تداعيات إنتخاب اسرائيل لرئاسة اللجنة الدولية لمكافحة الإرهاب

 

فازت إسرائيل برئاسة اللجنة السادسة التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة والمعنية بمكافحة الإرهاب وقضايا القانون الدولي بما في ذلك البروتوكولات الملحقة باتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين زمن الحرب والانتهاكات التي ترتكبها الدول.

أما المجموعة التي قامت بترشيح إسرائيل هي دول غرب أوروبا التي تضم عددا من دول غرب أوروبا إلى جانب أستراليا ونيوزلندا وإسرائيل وتركيا ودول أخرى، وبحسب التقليد المتبع، فإن رئاسة اللجنة المذكورة يتم بالتداول بين المجموعات. وهذا العام هو دور مجموعة غرب أوروبا التي أجمعت على ترشيح إسرائيل.

مع العلم ان اسرائيل كانت تنتمي في العادة إلى مجموعة آسيا والمحيط الهادي، التي تضم دول الشرق الأوسط، وآسيا، ولكن تحويلها إلى مجموعة أوروبا الغربية مكنها من الحصول على رئاسة لجنة دائمة، لأول مرة، منذ انضمامها إلى الأمم المتحدة عام 1949.

بهذه المناسبة أصدر السفير الإسرائيلي داني دانون بياناً، اعتبر أن انتخاب إسرائيل للجنة دائمة من لجان الأمم المتحدة حدث تاريخي بكل المقاييس منذ انضمّت إسرائيل لعضوية الأمم المتحدة عام 1949.  وأضاف “إنني فخور أن أكون أول سفير لإسرائيل ينتخب لهذا المنصب الرفيع لأن إسرائيل تتمتّع بدور قيادي في القانون الدولي ومحاربة الإرهاب”، بعد ان كانت اسرائيل من اشد المعادين للامم المتحدة.

فكيف حصل ذلك ان يتم مكافأة المجرم على جرائمه،هذا يدفع الى التسائل عن الدور الذي قام به الطرف الفلسطيني والطرفين االعربي والاسلامي للحيلولة دون وقوع ذلك؟؟؟، سنحاول في التقرير التالي الاجابة على ذلك.

 

الطرف الفلسطيني:

صرّح السفير الفلسطيني رياض منصور بعد انتخاب إسرائيل مباشرة قائلاً: "مع أن الوقت كان ضيقاً عندما علمت المجموعة العربية أن مجموعة دول أوروبا الغربية ودول أخرى" قررت ترشيح إسرائيل لرئاسة اللجنة السادسة، قمنا باتصالات مكثّفة مع دول المجموعة، وضغطنا باتجاه ثني المجموعة عن مكافأة دولة تحتل أراضي دولة أخرى، في مخالفة للقانون الدولية بدل عقابها".

ويضيف منصور، "بعد ذلك حاولنا أن نقنع دول المجموعة أن يرشحوا أي دولة أخرى غير إسرائيل ولم نفلح.  اتصلنا بعدد كبير من أعضاء المجموعة  لنقنع أي عضو منها للترشّح كي نحشد الأصوات لإنجاحه لكنهم لم يقبلوا.  تداولنا الأمر بعد ذلك مع المجموعتين العربية والإسلامية للاتفاق على خطة بديلة.  فاتّفقنا أن نوزع أصوات المعترضين على ترشيح إسرائيل على مرشحين من نفس المجموعة كي نحرم المندوب الإسرائيلي من الحصول على النصف زائد واحد.

وقال" حاولنا أن نحشد كل أصدقائنا لإسقاط المندوب الإسرائيلي بحرمانه من الحصول على الحد الأدنى من الأصوات المطلوبة لكننا لم ننجح.  لكننا استطعنا حجب ما مجموعه 84 صوتا عنه وهذا شيء مهم ومشرّف.  هو لم يحصل إلا على 109 أصوات. وكان الحد الأدنى المطلوب 77 صوتا فلو استطعنا تغييرأصوات 36 مندوبا لسقط ترشيحه بشكل آلي".

