المَلَكْيَّةُ..وَ العَسْكَرَةُ
يقول بعض الكتاب لا يُصلح أمرَ النَّاس إلا(حكمٌ ملكيٌّ أو حكمٌ عسكريٌّ)إن المتأمل بهذه العبارة يجدُ فيها مقابلة خاطئةً تضعُ النَّاس أمام خيارين متناقضين تماماً..بين خيار خيرٍ وخيار شرٍ..بين خيارٍ حكيمٍ متزنٍ بنَّاءٍ..وبين خيار حكمٍ أحمقٍ عابثٍ مدمرٍ..فالملكيةُ مُسمى ونَهجٌ ربَّاني راشدٌ مسددٌ:"وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ"والعسكرةُ نهجٌ تمرُّدي فوضوي قمعي..الملكيةُ نظامٌ مؤسسٌ على بيعةٍ وعقدٍ اجتماعي يجسد إرادة الأمة..وعلى دستورٍ قرآني يحكم رُشدَها ويرتقي بطموحاتِها..والعسكرةُ سلطةٌ انقلابية تمرديّة تقهرُ إرادةَ الأمة وتئدُ آمالها وتدفنُ طموحاتها..الملكيةُ عدلٌ وإحسانٌ ومودةٌ ووفاءٌ وولاءٌ..والعسكرة ظلمٌ وطغيانٌ وحقدٌ وغدرٌ..أجل إنَّه لظلمٌ وخطيئة وإثم مبينٌ أن يعقد أحدٌ مقابلة(الملكية والعسكرة) إنَّها لقفزةٌ رعناء جامحة تودي بصاحبها إلى ما بعد ظهر الحصان مثلها مثل أي تطرف وحماقة تورث صاحبها الدمار والهلاك..وذات مرة كتب الجراح بن عبد الله قائد جند المسلمين في خرسان الى الملكِ العادلِ الراشدِ عمر بن عبد العزيز - رحمه الله تعالى- يقول له:"أنَّ أهلَ خراسان قومٌ سَاءت رعيتُهم،وأنَّه لا يُصلحُهم إلا السيف والسوط،فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي في ذلك..فكتب إليه الملكُ العادلُ الراشدُ عمر بن عبد العزيز- يرحمه الله تعالى:"كذبت،بل يَصلحُهم العدلُ والحقُ،فابسط ذلك فيهم،والسلام..أجل إنَّه العدلُ والحكمةُ والرشدُ الذي جعله الله تعالى من خصائص وسمات من أتاهم مُلكَه وولاهم أمرَ شؤونِ النَّاس..ولنتذكر كلمات رسولِ هرقل ملك الروم وهو يُخاطبُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه وقد وجده نائماً مطمئناً متوسداً نَعليه على بطحاءِ مسجدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قائلاً:"حكمت فعدلت فأمنت فنمت"أجل الملك العادل الراشد هو الحارسُ الأقوى لأمنِ الأمةِ وسيادتِها واستقرارِها ورحم الله تعالى الملك عبد العزيز- وطيب الله ثراه-الذي أعلنها مدويةً من أول ساعة للتأسيس:"الحكمُ للهِ والملكُ لعبدِ العزيزِ"وصدق رحمه الله تعالى ربَّه جلّ جلاله بما عاهده عليه..فصدقه الله تعالى وعده وثبت ملكه ومكنّ له..فهاهو ملكه في ارتقاء دائم منذ مائة عام بل ويزيد..اللَّهم أدم علينا نعمة العدل والأيمان والأمان في طاعتك ومرضاتك سبحانك.
وسوم: العدد 669