ذكريات من أبها ونجران

الشيخ حسن عبد الحميد

أبها عروس مصايف المملكة العربية السعودية ، يأوي إليها كل الأتقياء ، ممن يريدون هواءا نقيا ، خاليا من الدنس ،

أبها فيها الطبيعة الساحرة والمناظر الخلابة والهواء النقي ، فيها منتزه السودة ، أجمل من الريفييرا ، السودة في أبها اجمل مافي الدنيا من طبيعة وهواء على جبال مرتفعة ، مناظر بلودان في سوريا لاشيء بجانب السودة ، 

وهي ليست من السواد ، بل هي من سويداء القلب طبعا للشرفاء والاتقياء ، ممن يحرصون على الطهر والعفاف 

في أبها درس ولدنا عبد الحميد في جامعة الإمام محمد بن سعود كلية اللغة العربية ، وأحمد كلية الاقتصاد الإسلامي ، وأساتذتها كلهم سوريون ومن حلب على الخصوص توفي أحدهم بالأمس القريب الدكتور محمود الفجال عالم النحو والصرف والبلاغة ، وسبقه إلى لقاء ربه الدكتور عصام القصبجي أستاذ النقد والأدب المقارن ، ومنهم الدكتور عادل الهاشمي أستاذ الأدب الاسلامي ، والدكتور الشيخ محمود الحريري استاذ الفقه ، والدكتور أحمد عبد العال والدكتور حسين عبد الهادي والدكتور مصطفى الخن والدكتور احمد القلعجي والدكتور الشيخ عبد الرحيم الطحان وغيرهم الكثير ... 

كان لنا في كل شهر نزول إلى أبها لزيارة الأحباب وتلقي التعليمات من القادة العظام ،

كان أمير أبها الأديب الشاعر خالد الفيصل ، الذي جعل من أبها محط أنظار العالم ، وهي عاصمة المنطقة الجنوبية للمملكة ، ويتبعها اداريا مدينة نجران 

ونجران قطعة من الكبد قضينا فيها خمسة عشر عاما ، وهي على حدود اليمن  قضيت فيها ١٥ عاما مدرسا في تحفيظ القرآن الكريم ، ثم مدرسة الإمام  الطبري ، ثم مدرسة ابن تيمية ، تنعمنا فيها بصحبة رجالها كالمدير صديق العريشي ، والأخوة الكرام الافاضل حسن بكار اليوسف ، ومحمد عبد الملك رحمه الله ، وعبد الرحيم الحاج قاسم دفين هولندا رحمه الله ،  وعبد القادر حسن توفي في نجران رحمه المولى ، وأبو عصام أحمد رسلان ، واحمد البعبوع من قرى المعرة ، والشاعر الاخ محمود مفلح ، والشاعر الإسلامي ابن دير الزور الاخ شريف القاسم ، والدكتور حمدي شلة طبيب الجلدية المهاجر ، والاخ الشيخ محمود حسون ، وعبد الغني حران ، وجاري الشيخ عبد الحميد طهماز رحمه المولى ،

أمير البلدة كان خالد السديري ، وماء نجران أطيب ماء ، وهل ننسى ماء الجربة ، وطريق السد والمفوجة ، ورجلة وآثار الاخدود المذكورة في القرآن الكريم ، 

نجران باختصار ظلال وماء ، وبرتقالها أطيب برتقال في العالم ، وحديقتها العريسة لاترى فيها الشمس ظلال وجمال 

زارني فيها فارس المنابر الشيخ الداعية عبد الله علوان وعائلته ، والشيخ الداعية عبد الغني المارعي واولاده ، ، والاخ محمد شيخ ويس ، والدكتور ناجي عجم ، والدكتور مصطفى الخن  أسكنهم المولى فسيح الجنات ، والدكتور محمد عادل الهاشمي شيخ الادب الاسلامي 

