الجنوبي الغربي من الصين، ضمن هضبة التبت، تحدُّها الصين من الشرق، والتركستان الشرقية من الشمال، وكشمير من الغرب، والهند من الجنوب. أمَّا مساحة التبت فإنها تبلغ مليون و221 ألف كيلو متر مربع (12.8% من مساحة الصين الكلية )، وعدد سكانها نحو ثلاثة ملايين نسمة، منهم ربع مليون مسلم، وعاصمة التبت تُسمَّى "لاهاسا أو لاسا". وتتكون أرض التبت من هضبة واسعة يزيد ارتفاعها على 4000 متر فوق سطح البحر. لذلك تُعد الهضبة من أعلى مناطق العالم المسكونة وتُسمّى "سقف العالم" . وتحيط بها السلاسل الجبلية العالية من كل الجهات. فمن الجنوب سلسلة جبال هيمالايا، ومن الشمال الغربي جبال قره ـ قورم، ومن الشمال جبال كون ـ لون وألتُنتاغ، ومن الشرق سلسلة الجبال الثلجية العظيمة.

ظلَّ الغموض يحيط بالتبت فترة طويلة من الزمن؛ بسبب ظروفها الطبيعية وتعقيد تضاريسها ووعورة مسالكها وكونها منطقة معزولة عن العالم الخارجي؛ لذا أطلق عليها بعض الجغرافيين الأوربيين "قلب آسيا الميت".

وكانت بلاد التبت تخضع لحكم الصين في فترات قوَّتها، وتنفصل عنها في فترات ضعفها، وبعد الحرب العالمية الأولى قَوِي الشعور القومي عند أهل التبت، فانفصلت التبت عن الصين، وفي عام 1924م استعادتها الصين، ثم طردت حاكمها المسمَّى الدلاي لاما في عام 1951م، وأصبحت التبت ولاية صينية منذ ذلك الوقت.

أما التبت بالنسبة للتبتيين فهي التبت الكبرى التي تضم التبت الصينية إضافة إلى إقليم تشينخاي ومساحات واسعة من إقليم سيتشوان ومناطق أخرى تصل مساحتها إلى 5.2 مليون كيلو متر مربع، علماً بأن مساحة الصين تصل إلى نحو 6.9 ملايين كيلو متر مربع.

التبت: "اللعبة الكبرى" والـ CIA :

___________________

بأخذ الإطار التاريخي للاضطرابات في التبت، هناك سبب للاعتقاد بأن بكين قد أوقعت في مصيدة في التظاهرات الأخيرة لسبب بسيط هو أن التخطيط لها حصل خارج التبت وأن توجيه المحتجين هو بأيدي منظمات مناهضة للصين تقبع بأمان في النيبال وشمالي الهند.

تمويل القلاقل والسيطرة عليها رُبط بالقائد الروحي للتبت "الدالاي لاما" ، وبالإستنتاج بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية الـ CIA، لصلته الوثيقة بهذه المخابرات لأكثر من 50 سنة.

وفي الواقع، فإن الانشغال العميق للـ CIA بحركة التبت الحرّة Free Tibet Movement وتمويلها لراديو آسيا الحرة Radio Free Asia يجعل من الصعب أن يحصل أي اضطراب في التبت من دون التخطيط والمعرفة المسبقة وحتى موافقة الـ CIA .

هل هناك اساس واقعي يدفعنا للقول بأن المستفيد الرئيسي من الاضطراب والخراب الذي يجتاح التبت هو واشنطن ؟ التاريخ يمكن أن يفيدنا في تأكيد ذلك.

لقد بدأت الـ CIA حملتها السرّية ضد الصين الشيوعية في التبت منذ عام 1956. وقد أدّى هذا إلى انتفاضة دموية كارثية ذهب ضحيتها عشرات الألوف من التبت ، في حين أُجبر الدالاي لاما وأكثر من 100,000 من أتباعه على الفرار إلى الهند ونيبال عبر ممرات الهمالايا الوعرة.

ثم أسّست الـ CIA معسكر تدريب عسكري سرّي للمقاتلين من أتباع الدالاي لاما في كولورادو بالولايات المتحدة . تمّ تدرب مقاتلي التبت وتجهيزهم من قبل الـ CIA على حرب العصابات وعمليات التخريب ضد الصينيين الشيوعيين.

كان مقاتلو التبت يحملون عادة أجهزة راديو في التبت ، في المناسبات التي يُقادون بها من قبل مرتزقة متعاقدين مع الـ CIA وتسندهم طائرات الـ CIA. انتهى برنامج التدريب الأولي في كانون الأول 1961، ولكن المعسكر في كولورادو ظل مفتوحاً حتى عام 1966.

مهمة الـ CIA في التبت التي وضعها "روجر مكارثي" بالتنسيق مع جيش المقاومة في التبت ، كانت استمراراً لعملية أخرى للـ CIA لإقلاق القوات الصينية استمرت لـ 15 عاما مقبلة ، حيث أوقفت إجراءات التدخل .

مكارثي الذي عمل كرئيس للجنة المكلفة بالتبت في ذروة نشاطها من عام 1959 حتى عام 1961 ، انتقل لاحقاً إلى عمليات مماثلة في فيتنام ولاوس.

مع منتصف الستينات، حوّلت الـ CIA ستراتيجيتها من إنزال مقاتلي المقاومة وعملاء المخابرات بالمظلات في التبت إلى الـ Chusi Gangdruk ، وهو جيش عصابات من 2,000 مقاتل من جماعة الخامبا في قواعد مثل موستانغ Mustang في النيبال. هذه القاعدة أغلقت في عام 1974 من قبل الحكومة النيبالية بعد ضغط شديد من قبل بكين.

بعد حرب الهند الصينية عام 1962 طوّرت الـ CIA علاقات وثيقة مع وكالة المخابرات الهندية لتدريب وتجهيز عملاء من التبت.

وقد كشف المؤلفان "كينث كونبوي" و "جيمس موريسون" في كتابهما "حرب وكالة المخابرات السرّية في التبت" أن الـ CIA وامخابرات الهندية تعاونا في تدريب وتجهيز عملاء التبت ووحدات القوات الخاصة ، وفي تكوين وحدات جوية واستخبارية مشتركة مثل مركز بحوث الطيران والمركز الخاص. استمر هذا لتعاون في السبعينات وبعض البرامج التي كان يمولها مثل وحدات القوات الخاصة للاجئين التبتيين التي ستصبح جزءاً مهماً من قوة الجبهة الهندية الخاصة، استمرت حتى الوقت الحاضر. فقط تدهور علاقات الهند مع الولايات المتحدة الذي توافق مع تحسّنها مع الصين أوقف أغلب عمليات الـ CIA المشتركة مع الهند.

بالرغم من أن واشنطن قد قلصت دعمها للمقاومة التبتية منذ 1968، إلاّ أن النهاية الرسمية لدعم الولايات المتحدة للمقاومة جاء فقط بعد الاجتماعات بين الرئيس الأمريكي "ريشارد نيكسون" والقيادة الصينية الشيوعية في بكين في شباط 1972. وقد وصف بعض الكتّاب كيف شعر العملاء الميدانيون بالصدمة والإحباط الشديد والخذلان عندما توقفت واشنطن عن دعمهم إلى حد أن بعضهم لجأ إلى الصلوات التي تعلمها خلال سنواته مع الدالاي لاما. لم تكن تلك العملية من الـ CIA بل من الحكومة الأمريكية كلّها حسب قول رئيس تلك العملية من 1958 إلى 1965 ، جون كينث كنوس ، الذي تحدث أيضاً في كتابه "أيتام الحرب الباردة" عن التزام الأمريكيين بتحقيق استقلال التبت لمدة أربعين عاماً .

وبالرغم من عدم توفّر دلائل رسمية قوية، فإن مما يُشاع هو أن الـ CIA مسؤولة أيضاً عن تمرّد آخر فاشل في عام 1978 – على الأقل من خلال وكلائها – والاضطراب الذي تلا ذلك والقمع الصيني الذي استمر حتى أيار 1993.

تواجه الصين مشكلات كبيرة ، مع المسلمين الإيغوريين في مقاطعة شيانجيانغ؛ وواشنطن تنظر إلى الصين كخطر كبير على المستويين الاقتصادي والعسكري، ليس فقط في آسيا، ولكن في أفريقيا وأمريكا اللاتينية كذلك.

