دفاعا عن الأساتذة المتقاعدين
صاحب الأسطر يعرف ملف الأساتذة المتعاقدين من خلال صلاتي الفجر وصلاة العشاء. حين أذهب لصلاة الفجر وأرى أستاذات الحي يلتحفن ظلام الفجر وصقيع الصباح ووحشة الطريق، وهن متجهات بعيدا إلى الصبحة، وعين مران، والهرانفة، وتاوقريت، حيث المسافة البعيدة التي تبعد أحيانا بـ 40 كلم، وإنعدام وسائل النقل غالبا، واضطرار المعني ليركب عدة وسائل نقل وأية وسيلة نقل، ليصل الأستاذات إلى القسم في أسوء حال.
وفي المساء تعود نفس الوجوه ليلا متعبة مرهقة، عليها غبار السفر، لايستطعن حمل المحفظة من طول الطريق وعنائها، ويسرعن في الخطوات خوفا من الطريق، وهربا من الفزع الذي يلاحقهن تحت عباءة الظلام.
واستمر الحال سنوات طوال، حتى أنهن فقدن ملامح الأنوثة الرقيقة، من شدة الصقيع الذي ضرب وجوههن لسنوات، وكثرة التنقل، وعبء الطريق، وألسنة المجتمع التي لا ترحم إمرأة خرجت في سبيل الله، تشبع بطنها وتحفظ عرضها.
ونفس الحالة المزرية تنطبق على الأساتذة من الزملاء وسكان الحي، وممن هم أصدقاء عبر صفحتي.
ورغم تقدمهم في السن، إلا أنهم مازالوا يعانون مرارة العزوبية وقهر الوحدة. وحين تسألهم عن سبب التأخر، يجيبون بصوت واحد محزن وحزين..
لانملك وظيفة مستقرة، ويكفي أننا نعاني قهر الأيام منذ عشرات السنين عبر التعاقد دون أمل، فلا نحب أن نعقّد الأيام لشريكتنا وأولادنا بعقد الزواج في مثل هذه الظروف القاسية.
الأساتذة المتعاقدين لهم كل الحق في الدفاع عن حقوقهم بالطرق القانونية والسلمية التي تراعي آداب المجتمع الجزائري. وأضعف الإيمان أن نقف معهم ببعض الأسطر دون التدخل في التفاصيل ، فتلك من مهام الأساتذة المعنيين الذين اكتووا لسنوات من جمر التعاقد وذل التعاقد من جهة، والجهة المخولة قانونا بالتفاوض معهم، آملين أن يجدوا حلا يرضي الطرفين، ويضع حدا لهذه المأساة.
أتفهم الوضع حين يكون التعاقد لسنوات معلومات، فكيف بالمحدود أمسى ممدودا ودون حد يحده؟.
يتحمل المتعاقد ذل التعاقد على أمل أن يوجد له مخرجا في أقرب وقت ممكن، فكيف يضاف لذل الأيام الماضية قهر الأيام الحالية، فتطبق عليه ظلمة نفق التعاقد، فهو من ظلمة الفجر إلى ظلمة المستقبل.
الأستاذ يحترم، سواء كان دائما ثابتا، أو أجبر على أن يكون ثابتا على التعاقد. وليس من العدل في شيء أن تظل هذه الزهور من أساتذة وأستاذات، ترى أيامها وهي تذبل في سنوات التعاقد، وتلتفت لورائها فتجد عرق الليل والنهار ذهب دون رجعة.
فمن يلتفت لهؤلاء ويزيح عنهم الستار، فيلمسون أشعة الشمس، ويتنعمون بزرقة السماء.
صبرا آل الأساتذة.. فإن موعدكم النجاح والتوفيق.
وسوم: العدد 663