نجران طلب وفدها من المصطفى عليه السلام : أرسل معنا رجلا أمينا، فأرسل معهم أبا عبيدة بن الجراح ، فسمي بأمين هذه الأمة ، لذا تعتبر نجران مدينة أمين الأمة

نجران : فيها مستشفيات ضخمة اهمها مشفى الملك خالد ، وقد زارنا الدكتور عدنان نجار حفظه الله واطلع على مافيه 

قضينا في نجران امتع أيام العمر ، علمنا شبابها كان منهم اللواء سعد الشهراني الذي كان موضع عناية المدرسين السوريين في جامعة ابها ، وممن تعرفنا عليهم العقيد عمر العليان وكان ملازما وهو يعد لابيه زعيم نجران السني الشيخ عليان العمر رحمه الله مائدة افطار الصائم في رمضان على باب مسجد ابي بكر الصديق ، وقد عمر الآن بجانبه مسجد عليان العمر رحمه الله 

سعد الشهراني الصديق الصدوق ، المخلص الوفي ، كان بيته مضافة ، كرم باذخ ، وبشاشة وجه ، واهتمام ورعاية ، تلميذ القادة السوريين في ابها ، تلميذ الدكتور المجاهد محمود الحريري ابن درعا المجاهدة 

وزارني فيها ايضا الداعية الشيخ عمر ملاحفجي رحمه الله فأخذته إلى مدير شرطة نجران ، ودرس رحمه المولى في سجن نجران ، واعجب به القادة العسكريون 

ومع كل مافي نجران من جمال وظلال وخضرة ونماء وطيب عيش ، كنت اتشوق إلى الباب وحلب ، وكنت أردد مع المتنبي قوله 

كلما رحبت بنا الروض قلنا  

حلب قصدنا وانت السبيل 

حلب التي  أعرف كل شبر فيها ، وفي كل درب لنا ذكريات وذكريات ، اولها دار الأرقم في باب النصر ، حلب التي دمرها الطيران الروسي والبغي المجوسي والقرامطة الجدد ، 

حلب الانصاري ، والكلاسة ، وصلاح الدين ، حلب الخسروية والاموي ، حلب جامع البيدر والغزالي وجامع عمر بن عبد العزيز ، حلب الالتونجي والاميري والنبهان والكيخيا ، 

حلب الاباء والشموح تخاذل عنها العرب والعجم ، حلب تحرق بفتاوى الطغاة ، حلب تباد فقد طمس الخط الأحمر والأخضر ، لك الله ياحلب 

سلام عليك نجران ، سلام على ربوعك الحلوة وجبالك الشماء ، وسدك العظيم 

سلام عليك نجران فيك درس الاولاد ذكورا واناثا ، وفيك كنا نتغى بالوطن ونردد مع الأحبة حسن بكار ومحمد عبد الملك رحمه الله :

جادك الغيث اذا الغيث هما ،

 ونقصد نهر الذهب ومدينة الباب وواديها  ،

قال فيها شاعرها مصطفى افندي البابي يذكر عين الذهب ويندب عيشا له قد ذهب :

بأبي وا بأبي  وا بأبي .. 

جرعة من ماء نهر الذهب

يارعاه الله من واد وسيم 

رق فيه الماء واعتل النسيم 

تعرف النضرة فيه والنعيم

عيشنا فيه رخي اللبيب 

غفلت عنه عيون النوب 

حيثما يممت روض وغدير 

والى جانبه ظبي غرير 

وفراش متقن الوشي وثير 

كملت فيه دواعي الطرب 

يؤخذ الصيد به عن كثب 

وممن وصفه أبو النصر المنازي حين تفيأ واديه وقال :

وقانا لفحة الرمضاء واد 

سقاه مضاعف الوبل العميم 

نزلنا دوحه فحنا علينا 

حنو المرضعات على الفطيم 

وارشفنا على ظمأ زلالا 

ألذَّ من المدامة للنديم 

والله أكبر والعاقبة للمتقين 

وفرجك ياقدير

وسوم: العدد 672