و الـ CIA ترى أن الصين "لا تساعد" في "الحرب على الإرهاب" ، وبالنسبة لها يجب معاقبة الصين من خلال التبت التي تعتبر نقطة ضعف الصين الكبرى.

و الـ CIA متأكدة من أن بَصمَتَها لن تُكتشف في كل تلك الانتفاضات المتصاعدة، لأن من الممكن استخدام العملاء والمتسربين والوكلاء بين المنفيين التبتيين في المناطق الحدودية من النيبال وشمالي الهند.

وفي الواقع، فإن الـ CIA كانت تتوقع مستوى جيّداً من العون من عدد من المنظمات الأمنية في الهند والنيبال وأن لا تواجه معضلات في توفير الحركة المقاومة بالنصح والمال ، والأهم بالدعاية. ولكن ، ما لم يُظهر الاضطراب علامات حقيقية لتحوله إلى ثورة مفتوحة من قبل الجماهير الواسعة في التبت ، لن يُسمح لأي سلاح بالظهور.

لقد تم تهريب كميات كبيرة من أسلحة المعسكر الشرقي الصغيرة والمتفجرات إلى التبت خلال الثلاثين عاماً الماضية، ولكنها بقيت مخبّأة بأمان إلى أن جاءت الفرصة المناسبة. وهي أسلحة تُشترى من الأسواق العالمية أو من شحنات استولت عليها الولايات المتحدة أو "إسرائيل" ، وبالتالي يمكن إنكارها ولا يمكن تتبع أصلها إلى الـ CIA . كما أن أسلحة مثل هذه يمكن استبدالها بأسلحة تستخدمها القوات الصينية واستعمال نفس الذخيرة لها طبعاً مما يسهّل مشكلة التجهيز بالذخائر في أي صراع مستقبلي. 

وبالرغم من أن دعم المقاومة التبتية قد توقف – رسمياً – منذ ثلاثين عاماً فإن الـ CIA مازالت تحتفظ بالخطوط مفتوحة وتموّل جانبا كبيرا من أنشطة حركة تحرير التبت. أي أنها مازالت تلعب "اللعبة الكبرى" في التبت، ولديها القدرة على الفعل والتأثير بفعل وجودها المخابراتي والعسكري في المنطقة. قواعد كبرى موجودة في أفغانستان والعراق وباكستان ومختلف دول آسيا الوسطى.

 وليس هناك من شك في مصلحتها في تحطيم الصين وكذلك إيران. ومنذ 11 أيلول 2001 تمت مراجعة كل المخططات العملياتية للـ CIA ، ومن المؤكد أن التبت ونقاط ضعف الصين الأخرى قد تمت إعادة تقييمها.

وبالنسبة لواشنطن و الـ CIA فإن هذه فرصة من السماء أن تخلق اضطرابات تهدد سيادة بكين بمخاطر بسيطة للمصالح الأمريكية. فمَنْ ستُدان هي الصين، ومَنْ سيموتون هم شباب التبت وليس الجنود الأمريكيين. 

إن الصين تخشى بقوة أن تقوم الولايات المتحدة وبريطانيا والدول الغربية بعمل يشبه ما قامت به في كوسوفو ، ولهذا تصرّفت وكأنها تواجه ثورة جماهيرية واسعة أكبر من التصوير الرسمي لها كتمرّد قصير الأمد من قبل أنصار الدالاي لاما. وفي الحقيقة، كانت نظرة بكين إلى الوضع جدّية إلى حد أنها أرسلت وحدة أمن خاصة هي مركز القيادة 110 إلى لاسا عاصمة التبت لقمع أي اضطراب واستعادة سيطرة الحكومة الكاملة. كما تظهر جدّيتها من خلال نقل أعداد كبيرة من القوات العسكرية المتخصصة منها قوات ميكانيكية للتدخل السريع. 

الصين وأمريكا : الحرب النفسية حول حقوق الإنسان في التبت

___________________________________

أصبح موضوع حقوق الإنسان العنصر المركزي في حملات التضليل الإعلامي. الصين ليست الأنموذج الأمثل لحقوق الإنسان بالتأكيد، ولا الولايات المتحدة أو تابعها بريطانيا المسؤولتين عن جرائم حرب هائلة وخرق فظيع لحقوق الإنسان في العراق وفي جميع أنحاء العالم. الولايات المتحدة وحلفاؤها الذين يمارسون التعذيب ، والاغتيال السياسي، ومعسكرات الاعتقال السرّية، مستمرون في تقديم أنفسهم للرأي العام كأنموذج للديمقراطية الغربية التي يريدون من بلدان العالم الثالث تقليدها ، على العكس من روسيا وإيران وكوريا الشمالية وجمهورية الصين الشعبية التي يتهمونها بالشمولية وعدم احترام حقوق الإنسان.

المعايير المزدوجة لحقوق الإنسان :

___________________

في الوقت الذي تُتهم فيه الصين بخرق حقوق الإنسان في التبت، فإن موجة القتل الأخيرة في العراق وفلسطين يتم التغاضي عنها. لقد احتفلت الدعاية الغربية بـ "عيد" "تحرير" العراق ، ومسلسل القتل اليومي والمجازر ضد الشعب العراقي تُقترف تحت ذريعة "الحرب ضد الإرهاب".

هناك أكثر من 1,2 مليون قتيل مدني عراقي ، و 3 ملايين جريح. اللجنة العليا للاجئين في الأمم المتحدة ذكرت أن هناك 2,2 مليون لاجىء عراقي غادروا وطنهم و 2,4 مليون هُجّروا داخل وطنهم .

كان عدد سكان العراق وقت الغزو الأمريكي في آذار 2003 هو 27 مليون نسمة تقريباً ، واليوم هو 23 مليون (هذه إحصائيات عام 2007) . وأي حساب بسيط يظهر لنا أن نصف الشعب العراقي هو أمّا لاجىء بحاجة للمساعدة العاجلة، أو جريح، أو قتيل.

الرقعة الجيوبوليتيكية :

____________

هناك أهداف جيوبوليتيكية دفينة في الحملة ضد القيادة الصينية. فمخطط الولايات المتحدة – الناتو – "إسرائيل" ضد إيران ، يتصاعد يوما بعد آخر. للصين روابط اقتصادية متينة واتفاق عسكري مهم مع إيران. أضف إلى ذلك أن الصين حليفة لروسيا ، كازاخستان، قرغيزستان، طاجكستان، وأوزبكستان في إطار منظمة شنغهاي للتعاون . ومنذ عام 2005، إيران هي عضو مراقب في هذه المنظمة .

وبدورها، فإن لمنظمة شنغهاي علاقات بمنظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تقوم على التعاون العسكري بين روسيا، أرمينيا، بيلاروسيا، أوزبكستان، كازاخستان، قرغيزستان، وطاجكستان. وقد وقّعت المنظمتان مذكرة تفاهم وضعت الأسس للتعاون العسكري بين المنظمتين. هذا التفاهم لم يُذكر في الإعلام الغربي أبداً ، وهو يتضمن التحالف العسكري الكامل بين روسيا والصين وباقي الدول الأعضاء. وقد أجرت المنظمتان مناورات عسكرية في عام 2006 في نفس الوقت الذي كانت إيران تجري فيه مناوراتها.

في إطار المخططات العسكرية الأمريكية ضد إيران، تسعى الولايات المتحدة لإضعاف حلفاء إيران، وهما روسيا والصين بصورة اساسية. وفي حالة الصين، فإن واشنطن تحاول تحطيم علاقات الصين بإيران، وروابط إيران بمنظمة شنغهاي التي مقرها بكين.

الصين هي حليف إيران، وغاية واشنطن استغلال خرق الصين لحقوق الإنسان كذريعة لإضعاف الصين. وأي عملية عسكرية من قبل أمريكا ضد إيران لن تنجح دون تخريب تحالف إيران العسكري مع روسيا والصين. 