وتابع ممثل دولة فلسطين لدى الأمم المتحدة "كل اللجان الرئيسية الخمسة انتخبت رؤساءها بالإجماع إلا اللجنة السادسة. الانقسام واضح منذ البداية فكيف سيُسيّـر أعمال اللجنة خلال الدورة الواحدة والسبعين؟  إذن هناك شرخ في الجمعية العامة حول شخصية داني دانون الاستفزازية، وستكون أعمال اللجنة السادسة معطلة بسبب الانقسام. 

الطرف العربي والاسلامي:

أعرب السفير الكويتي، بصفته ممثلاً لمجموعة دول التعاون الإسلامي، أمام الجمعية العامة عن اعتراض دول التعاون على هذا الترشيح.

وقال قبل بدء التصويت خلال الاجتماع حول مهام رئاسة اللجنة "يتطلب أن تكون الدولة المرشحة عضواً ممتثلاً للقانون الدولي، وتعمل على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بشكل فعّال، وليس دولة تخترق القانون الدولي والقانون الإنساني وقرارات الأمم المتحدة".

ثم أضاف، منتقداً الدول الأعضاء في مجموعة غرب أوربا والدول الأخرى، والتي اختارت دولة الاحتلال لهذا المنصب "إن قرار ترشيح عضو ما عن أية لجنة لهو قرار يتعلق بالتناوب، ويجب أن تتحمل المجموعات المسؤولية وتقدّم مرشحين يمكن قبولهم لهذا المنصب، لكن هذا الترشيح يتعارض مع مبدأ النوايا الحسنة. وأضاف العتيبي: "إن هذا الترشيح يتطلب عضواً يمتثل لقرارات الأمم المتحدة وليس عضواً يقوّض مصداقية الأمم المتحدة، ويحول دون تنفيذ قرارات الأمم المتحدة“. ونوّه كذلك بأن انتخاب إسرائيل، التي تنتهك القواعد الأساسية للقانون الدولي والمعاهدات الدولية وقرارات الأمم المتحدة، سيؤثر سلبياً على صورة الأمم المتحدة".

وكانت الدول العربية قد قدّمت اعتراضها على ترشيح إسرائيل لهذا المنصب. وأرسلت في هذا السياق رسالة في العاشر من الشهر الجاري إلى رئيس اللجنة الحالي، وسفير جمهورية ترينيداد وتوبيغو، إيدن تشارلز، تعترض فيها على هذا الترشيح مطالبةً بالتصويت عليه، على عكس العرف المتّبع في هذه الحالة، أي تزكية المرشح الذي تقوم المجموعة الجغرافية المعنية بترشيحه.

بينما قال السفير اليمني للأمم المتحدة، خالد اليماني، باسم المجموعة العربية في هذا السياق "لقد طلبنا إجراء عملية انتخاب بالاقتراع السري، من أجل تسجيل اعتراضنا القاطع على ترشيح إسرائيل لشغل منصب رئيس اللجنة القانونية، ورفع صفة الإجماع عن النتيجة التي تترتب عليها".

الطرف التركي:

اختارت مجموعة غرب أوروبا قامت بالاجماع دولة الاحتلال لهذا المنصب ، التي تضم عددا من دول غرب أوروبا إلى جانب أستراليا ونيوزلندا وإسرائيل وتركيا ودول أخرى، فلماذا لم تعترض تركيا على ذلك الترشيح، التي لو فعلتها لكانت اربكت ترشيح اسرائيل؟؟؟

كشف السفير الاسرائيلي لدى الاتحاد الاوروبي دافيد فالتسير عن ان تركيا رفعت الفيتو الذي كانت تفرضه لغاية اليوم، على مشاركة اسرائيل في تمارين عسكرية يجريها حلف شمال الأطلسي "الناتو".

وجاءت أقول السفير الإسرائيلي فالتسير هذه اثناء محاضرة القاها في العاصمة البلجيكية بروكسل، حيث مقر الاتحاد الأوروبي وكذلك مقر حلف شمال الأطلسي، يوم الثلاثاء الموافق 3-5-2016.

وفي ذات السياق، ابلغ حلف "الناتو" اسرائيل بأن بوسعها فتح مكتب لها في مقر الحلف في بروكسل كي يكون بمثابة ممثلية رسمية اسرائيلية لديه.

