الدّم الحرام وفوضى السّلاح
جرائم القتل التي حصدت مساء 29-6-2016 الأسود أرواح ثلاثة أشخاص، وأصابت 14 شخصا آخرين في يعبد شمال الضفة الفلسطينيّة، ومقتل اثنين من رجال الأمن في نابلس، واصابة زوجة رجل أمن في نابلس بجراح وهي في بيتها، واصابة رجل أمن في سعير قضاء الخليل، لا تدقّ ناقوس الخطر فقط، بل تتعدّاه إلى ما هو أكبر من ذلك، ونتائجها ستصيب قلب الوطن والمواطن.
فلماذا التّهاون مع مطلقي النّيران واعتداءاتهم المتواصلة؟ ومن أين حصلوا على السّلاح؟ ومن يوفّر لهم الحماية؟ وهل انتماء شخص لأحد التنظيمات يعطيه الحق بقتل الآخرين؟ وهل "العطوات والصّلحات وتبويس اللحى عشائريا" كافية لردع القتلة والمجرمين؟ وهل يوجد قانون رادع للقتلة والبلطجيّة؟ وهل القضاء مستقل لا يتدخّل به أحد؟ وهل تتمّ تنفيذ قرارات المحاكم ضدّ القتلة والبلطجيّة؟ وقبل هذا وذاك لماذا لا يتمّ ضبط "فوضى السّلاح"؟
نسبة جرائم القتل في الأراضي الفلسطينيّة ازدادت بشكل ملحوظ، وما يتبعها من حرق بيوت وممتلكات، وترويع النّاس العاديّين، أفلا تكفي عمليّات القتل والتدمير التي يقوم بها المحتلون؟ وهل الدّم الفلسطينيّ رخيص إلى هذه الدّرجة؟
صحيح أنّ الأوضاع في الأراضي الفلسطينيّة، وتقسيم هذه الأراضي إلى مناطق تخضع للسلطة الفلسطينيّة، وأخرى تخضع لسلطات الاحتلال، وأخرى تائهة تحت ما يسمى "الأمن المشترك"، وهذا التقسيم واحد من أسباب الانفلات الأمني، لكن لماذا لا تلجم شهوة القتل هذه؟ وأين الأخلاق التي يتغنّى بها البعض؟ وأين الوازع الدّيني أيضا؟ وأين حرمات شهر رمضان، والعشر الأواخر منه؟ وأين ضبط العائلات لأبنائها؟
ولا يمكن التّستّر على التّربية العشائريّة المقيتة وما يصاحبها من استقواء العشائر الكبيرة على غيرها، ضمن ثقافة الثّأر التي تغذّي الجريمة بأشكالها، ولا يمكن السّكوت على الفصائل "العشائريّة" التي تتستّر هي الأخرى على جنوح بعض من ينضوون تحت أجنحتها.
فما عاد الوضع يُحتمل، وما عاد "تبويس اللحى" يجدي نفعا، وحفاظا على وحدة شعبنا، وعلى دماء أبنائنا، وحرصا على مواصلة الطريق لتحقيق حقّ شعبنا في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشّريف، يجب على السلطة الوطنيّة ضبط فوضى السّلاح، وجمع الأسلحة من أيدي العابثين والمجرمين، وسنّ التّشريعات الرّادعة، وتنفيذ قرارات المحاكم بشكل دقيق وشامل وعلى الجميع، وإلا فإنّ النتائج ستكون وخيمة على الوطن وعلى المواطنين، والتّاريخ لا يرحم أحدا.
وسوم: العدد 675