أعمال الشغب في لاسا عاصمة التبت :

______________________

إن أحداث الشغب في لاسا عاصمة التبت، في منتصف آذار 2008، لم تكن مجرد حركة احتجاجات "سلمية" عفوية كما وصفها الإعلام الغربي. لقد ضمّت هذه الأحداث عصابات من المجرمين، وخُطط لها مسبقاً بصورة دقيقة. الناشطون في التبت بالتعاون مع حكومة الدالاي لاما في المنفي ألمحوا إلى أنهم كانوا يتوقعون الاضطرابات، ولكنهم لم يقولوا كيف عرفوا ومن هم المتعاونون معهم. 

الصور لا تشير إلى وجود احتجاج جماهيري واسع، ولكن هياج قاده بضع مئات من الأفراد. ساهم الرهبان البوذيون في هذا الهياج. واعتبرت الصين "مؤتمر شباب التبت" الذي مقره في الهند ، وهو مجموعة متصلّبة ولاؤها للدالاي لاما، من المساهمين في العنف أيضاً. تموّل معسكرات مؤتمر شباب التبت (م ش ت) من قبل الوقف القومي للديمقراطية (و ق د) الأمريكي.

مقطع الفيديو يُثبت أن مدنيين قد رُجموا، وضُربوا وفي بعض الحالات قُتلوا. أغلب الضحايا كانوا من الصينيين الهان (القومية الرئيسية في الصين). على الأقل 10 أشخاص أحرقوا حتى الموت كنتيجة لأعمال الحرق حسب تصريحات حكومة التبت التي أكدها شهود العيان. تم حرق خمسة عمال في محلات الملابس حتى الموت، ولم تُترك لهم فرصة للخلاص. إحدى النساء قُطعت أذنها. رجل آخر أُحرق حيّاً حتى اصبح قِطعاً من اللحم المتفحّم الكريه المنظر. في نفس الوقت كانت الدعاية الغربية تصف أعمال الحرق والسلب هذه بـ "الاحتجاجات السلمية" التي قمعتها الحكومة الصينية باستخدام القوة.  

تمّت مهاجمة المدارس والمصالح العامة، وأُحرقت السيارات. وحسب التقارير الصينية، قُتل 22 وجُرح 623 شخصاً. وأحرق المحتجون 300 مكاناً أغلبها منازل شخصية ، ومخازن ومدارس، وعربات محطمة، ومؤسسات عامة مخرّبة.

اتفق التخطيط لأعمال الشغب مع حملة تضليل إعلامية اتهمت السلطات الصينية بالسلب والحرق. اتهم الدالاي لاما بكين بتمويه قواتها بملابس الرهبان لإعطاء انطباع بأن الرهبان البوذيين يقفون خلف الاحتجاجات. قام هذا الزعم على اساس صورة قديمة عمرها أربع سسنوات لجنود يلبسون ملابس رهبان في أداء تمثيلي.

فنّدت الصحيفة الرئيسية في الصين وهي صحيفة "الشعب" اليومية المزاعم بالقول إن القوات الأمنية التي أخمدت الاحتجاجات لا يمكن أن تلبس تلك الملابس العسكرية لانها ملابس "صيفية" لا تناسب جو الشتاء في شهر آذار الذي جرت فيه الحوادث. كما ظهر أيضاً، أن القوات الصينية قد تحوّلت في 2005 إلى زي جديد فيه شارات على الأكتاف. الضبّاط العسكريون في الصورة كانوا يلبسون زيّاً قديماً استُبدل بعد 2005 . وقد أُخذت الصورة خلال عرض جرى قبل سنوات، عندما استعار الجنود حبالاً من رهبان لأداء ادوار تمثيلية في فيلم.  

الصورة رقم (1) :

جنود صينيون في مشهد من فيلم صوّر قبل أربع سنوات من حوادث التبت استخدمتها الصحافة الغربية لفبركة الأخبار ضد الصين

clip_image002_5ed58.jpg

دور المخابرات الأمريكية :

_______________

تنظيم اضطرابات لاسا، كان جزءا من نمط مألوف. كانت الاضطرابت تتضمن محاولة لإشعال الصراع العرقي في الصين، وهو ما يخدم مصالح السياسة الخارجية الأمريكية.

إلى أي مدى لعبت المخابرات الأمريكية دوراً سرّياً في موجة الاحتجاجات تلك ؟

هناك العديد من المنظمات في التبت ترتبط بحكومة التبت في المنفى المعروف أنها تُدعم من قبل الـ CIA ، ومن قبل واجهات الـ CIA المدنية مثل الوقف القومي للديمقراطية (و ق د) National Endowment for Democracy (NED) .  

يعود دور الـ CIA في دعم حركات الانفصال التبتية إلى منتصف الخمسينات. كان الدالاي لاما على لائحة رواتب  الـ CIA من نهاية الخمسينات حتى 1974 :

الوقف القومي للديمقراطية (و ق د) الأمريكيThe National Endowment for Democracy (NED ومؤامراته على الديمقراطية:

________________________________________

الوقف القومي للديمقراطية الذي يُمرّر الدعم للمجموعات المعارضة حول العالم، لعب دورا بارزاً في إشعال "الثورات الناعمة velvet revolutions" التي تخدم مصالح واشنطن الجيوبوليتيكية  والاقتصادية.

وعلى الرغم من أن (و ق د) ليس جزءا من الـ CIA بصورة رسمية، فإنه ينجز وظيفة مخابراتية مهمة في مجال الأحزاب السايسية المدنية والمنظمات غير الحكومية (م غ ح). لقد تأسّس عام 1983، عندما اتُهمت الـ CIA بانها كانت ترشو السياسيين بصورة سرّية ، وتشكّل منظمات مدنية زائفة لتنفيذ أهدافها. وحسب "ألن وينشتين" الذي كان مسؤولاً عن تشكيل هذه المؤسسة خلال إدارة ريغان :

"الكثير مما نقوم به اليوم ، كانت تقوم به الـ CIA بصورة سرّية قبل 25 عاماً".

يعمل (و ق د) من خلال أربعة معاهد أساسية : المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية ، المعهد الجمهوري الدولي ، المركز الأمريكي للتضامن العمالي العالمي، ومركز المشروعات الدولية الخاصة (سنتناول أدوارها التآمرية في حلقة خاصة).

قدم (و ق د) التمويل لمنظمات "المجتمع المدني" في فنزويلا، الأمر الذي أوصل إلى محاولة انقلابية ضد الرئيس هوغو شافيز. وفي هاييتي، ساند (و ق د) مجموعات المعارضة التي تقف خلف التمرّد المسلح الأمر الذي أدى إلى إسقاط الرئيس المنتخب "برتراند أريستيد" في شباط 2004. كان انقلاب هاييتي نتيجة عملية مخابراتية – عسكرية دقيقة.

يموّل (و ق د) عدداً من منظمات التبت داخل الصين وخارجها. وأكثر منظمة موالية للدالاي لاما يموّلها (و ق د) هي : "الحملة العالمية من أجل التبت"، التي تأسّست في واشنطن في 1988، ولديها مكاتب في واشنطن، وأمستردام، وبرلين، وبروكسل. كما أنها تختلف عن باقي المنظمات المدنية في التبت بأنها شديدة التداخل مع (و ق د) ومع وزارة الخارجية الأمريكية .

بعض مديري حملة التبت هم أعضاء أساسيون في مؤسسة "نشر الديمقراطية" مثل "بيتو لورد" (عضو في بيت الحرية Freedom House ، ومدير منتدى الحرية Freedom Forum)، "غار سميث" (عمل سابقاً كنائب مساعد وزير في مكتب الديمقراطية والعمل وحقوق الإنسان في وزارة الخارجية)، "جوليا تافت" (مدير سابق للوقف القومي للديمقراطية، مساعد وزير الخارجية ومنسق خاص لقضايا التبت، عملت في الوكالة الأمريكية للتنمية العالمية USAID) . وأخيرا "مارك هاندلمان" (كان أيضاً مدير التحالف لحقوق هاييتي، وهي منظمة عملها أيديولوجي مرتبط بالتدخلات طويلة الأمد لـ (و ق د) في شؤون هاييتي).