فهل كان القرار التركي بموافقتها على فتح مكتب اسرائيلي في مقر حلف الناتو، مقدمة لموافقتها على ترشيح اسرائيل لرئاسة اللجنة.

فعلى الرغم من توتر العلاقات السياسية بين الدولتين في أعقاب قضية سفينة مرمرة عام 2010، الى ان وكالات أنباء عديدة أكدت أن التجارة بين إسرائيل وتركيا واصلت ازدهارها ونموها، ووصل حجم التبادل التجاري بين الدولتين ذروته عام 2013 إلى 4.85 مليار دولار، بزيادة بنسبة 39% مقارنة عن العام الماضي. ووصل حجم التبادل إلى هذه الذروة بفضل ازدياد الصادرات الإسرائيلية لتركيا بنسبة 76% وازدياد الاستيراد الإسرائيلي من تركيا بنسبة 13%.

وتواصل حجم التبادل التجاري بين الدولتين عام 2014 وارتفع التبادل بينهما في الثلث الأول من العام 2014 إلى 949.2 مليون دولار مقابل 761 مليون دولار في العام 2013. وازداد حجم الاستيراد من تركيا إلى 956 مليون دولار مقابل 791 مليون دولار بنفس الفترة من السنة الماضية.

تجدر الإشارة الى ان هذا التطور المفاجئ في الموقف التركي يدل على تقدم جهود المصالحة الاسرائيلية ـ التركية. فقد تكثفت الجهود التركية الإسرائيلية للتغلب على الازمة القائمة في العلاقات بين البلدين منذ الاستيلاء على سفينة مرمرة وقتل 9 من الاتراك المشاركين في رحلة لكسر الحصار على قطاع غزة، إذ تحاول تركيا ان تسرع في عملية إعادة العلاقات مع إسرائيل الى سابق عهدها لاسيما لتعويض خسارتها بعد قطع روسيا العلاقات معها، وفي ذات الوقت يطمح نظام أردوغان الى عقد صفقة تاريخية مع اسرائيل لاستثمار الغاز المكتشف في البحر المتوسط.

الخلاصة:

 

يظهر جليا مما ذكر سابقاً ان الطرف الفلسطيني والطرفين العربي والاسلامي قد حاولوا افشال حصول اسرائيل على المنصب، لكنهم اخفقوا، لكن ما يثير الاستغراب بالرغم ان الاقتراع كان سرياً، فقد نشرت صحيفة "القدس العربي" التي تصدر في لندن والمملوكة لقطر ، عن مصادر دبلوماسية تأكيدها إن أربع دول عربية، على الأقل، صوتت لصالح إسرائيل، بغض النظر عن صحة الخبر من عدمه، لماذا يتم تجاهل الدور التركي في تلك النتيجة، حيث ان تركيا لعبت الدور الرئيسي في ترشيح وحصول اسرائيل على ذلك المنصب، سؤال برسم الاجابة ندع الايام المقبلة تجيب عنه !!!!

في النهاية نتقدم بالشكر للعرب والمسلمين وكل من وقف مع فلسطين في هذه المعركة. كنا نأمل أن يتم فشل ترشيح اسرائيل، لكننا أمام قوة عاتية استعملت كل الأساليب الملتوية والابتزاز وخاصة للدول الصغيرة كي تدلي بأصواتها لصالح إسرائيل. إسرائيل لم تنجح بقدراتها وسمعتها الذاتية بل بجهود الولايات المتحدة وكندا واستراليا، والتي تستعمل كل أساليب الابتزاز والتهديد لضمان التصويت لإسرائيل وكثير من الدول تستجيب لهذا الضغط خوفاً من الدول الكبرى بدل أن تقف مع الحق وضد الظلم الذي تمثله دولة الاحتلال. نحن اليوم أمام حالة صارخة من ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين من بعض الدول. إسرائيل تزداد تطرّفاً وتدير ظهرها لكافة المبادرات السلمية بما فيها المبادرة الفرنسية الأخيرة وتوسّع نشاطاتها الاستيطانية وتخترق القانون الدولي في كل ممارساتها ثم يقوم المجتمع الدولي بمكافأتها. إذن نحن أمام وضع يحتاج إلى تقييم دقيق لنحسب خطواتنا في المرحلة القادمة. 

وسوم: العدد 673