وفي هيئة إدارة حملة التبت شخصان آخران مرتبطان بـ (و ق د) هما : "هاري وو" و "كيانغ زياو" (الذي كان مديرا تنفيذيا سابقاً لمنظمة حقوق الإنسان في الصين الممولة من (و ق د) . ومثل هيئة مديريها، فإن المجلس العالمي لمستشاريها يضم شخصيات "ديمقراطية" بارزة مثل "فاسلاف هافل" ، "فانغ ليغي" (كان في 1995 عضو إدارة منظمة حقوق الإنسان في الصين)، "جوش راموس هورتا" (عمل في المجلس الاستشاري العالمي لمشروع التحالف الديمقراطي) ، "كير كنيدي" (كان مدير مركز إعلام الصين الذي يموله و ق د) ، و "جين كيركباترك" التي كانت تُلقب بأنها "قابلة المحافظين الجدد" ، والتي كانت - حتى وقت وفاتها - عضوة في الحملة (وكانت مرتبطة أيضاً بجماعات "ديمقراطية" مثل بيت الحرّية ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات). 

ومن منظمات التبت الأخرى التي يمولها و ق د هي :

(1). طلّاب من أجل تبت حرّة التي تأسست عام 1994 في نيويورك كمشروع للجنة التبت الأمريكية والحملة العالمية من أجل التبت المُمولة من قبل و ق د، وهي معروفة بوضع علم طوله 400 قدم إعلى سور الصين العظيم، يدعو إلى تبت حرّة. وادّعت هي وخمس منظمات أخرى البدء بانتفاضة شعبية في التبت، وافتتحوا مكتبا مؤقتا للإشراف والتمويل.

(2). ويمول (و ق د) أيضا مركز التبت للإعلام المتعدد لنشر المعلومات عن حقوق الإنسان والديمقراطية في التبت، ومقره في مدينة دارماسالا.

(3). كما يموّل و ق د مركز التبت لحقوق الإنسان والديمقراطية.

هناك تقسيم للمهمات بين (و ق د) والـ CIA. فبينما توفّر الـ CIA الدعم السرّي للمجموعات المسلّحة والمنظمات الإرهابية ، يموّل (و ق د) الأحزاب السياسية "المدنية" والمنظمات المدنية غير الحكومية بهدف نشر "الديمقراطية" الأمريكية حول العالم.

(و ق د) يمثل – إذا جاز القول – "الذراع المدني" للـ CIA ، وتدخلاتهما في مناطق مختلفة من العالم تأخذ نمطاً متكرّراً في بلدان مختلفة .

الحرب النفسية : تشويه سمعة القيادة الصينية وإفقادها مصداقيتها

______________________________________

إن الهدف قريب المدى لحملة الولايات المتحدة ضد الصين في التبت، هو إفقاد القيادة الصينية مصداقيتها وتشويه سمعتها ، والتغطية على حروب الشرق الأوسط، وعلى جرائم الحرب التي ترتكبها الولايات المتحدة والناتو و"إسرائيل" . وتُستخدم خروقات الصين المزعومة لحقوق الإنسان لتحويل الإنتباه وتشتيت الرأي العام ، وإعطاء وجه إنساني للحرب التي تقودها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وحين تاخذ أزمة التبت العناوين الرئيسية ، فإن الأزمة الإنسانية الحقيقية في الشرق الأوسط لن تتصدر الصفحات الأولى.

وسوف يُشوّه مفهوم حقوق الإنسان: ستُقلب الوقائع رأساً على عقب؛ الجرائم الفظيعة التي تقترفها الولايات المتحدة وأعضاء حلفها أما أنها تُهمل أو أنها تُبرّر كوسائل للدفاع عن المجتمع ضد الإرهاب.

لقد ترسّخت "المعايير المزدوجة" في تقييم  انتهاكات حقوق الإنسان. في الشرق الأوسط، يُعتبر قتل المدنيين "أضراراً جانبية" . وتُبرّر بأنها جزء من "الحرب العالمية على الإرهاب" ، ويُعتبر الضحايا مسؤولين عن موتهم. 

يتآمرون حتى على الشعلة الأولمبية :

_____________________

لقد تمّ تنسيق التظاهرات الاحتجاجية ضد انتهاكات الصين لحقوق الإنسان في التبت في العواصم الأوربية بصورة دقيقة لتتزامن مع انعقاد الدورة الأولمبية في بكين. ومعها بدأ التصعيد السياسي النفسي . وزير الخارجية الفرنسي "برنار كوشنير" (مدافع قوي عن مصالح الولايات المتحدة وعضو في جماعة بيلدربرغ group Bilderberg) دعا إلى مقاطعة حفل افتتاح الدورة الأولمبية، وقال كوشنير إن فكرته ينبغي أن تُناقش في مؤتمر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي.

أُشعلت الشعلة الأولمبية في حفل في اليونان تمّ إرباكه من قبل ناشطين مناصرين للتبت. تمّ تغطية الحدث من قبل منظمة "مراسلون بلا حدود" (سنتحدث عن سلوكها التآمري في حلقة مستقلة)، وهي منظمة معروفة بارتباطاتها بالمخابرات الأمريكية . مراسلون بلا حدود تتسلم المساعدات أيضاً من (و ق د) .

التأثيرات على الاقتصاد العالمي :

__________________

الحملة في التبت الموجهة ضد القيادة الصينية يمكن أن ترتد على منظميها. نحن أمام نقطة تحوّل خطيرة في اشد الأزمات الاقتصادية والمالية في التاريخ الحديث. وتحمل الأزمة الاقتصادية المتفجّرة علاقة مباشرة بمغامرة الولايات المتحدة العسكرية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. وتلعب الصين دورا ستراتيجيا مهما في ما يتعلق بالتوسع العسكري الأمريكي. وإلى الآن لم تستعمل الصين سلطة الفيتو في الأمم المتحدة لمواجهة سلسلة قرارات مجلس الأمن ضد إيران. وتلعب الصين أيضاً دورا مركزيا في الاقتصاد العالمي والنظام المالي.

فالصين تمتلك الآن ما يقارب 1,5 تريليون دولار من قروض الولايات المتحدة (بضمنها سندات خزينة أمريكية) من فائض التبادل التجاري مع الولايات المتحدة. وبذلك فهي تمتلك القدرة على إرباك أسواق العملة العالمية. ويمكن أن يهيط الدولار إلى أقل مستوى له إذا باعت الصين مخزونها منه. 

أضف إلى ذلك أن الصين هي المصدر الأكبر لعددٍ كبير من السلع التي تكوّن، بالنسبة للغرب، جزءا بارزاً من الاستهلاك المنزلي الشهري. وتجارة التجزئة الغربية تعتمد على التدفق المستمر للسلع الرخيصة من الصين. 

هل هذه هي المؤسسات الإعلامية الأمريكية الديمقراطية ؟

أكاذيب قناة الـ CNN حول التبت أنموذجاً :

_______________________

أقرّت صحيفة "النيويورك تايمز" الآن أنها استخدمت صورا مُفبركة فيما يتعلق بالمشاركة المزعومة لجنود روس في شرق أوكرانيا.

"عفواً ، لقد قمنا بغلطة". تَراجعُ النيويورك تايمز قُدّم كخطأ فنّي بحصول غلطة في اختيار الصور.

علبة من المواد الإخبارية الأمريكية كانت مُعدّة لمؤتمر جنيف تؤكد أن الصور قد التقطت في روسيا. نفس الرجال ظهروا في صور التقطت في أوكرانيا. والمظهر في كل من الصورتين اعتُبر دليلاً على المشاركة الروسية في شرق أوكرانيا. هذه العلبة أعطيت لاحقا من قبل المسؤولين الأمريكيين إلى النيويورك تايمز، التي ضمّنت وصف مجموعة الصور في مقالة نُشرت يوم الأحد.. والخلاف حول مجموعة الصور ألقى ظلالاً من الشك على أحد الأدلة الذي تم تناوله بصورة واسعة في الإعلام الغربي.

ما يجب فهمه هو أن استخدام الصور المفبركة هو أسلوب روتيني في الإعلام الغربي، وهدفه النهائي هو ديمومة الكذب وتضليل الرأي العام. وهناك العديد من الأمثلة على تلاعب وسائل الإعلام الأمريكية . خذ مثلاً هذه المقالة التي نُشرت قبل ست سنوات عن اضطرابات التبت التي حصلت في نهاية آذار عام 2008 ، وتُظهر كيف استخدمت الـ CNN أفلام فيديو مُفبركة تُظهر "شرطة صينية تقوم بقمع ناشطي التبت في مدينة لاسا" . ولم تكن الشرطة صينية ، ولكنها كانت شرطة هندية ، ولم تكن الحركة الاحتجاجية في لاسا عاصمة التبت، بل في الهند.

لم تسحب الـ CNN "الخطأ الفنّي" . والتقرير الذي استُخدم لتشويه القيادات الصينية لم يكن موضع خلاف كما هو الحال مع تغطية النيويورك تايمز للاحتجاجات في شرق أوكرانيا. 

لقد نشرت الـ CNN هذا الفيديو يوم 14 آذار 2008 (يوم بدء الاضطرابات في التبت) تحت عنوان : "رهبان التبت يحتجون ضد الحكام الصينيين". وقُدّم من قبل مراسل القناة في بكين "جون فاوس" ، وركّز على الاحتجاجات في مقاطعة غانسو، وفي لاسا عاصمة التبت. ولكن ما عُرض حقيقة في الفيلم هو حركة احتجاجات للتبتيين في الهند.

كان الهدف جعل المشاهد يعتقد إن الاحتجاجات في الصين، وإن الشرطة الهندية التي تظهر في الفيلم هي شرطة صينية. وقبل عرض الفيلم، تم عرض بعض الصور الثابتة تُظهر الشرطة، وهي تقمع المحتجين، وتلقي القبض عليهم في ما يبدو أنه احتجاج سلمي : 

جون فاوس ، مراسل الـ CNN :

(تقرير فاوس مراسل الـ CNN عن حركة الاحتجاجات في إقليم غانسو . بدأ الساعة 1:00)

"حصلت الـ CNN على هذه الصور من إقيم غانسو، حيث يسكن عدد كبير من المواطنين التبتيين. [عُرضت صور ثابتة تلاها مقطع الفيديو]. وحسب منظمة طلاب من اجل تبت حرّة ، نزل حوالي 2,000 محتج إلى الشوارع في وقت مبكر اليوم. وبقوا لمدة ثلاث ساعات. رفعوا علم التبت وطالبوا بتبت مستقلة. حصل كل هذا بعد أيام من الاضطرابات في التبت حيث قام رهبان ، استذكروا الذكرى الـ 49 للانتفاضة الفاشلة ضد الحكم الصيني". (8(CNN News, 1.00pm EST, March 14, 200 انتهى صوت جون فاوس وحصل تحوّل للحديث عن العنف في لاسا، في حين أن فيلم الفيديو يعرض احتجاجات مواطنين تبتيين في هيماشال براديش Himashal Pradesh, بالهند.

(جون فاوس ، مراسل الـ CNN)

"وما يثير قلق بكين هو أن المتظاهرين قد التحق بهم مواطنون مدنيون من التبت؛ مواطنون عاديون. الأهداف هنا هي الصين العِرقية. أخبرتنا امرأة صينية بأنها هوجمت من قبل محتجين تبتيين . راجعت المستشفى بسبب جروحها.

كذلك تعرضت لاطلاق النار الأعمال المملوكة من قبل الصينيين، ومكاتب الحكومة، والقوات الأمنية.

وحسب جماعات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، فإن الأديرة الثلاث الرئيسية في ضواحي لاسا محاصرة الآن من قبل القوات الصينية، وهي مغلقة تماماً.

وسمعنا خلال اليومين السابقين ، وحسب جماعات حقوق الإنسان، أنه تم إلقاء القبض على عشرة رهبان. وهناك تقارير غير مؤكدة عن مقتل اثنين من المواطنين على الأقل".

مقطع الفيديو الذي عُرض مع تقرير مراسل الـ CNN جون فاوس لم تكن له أية علاقة بالصين. ولم تكن الشرطة صينية، ولكن شرطة هندية بالزي الخاكي من ولاية هيماشال براديش؛ مقاطعة شمال شرق الهند. جعلوا المشاهدين يعتقدون بأن التظاهرات من داخل الصين وهي تظاهرات سلمية، وأن الناس اعتقلوا من قبل الشرطة الصينية.

شرطة صينية بملابس خاكية :

__________________

الزي الخاكي مع البيريات يبدو كأنه يحمل بصمة مرحلة الاستعمار البريطاني. الزي الخاكي أُدخل لأول مرة في سلاح الفرسان البريطاني في عام 1846. وكلمة خاكي أو كاكي Khaki تعني "تراب" في الهندية والفارسية. بالإضافة إلى ذلك فإن شرطة بملابس خاكية وشوارب لا يبدون صينيين.

الصورة رقم (2) :

الشرطة الصينية المزعومة تقمع تظاهرات للتبت في الصين، سي أن أن، 14 آذار، 2008، 1:36.

clip_image004_da6c5.jpg

أنظر بدقة.

إنهم شرطة هندية.

الصورة رقم (3) :

الشرطة الصينية المزعومة بالزي الكاكي تقمع المتظاهرين في التبت في الصين، سي أن أن ، 14 آذار ، 2008، 1:40

clip_image006_eb820.jpg

فيلم الفيديو الذي عرض في 14 آذار من قبل قناة الـ CNN ليس من الصين (إقليم غانسو أو لاسا عاصمة التبت). لقد صُوّر الفيديو في ولاية هيماشال براديش بالهند. مقطع الفيديو عن حركة احتجاجات التبت بالهند استُخدم من قبل قناة الـ CNN في تقريرها عن حركة احتجاجات للتبت في الصين.

في تقرير الـ CNN ليوم 13 آذار ، يُلقى القبض على متظاهرين من قبل الشرطة الهندية بالزي الخاكي خلال مسيرة احتجاج في ديهرا التي تبعد 50 كم من دارامسالا في شمال مقاطعة هيماشال براديش بالهند.

فيديو : حركة احتجاج للتبت في الهند، سي أن أن ، 13 آذار ، 2008

"ألقت الشرطة الهندية القبض على 100 من التبتيين يوم الثلاثاء، وجرّتهم إلى شاحنات مُقفلة تنتظر، عندما حاولوا السير نحو الحدود الصينية لنشر المطالبات بالانفصال والاحتجاج ضد أولمبياد بكين. (رويترز/ أبيشيك مادوكار (الهند)).

في الأسفل صور من تقرير الـ CNN ليوم 13 آذار، عن حركة الاحتجاج في هيماشال بريداش، بالهند:

الصورة رقم (4) :

الشرطة الهندية تقمع متظاهرين تبتيين في هيماشال براديش، بالهند، سي أن أن، 13 آذار، 2008، 0:53 .

clip_image008_ae89e.jpg

الصورة رقم (5) :

الشرطة الهندية تقمع متظاهرين تبتيين في هيماشال براديش ، بالهند، سي أن أن، 13 آذار، 2008، 1:20 .

clip_image009_8004e.jpg

الصورة رقم (6) :

الشرطة الهندية تقمع متظاهرين تبتيين في هيماشال براديش، بالهند، سي أن أن، 13 آذار، 2008، 1:18 .

clip_image011_4941f.jpg

الصورة رقم (7) :

الشرطة الهندية تقمع متظاهرين من التبت في هيماشال بريداش، بالهند، سي أن أن، 13 آذار، 2008، 2:04 .

clip_image013_43322.jpg

قارن هذه الصور بتلك التي عرضها تقرير الـ CNN في 14 آذار . نفس الشرطة، نفس الملابس، نفس طراز الشوارب الهندي.

نحن ندعو القرّاء إلى تأمّل هذين التقريرين، وكذلك جدول برامج الـ CNN ليوم 14 آذار. تقرير الـ CNN في يوم 14 آذار عن حركة احتجاج التبت في الصين يُظهر شرطة صينية بملابس خاكية وبيريات وأشرطة صفر، وفي حين أن هذا الفيديو ليس مشابهاً لذاك المتعلق بيوم 13 آذار ـ فإن تغطية الـ CNN للحوادث في الصين يوم 14 آذار استخدمت فيلماً مأخوذاً عن تغطية حركة احتجاج التبت في الهند ، بشرطة هندية بملابس خاكية.

حركة الاحتجاج في الهند في 13 آذار كانت "سلمية" نظّمتها "حكومة المنفى" التابعة للدالاي لاما ، وحصلت على بعد 50 كم من مقر الدالاي لاما في دارمسالا.

تمّت دعوة وسائل الإعلام الغربية لتصوير الحادثة، والتقاط الصور للرهبان التبتيين المشاركين في المسيرة السلمية. هذه هي الصور التي دارت العالم.

إذن، ما حصل هو أن الـ CNN استنسخت هذا الفيلم عن حركة الاحتجاج في الهند، وفبركته على أنه حركة احتجاج في إقليم غانسو / لاسا، حيث الشرطة الصينية تلبس ملابس خاكية من طراز الملابس البريطانية الكولونيالية.

الصينيون لم يتبنوا الطراز البريطاني الخاكي من الملابس والبيريات.

هذه الملابس لا تطابق تلك التي تستخدمها الشرطة الصينية (أنظر إلى الصورة في الأسفل).

الصورة رقم (8) :

لا وجود للزي الخاكي في الصين. هذه ملابس "الشرطة المسلحة" في الصين.

clip_image015_be0bd.jpg

صور اعمال الشغب العنيفة في لاسا التي قام فيها الغوغاء المجرمون بإشعال النيران في المتاجر والبيوت والمدارس، وحرق عدة أشخاص وهم أحياء، وطعن مدنيين أبرياء بالسكاكين، لم تظهر على شبكات قنوات التلفاز في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية. مقاطع قصيرة جدا من الاحتجاجات في لاسا عُرضت خارج سياقها بهدف اتهام القيادة الصينية بقمع "الاحتجاج السلمي".

وعلى الرغم من أن الفيلم الذي استُخدم لم يكن متطابقاً ، فإن كلا تقريري الـ CNN أظهرا نفس الشرطة بالملابس الخاكية ونفس المتظاهرين التبتيين في الهند. المقطع الذي استخدمته الـ CNN في تقريرها في 14 آذار عن حركة الاحتجاج في الهند لا علاقة له بالصين. لقد حدث في الهند.

التغطية الاخبارية للـ CNN لأحداث التبت 14 ىذار 2008، غرفة أخبار الـ CNN 1:00 بعد منتصف الليل (14 آذار 2008، الجمعة)

[مع دون ليمون وتقرير جون فاوس من بكين]

ليمون : حسناً. إذن هذا المكان، كما نعرف، ينبغي أن يُعرف للسلام. أليس كذلك ؟ ولكن هذا ليس ما حصل هنا مؤخراً. تظاهر الرهبان البوذيون من أجل الاستقلال عن الصين. التبتيون التحقوا بالتظاهرة. وفوراً – فوراً امتلأت الشوارع بالصراخ وإطلاق الرصاص والصدامات. منعت السلطات الصينية  الـ CNN حتى من دخول التبت. مراسلنا جون فاوس ينقل لنا ما اطلع عليه . إنه في بكين .

(يبدأ الفيلم)

جون فاوس ، مراسل الـ CNN : آخر المعلومات من مصادرنا في لاسا تخبرنا بأن الشوارع مهجورة، عدا دوريات سيارات الشرطة وعربات الجيش المسلحة. أخبرنا أن الحرائق مازالت مشتعلة وخطوط الهاتف مقطوعة، ولكن الكهرباء عادت. يوصف الموقف هناك بأنه هادىء نسبياً . ولكن يبدو أن هذه الاحتجاجات قد انتشرت إلى شرق البلاد.

حصلت  الـ CNN على هذه الصور من إقليم غانسو [صور ثابتة يعقبها فيلم حيّ عن احتجاجات الهند] ، حيث يوجد عدد كبير من سكان التبت. وحسب منظمة طلاب من أجل تبت حرّة، فإن حوالي 2,000 من المحتجين نزلوا إلى الشوارع صباح اليوم. ظلوا هناك لثلاث ساعات تقريباً. رفعوا علم التبت وطالبوا باستقلال التبت. كل هذا حصل بعد أيام من الاضطراب في التبت بعد أن استذكر رهبان الذكرى الـ 49 للانتفاضة الفاشلة ضد الحكم الصيني. 

وما يقلق بكين هنا هو أن هذه التظاهرات قد ارتبط بها مدنيون عاديون ؛ مدنيون بسطاء من التبت. والأهداف هنا هو العرق الصيني . فقد أخبرتنا امرأة صينية بأنها هوجمت من قبل المحتجين التبتيين. جروحها جعلتها تراجع المشفى.

وأيضاً تحت النار هنا، الأعمال العائدة للصينيين ، وكذلك المكاتب الحكومية، وقوات الأمن.

وحسب جماعات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة ، فإن الاديرة الثلاث الرئيسية في ضواحي لاسا محاصرة من قبل القوات الصينية ، وقد أُغلقت تماماً.

وقد سمعنا خلال اليومين الماضيين، ومن خلال جماعات حقوق الإنسان، أنه تم إلقاء القبض على مجموعة من الرهبان . وهناك تقارير، غير مؤكدة، تشير إلى مقتل شخصين على الأقل. تتحرك بكين الآن نحو عزل التبت ، وحظر سفر الأجانب والصحفيين إليها. رحلات الطيران والقطارات أُلغيت أيضاً.

جون فاوس ، سي أن أن ، بكين

(نهاية فيلم الفيديو)

وهذا ليس المثل الوحيد على التزييف الذي تقوم به أجهزة الدعاية الغربية.

"الإمبريالية الديمقراطية" : التبت، الصين، والوقف القومي للديمقراطية

_________________________________________

في حين شهدت السنوات الأخيرة الكثير من الاهتمام بنشر المعلومات حول العلاقات العنيفة للـ CIA بقوى التبت، فإن مقالة واحدة فقط تناولت العلاقة بين المطالبين باستقلال التبت ومنظمة تتمتع بعلاقات وثيقة جدا بالـ CIA هي الوقف القومي للديمقراطية (و ق د) .

في عام 1951، دخل جيش التحرير الشعبي الصيني لاسا (عاصمة التبت) وأجبر حكومة الدالاي لاما على توقيع "خطة التحرير السلمي لللتبت" ، التي صادقت على الاحتلال الصيني للتبت. هذا الفعل، مترابطاً مع القمع اللاحق للناشطين التبتيين، أثار ثورة شعبية اجتذبت - حسب توجهها المعادي للشيوعية - مساندة قوية من الـ CIA. وخلال الخمسينيات والستينيات، دعمت الـ CIA قضية التبت بالسلاح والمال والتدريب العسكري وكل أشكال الدعم الممكنة.

وفي الولايات المتحدة قامت الجمعية الأمريكية لآسيا الحرة بالدعاية لقضية المقاومة التبتية، مع شقيق الدالاي لاما الأكبر "ثوبتان نوربو" الذي لعب الدور الأكبر في تلك الجمعية. شقيق الدالاي لاما الثاني "غيالو ثوندوب" ، خطط لعملية مخابراتية مع  الـ CIA في عام 1951 [بالرغم من أن مساعدات الـ CIA قد بدأت رسميا في 1956] . طوّر الخطة لاحقاً في وحدة لتدريب العصابات في الـ CIA يقوم منتسبوها بالهبوط بالمظلات في التبت.

وفي الحقيقة، وحسب وثائق الـ CIA السرّية التي نُشرت في نهاية التسعينات، فإن الـ CIA قدّمت لحركة التبت في المنفى طوال الستينات 1,7 مليون دولار سنويا للقيام بعمليات ضد الصين، منها إعانة سنوية للدالاي لاما مقدارها 180,000 دولار. لكن، مع عام 1969، أوقفت الـ CIA مساعداتها للتبت أمّأ لأن هذه العمليات قد حققت أهدافها، وأما لأنها – ببساطة – لم تعد مؤثرة. لكن تقديم المساعدات استمر من خلال حكومتي الهند وتايوان حتى عام 1974 ؛ أي بسنتين بعد زيارة الرئيس ريشارد نكسون لتسوية علاقات الولايات المتحدة بالصين، وحيث انقطعت إعانة الدالاي لاما التي استمرت حتى عام 1974. ثم توقفت المقاومة المسلحة خصوصا بعد دعوة الدالاي لاما أنصاره إلى إلقاء السلاح. وقامت الـ CIA بإعادة توطين الناجين بهدوء .

لاحظ المختصون أن الرئيس الأمريكي "جيرالد فورد" قد أنهى تدخل الحكومة الأمريكية في التبت كجزء من ستراتيجية الحرب الباردة . صارت المرحلة المقبلة من علاقة الولايات المتحدة بالدالاي لاما وشعبه مقولبة في إطار الترابط بين حقوق الإنسان والتعامل السياسي مع الصين.

في عام 1979، مُنح الدالاي لاما فيزة من الرئيس الأمريكي "المؤمن" "جيمي كارتر" (راجع الحلقة الخاصة بهذا السفّاح) لزيارة الولايات المتحدة.. ووجدت قضية التبت رعاةً جدداً في جماعة من مجلس الشيوخ مشتركة من الحزبين ، وأعضاء في الكونغرس، ومجموعات عمل تعمل مع حاشية الدالاي لاما لتحشيد الرأي العام العالمي. وكما سيظهر هنا فإن أغلب هذه النشاطات كانت تتم بالدعم الفعال للـ (و ق د) .

الوقف القومي للديمقراطية : مراجعة العلاقة بالـ CIA

______________________________

أسس الوقف القومي للديمقراطية عام 1984 بدعم مزدوج من الحزبين في إدارة الرئيس ريغان لتعزيز البنية التحتية للديمقراطية – نظام صحافة حرة وجامعات واتحادات وأحزاب سياسية حول العالم.. قال "ألن وينشتين" أول رئيس للوقف أن أغلب ما نقوم به في الوقف اليوم كانت قد قامت به سرّياً الـ CIA قبل 25 عاماً . وعليه – وعلى سبيل المثال – ليس غريبا القول انه في الانتخابات النيكاراغوية عام 1990 كل دولار صرف من الوقف كانت تقابله دولارات عديدة من الـ CIA.

لقد تمّ تصوّر هذه المنظمة من قبل النخبة الأمريكية في حقل السياسة الخارجية، ولتكون الطريقة المناسبة لتقديم تمويل ستراتيجي للمنظمات غير الحكومية لا تتبع التمويل السرّي من الـ CIA. وفي الحقيقة فإن التأكيد الجديد للوقف على التمويل العلني للجماعات الجيوستراتيجية المفيدة، مقابل التمويل السري، قد أضفى هالة من الاحترام على عمل الوقف، وجنّبه الكثير من النقد من قبل وسائل الإعلام العامة. 

الكتاب المركزي للوقف الذي يكشف طبيعته هو كتاب "نشر التعددية Promoting Polyarchy" (1996) لويليام روبنسون الذي – من عنوانه – يطرح حجة أنه بدلا من نشر الأشكال التشاركية للديمقراطية فإن الوقف يعمل من أجل نشر التعددية،  

ناشرو الديمقراطية في التبت (لاحظ الأخطبوط "الديمقراطي" واربطه بالمعلومات السابقة:

_______________________________________

الحملة العالمية من أجل التبت تاسست 1988 كمؤسسة غير ربحية لها مكاتب في واشنطن وامستردام وبرلين وبروكسل. موقعها على الإنترنت يقول إنهم "يؤمنون اساساً أنه لابدّ أن يكون هناك حل سياسي يقوم على اساس الحورا بين الدالاي لاما وممثلوه وحكومة الصين الشعبية". تسلّمت الحملة أول معوناتها من الوقف عام 1994 وذلك لـ : "تعزيز معرفة الصينيين بالتبت عبر المقالات في الصحف والمجلات داخل الصين وخارجها؛ ترجمة الكتب حول التبت في الصين، العمل على جمع الصحفيين الصينيين والقادة المناصرين للديمقراطية مع القادة التبتيين في المنفى".

منذ ذلك الحين، والحملة تتسلم المعونات من الوقف في 1998، 1999، 2000، 2001، 2002، و2003، وكلها مُسخّرة للعمل الدعائي عدا منحة 1997. ومثل كل الجماعات التي تتسلم معونة الوقف، لم تكن الحملة خائفة من انكشاف صلاتها "الديمقراطية" بالوقف. حتى أنها في عام 2005 منحت جائزتها "نور الحقيقة" لرئيس الوقف كارل غريشمان . وفي السنة التي سبقتها اي 2004 منحت الجائزة لفاسلاف هافل (الذي استلم قبل هذا جائزة الوقف للديمقراطية عام 1991 وعمل في الهيئة الاستشارية لمشروع العدالة في أزمان التحوّل) ، وكذلك لواحدة من أولى منظمات "نشر الديمقراطية" وهي مؤسسة "فردريك نيومان".

بعد ذلك، جاء "صندوق التبت" الذي استلم معونة الوقف عام 1990 لإنتاج اشرطة كاسيت صوتية تجعل أخبار العالم والتبت تصل إلى المناطق الريفية في التبت. ثم استلم الصندوق معونات مستمرة على هذا العمل في 1994 و1996 ، حيث توسع توزيع هذه الاشرطة ليشمل تجمعات التبتيين في المنفى ؛ في الهند والنيبال. وفي عام 1996، استلم صندوق التبت أيضاً معونة الوقف لصالح مشروع صوت التبت لرعاية مبادرة تعليمية تهدف إلى رفع مستوى الوعي الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والبيئي للتبتيين من خلال وسائط سمعية بصرية. وسيُعطى تركيز كبير على خطابات الدالاي لاما وموضوعات الديمقراطية وحقوق الإنسان.

استمر تعاون صندوق التبت مع مشروع صوت التبت في 1998، وتسلّم الصندوق مساعدة (و ق د) لإنشاء ورشة دعاية إلكترونية للصحفيين التبتيين، وإصدار مجلة عن التبت باللغة الصينية تصدر مرتين شهرياً.   

جماعة أخرى حصلت على دعم كبير من (و ق د) هي "شبكة إعلام التبت" ومقرها في لندن، والتي تسلمت الدعم من 1999 إلى 2004 لتقديم معلومات شاملة ودقيقة حول التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في التبت للمستمعين التبتيين والمجتمع العالمي وجماعات حقوق الإنسان. أُسست الشبكة عام 1987 من قبل "نيكولاس هوين" (الآن هو السكرتير العام للجنة الدولية للمحلفين)، و "روبرت بارنت" الذي كان مدير الشبكة بين 1987 و1998 ، ويعمل الآن في "معهد وذرهيد لشرق آسيا" مع زميله "أندرو ناثان" (رئيس تحرير مجلة الوقف للديمقراطية ، ويعمل أيضا في الهيئة الاستشارية لمجلة ربيع بكين التي يمولها الوقف).  

ومن المهم ملاحظة أنه بين 1998 و2002 – الوقت الذي يتطابق مع بدء دعم الوقف للشبكة – كان يدير المنظمة هذه "ريشارد أوبنهيمر" الذي أمضى 22 سنة يعمل في وكالة BBC العالمية . في 2002، استُبدل أوبنهيمر بالمختص الشهير بشؤون التبت ثييري دودين ، الذي ترك الشبكة عام 2005 عندما أُعلن أن الشبكة ستُغلق بسبب نقص التمويل وذهب ليدير شبكة إعلام التبت الإلكترونية TibetInfoNet. .

وهناك جمعية التبت الأدبية التي تصدر صحيفة تبت تايمز ثلاث مرات شهريا ، ومركز التبت للإعلام المتعدد، وجمعية تبت ريفيو التي تُصدر مجلة تبت ريفيو بالانكليزية في نيودلهي، وإذاعة صوت التبت تأسست 1996 وتنطق باسم حكومة التبت في المنفى .

وتوجد – أخيراً – جماعتان تستلمان مساعدات (و ق د) منذ عام 1990 ولا تتوفر عنهما معلومات مؤكدة هما مركز عدالة التبت ومتحف التبت.

أخيراً، ما هي الصلة بين الإرهاب في شينجيانغ الإسلامي والتبت البوذي في الصين؟

الدالاي لاما المُسالم يدعو للحوار مع "داعش" !!!!!!!!

________________________________________________

الصين تشجب الدلاي لاما "لتعاطفه" مع "داعش"

رويترز

قالت وسائل إعلام رسمية، الأربعاء، إن مسؤولاً صينياً شجب الدلاي لاما، لدعوته إلى الحوار مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، قائلاً إن ذلك يوضح أن الزعيم الروحي للتبت "متعاطف" مع التنظيم.

وكانت صحيفة لا ستامبا الإيطالية نقلت عن الدلاي لاما قوله، يوم الاثنين، إن الحوار مع تنظيم "داعش" الذي يسيطر على مساحات كبيرة من الأراضي في سوريا والعراق مهم من أجل إرساء السلام.

ونقلت صحيفة غلوبال تايمز الصينية المملوكة للدولة، عن تشو وي تشوان رئيس لجنة الشؤون العرقية والدينية في أكبر هيئة استشارية بالبرلمان الصيني قوله: "إنه (الدلاي لاما) يقول 'أسمعهم وأفهمهم وأحترمهم' مما يوضح أنه يتعاطف أو يؤيد تنظيم داعش".

وأضاف أن سبب تعاطف الدلاي لاما يرجع إلى حقيقة أنه "لم يتخل أبداً عن العنف في حياته السياسية".

# ملحق :

لماذا التبت .. وليس فلسطين ؟

__________________

في المنافسة على نيل العطف من الإعلام العالمي، فإن الفلسطينيين غير محظوظين. فحسب كل المعايير الموضوعية ، يمتلكون الحق في الإستقلال التام ، بالضبط مثل التبت. هم يسكنون إقليماً محدّداً ، وهم قومية محدّدة، لها حدود محدّدة بينها وبين اسرائيل. الواحد يجب أن يكون لديه عقل مشوّه كي ينكر هذه الحقائق.

لكن الفلسطينيين يعانون من ضربات قاسية : "الشعب" الذي يقمعهم يزعم لنفسه تاج التضحية البشرية النهائية. العالم الغربي كله يتعاطف مع الإسرائيليين لأن اليهود كانوا ضحايا الجريمة الأكثر وحشية في العالم الغربي. هذا خلق موقفاً غريباً : الجلّاد أكثر شعبية من الضحية. أي شخص يساند الفلسطينيين يعتبر معادياً للسامية ومنكراً للهولوكوست.

أيضاً، الغالبية العظمى من الفلسطينيين هم مسلمون (لا أحد يعطي اهتماماً للفلسطينيين المسيحيين). لأن الإسلام يثير الخوف والخشية في الغرب، فإن كفاح الفلسطينيين سيصبح بصورة آلية جزءاً من ذلك التهديد المشؤوم غير المحدد ؛ "الإرهاب العالمي". ومنذ جريمة قتل ياسر عرفات والشيخ أحمد ياسين ، والفلسطينيون لا يمتلكون زعامة حقيقية مؤثرة في فتح أو في حماس.

الإعلام العالمي يسفح الدموع على شعب التبت، الذي سُلبت أرضه من قبل المستوطنين الصينيين . ولكن من يهتم للفلسطينيين ، الذين سُلبت أرضهم من قبل المستوطنين اليهود الغربيين ؟ 

وسط الضجة العالمية المتصاعدة حول التبت، فإن الناطقين باسم الحكومة الصهيونية يشبّهون أنفسهم – وهو أمر غريب – بالتبتيين الفقراء ، وليس بالمستوطنين الصينيين . والكثيرون في الولايات المتحدة والعالم الغربي يعتقدون أن هذا منطقي تماماً.

مصادر هذه الحلقة :

____________

#Tibet, the ‘great game’ and the CIA - By Richard M Bennett - Global Research, March 25, 2008 - Asia Times 25 March 2008

#China and America: The Tibet Human Rights PsyOp - By Prof Michel Chossudovsky - Global Research, April 13, 2008

#War Propaganda and the Western Media: Fabricated Images. Fake Videos Fake Videotape used by CNN - By Prof Michel Chossudovsky - Global Research, October 24, 2015

#Michel Chossudovsky, April 25, 2014, reposted: 25 October 2015 –

#Western Media Fabrications regarding the Tibet Riots - by Michel Chossudovsky - Global Research, April 16, 2008

#“Democratic Imperialism”: Tibet, China, and the National Endowment for Democracy - By Michael Barker - Global Research, August 13, 2007

#Tibet and Palestine - by URI AVNERY - Counterpunch - APRIL 7, 2008

أمّا حلقات هذا القسم عن اختراع الولايات المتحدة للإرهاب العالمي من موسوعة جرائم الولايات المتحدة فهي مُترجمة ومُعدّة عن مصادر رئيسية هي :

#The "Silk Road" - What Really Happened

#"The Nobel War Prize" - by Michel Chossudovsky - globalresearch.ca ,  25  October/ octobre 2002.

# AFGHANS: U.S. CREATED AND FUNDS TALIBAN Kurt Nimmo - Infowars.com - May 26, 2010

#9/11 ANALYSIS: Where was Osama bin Laden on September 11, 2001. - By Prof Michel Chossudovsky - Global Research, September 10, 2015

 # Who Is Osama Bin Laden? - by Michel Chossudovsky - Professor of Economics, University of Ottawa-  Centre for Research on Globalisation (CRG), Montréal- 12 September 2001

# Bush family’s dirty little secret:

President’s oil companies funded by Bin Laden family and wealthy Saudis who financed Osama bin Laden - By Rick Wiles - American Freedom News - September 2001

 #Bush - bin Laden family business connections - Michel Chossudovsky - http://www.spectrezine.org/war/Chossudovsky3.htm

  # Why would Osama bin Laden want to kill Dubya, his former business partner? - By James Hatfield

 # Bechtel tied to bin Ladens - Osama bin Laden family members invested $10M in an equity fund run by former Bechtel unit.- May 5, 2003: 2:17 PM EDT 

# Bush took FBI agents off Laden family trail - Rashmee Z Ahmed,TNN | Nov 7, 2001, 09.05 PM IST

# Summary of Saudi Arabia flight findings by 9/11 Commission - By The Associated Press -  Published: Tuesday, April 13, 2004 at 2:35 p.m.

 #EXCLUSIVE: CIA COMMANDER: WE LET BIN LADEN SLIP A - BY MICHAEL HIRSH 8/14/05 AT 8:00 PM

#September 2001 Interview with Osama bin Laden. Categorically Denies his Involvement in 9/11 - By Global Research - Global Research, September 09, 2014 - Daily Ummat in Urdu (Translation into English by BBC Worldwide Monitoring September 29, 2001 28 September 2001

وعن مصادر ثانوية أخرى مثل الويكيبيديا ومواقع كثيرة أخرى .

# ملاحظة عن هذه الحلقات :

________________    

هذه الحلقات تحمل بعض الآراء والتحليلات الشخصية ، لكن أغلب ما فيها من معلومات تاريخية واقتصادية وسياسية مُعدّ ومُقتبس ومُلخّص عن عشرات المصادر من مواقع إنترنت ومقالات ودراسات وموسوعات وصحف وكتب خصوصاً الكتب التالية : ثلاثة عشر كتاباً للمفكّر نعوم تشومسكي هي : (الربح فوق الشعب، الغزو مستمر 501، طموحات امبريالية، الهيمنة أو البقاء، ماذا يريد العم سام؟، النظام الدولي الجديد والقديم، السيطرة على الإعلام، الدول المارقة، الدول الفاشلة، ردع الديمقراطية، أشياء لن تسمع عنها ابداً،11/9 ، القوة والإرهاب – جذورهما في عمق الثقافة الأمريكية) ، كتاب أمريكا المُستبدة لمايكل موردانت ، كتابا جان بركنس : التاريخ السري للامبراطورية الأمريكية ويوميات سفّاح اقتصادي ، أمريكا والعالم د. رأفت الشيخ، تاريخ الولايات المتحدة د. محمود النيرب، كتب : الولايات المتحدة طليعة الإنحطاط ، وحفّارو القبور ، والأصوليات المعاصرة لروجيه غارودي، نهب الفقراء جون ميدلي، حكّام العالم الجُدُد لجون بيلجر، كتب : أمريكا والإبادات الجماعية ، أمريكا والإبادات الجنسية ، أمريكا والإبادات الثقافية ، وتلمود العم سام لمنير العكش ، كتابا : التعتيم ، و الاعتراض على الحكام لآمي جودمان وديفيد جودمان ، كتابا : الإنسان والفلسفة المادية ، والفردوس الأرضي د. عبد الوهاب المسيري، كتاب: من الذي دفع للزمّار ؟ الحرب الباردة الثقافية لفرانسيس ستونور سوندرز ، وكتاب (الدولة المارقة : دليل إلى الدولة العظمى الوحيدة في العالم) تأليف ويليام بلوم .. ومقالات ودراسات كثيرة من شبكة فولتير .. وغيرها الكثير.

وسوم: العدد 660