عصيد يغتنم فرصة مراجعة مقررات مادة التربية الإسلامية لخدمة توجهه العلماني
عصيد يغتنم فرصة مراجعة مقررات مادة التربية الإسلامية لخدمة توجهه العلماني ويدخل ذلك ضمن الحملة الانتخابية قبل الأوان
وفقا للخط الذي رسمه موقع هسبريس لنفسه وهو الدعاية للعلمانية نشر مقالا في عمود آراء ومفكرون للمدعو أحمد عصيد وهو أمازيغي متعصب محسوب على الفكر تحت عنوان : " تربية إسلامية أم تربية دينية ما الفرق ؟
يحمل صاحب المقال في بداية مقاله على جمعية مدرسي مادة التربية الإسلامية وعلى مفتشيها لأنهم أنكروا على الوزارة الوصية تغيير اسم المادة من إسلامية إلى دينية . ومن الغريب أن ترد في مقاله عبارة : " المادة التي كانت تعرف بالتربية الإسلامية " وكأنها لم تعد تسم كذلك حيث فصل عصيد في موضوع تغيير التسمية قبل الوزارة الوصية، وقبل من يهمهم الأمر . وتعريض صاحب المقال بالمهتمين بهذه المادة الدراسية سوء أدب معهم ،وتطاول على أهل الاختصاص ، وتطفل عليه . ومما يعكس هذا التطفل عدم انتباه صاحب المقال إلى شيء يسمى التناقض وهو كما يلي :
يقول عصيد في مقاله : ((إن درس التربية الإسلامية هي ما عرفه وألفه من تعليم مبادىء الإسلام والتعريف بأحكامه وأركانه ومبادئه انطلاقا من نصوص القرآن والأحاديث النبوية لجعل التلاميذ ينتمون إلى " جماعة المسلمين " أو " الأمة الإسلامية " ومن أجل بلوغ هذا الهدف يستعمل هذا الدرس جميع الوسائل بما فيها المتعارضة مع البيداغوجيا مثل تدريس العنف والغزوات والترهيب والتمييز باستعمال الدين والجنس وتبخيس المعتقدات والتحريض على غير المسلمين ، والتشكيك في مبادىء حقوق الإنسان وتحريفها عن معانيها الأصلية ، وإغراق التلاميذ في تفاصيل لم يعد معمول بها ولا علاقة لها بحياتنا المعاصرة ولا بقيم المجتمع الحالي الذي نعيش فيه ))
أما التربية الدينية عنده فهي على حد قوله : (( تعاليم المبادىء الكبرى للحياة الأخلاقية بناء على القيم التي تلتقي عندها جميع الأديان والتي تعتبر مكارم وقيما نبيلة أجمعت عليها الحضارات الإنسانية ، وهي ما يسمى اليوم "القيم الكونية " والتي تخص كل إنسان بغض النظر عن لونه أو وطنه أو عقيدته أو نسبه وعرقه. وتشبه التربية الدينية في نظره ما كان يسمى في النظام التربوي السابق " مادة الأخلاق " حيث كان التلاميذ يستفيدون من دروس راقية تعلمهم القيم النبيلة باعتماد العقل والدين . وبينما تهدف التربية الإسلامية إلى صناعة المسلمين في نظره تهدف التربية الدينية إلى صناعة المواطنين ))
ولم يلتفت عصيد إلى تناقضه الصارخ حين يرى التربية الإسلامية عبارة عن عنف وغزوات وترهيب وتمييز ... إلى غير ذلك مما سبقت الإشارة إليه، بينما التربية الدينية عند النظر في تعريفه هي صورة للعلمانية التي يستميت في الدعاية لها مع أنه أقر بأنها تشبه درس الأخلاق سابقا والذي كان يعلم التلاميذ القيم النبيلة باعتماد العقل والدين ، فعن أي دين يتحدث عصيد ؟ فإذا كان للدين دور في التربية على القيم النبيلة كما صرح ، وكان الإسلام دين فما الذي حمله على نعت التربية الإسلامية بالعنف والإرهاب ؟ فلو أنه أقصى الدين جملة وتفصيلا من تعريفه لما سماه القيم الكونية لكان محترما لانتمائه العلماني الذي يفصل الدين عن الحياة أو يجعل الحياة مدنية كما يقول العلمانيون وليست دينية . ومن الواضح أن عصيد اغتنم فرصة تداول عبارة تربية دينية عوض تربية إسلامية للتعبير عن تنصله من كل ما له علاقة بالإسلام إلى درجة وصف مبادىء العلمانية بأنها تربية دينية، ولست أدري كيف سيتقبل العلمانيون تسميته الجديدة للعلمانية أو كيف تصير العلمانية دينا ؟ وكان الأجدر به أن يسميها تربية وطنية وهي مادة كانت كما كانت مادة الأخلاق .
ويغتنم عصيد الفرصة للخوض في حملة انتخابية قبل الأوان حين يقول بأن التربية الإسلامية تتعارض بالصيغة التي تدرس بها تعارضا تاما مع مضامين الوطنية والمواطنة لأنها تربي الطفل على الانتماء إلى الجماعة، وليس إلى الوطن ،بل تضرب مبادىء المواطنة في الصميم لأنها ترى قيمة الفرد في إيمانه الديني وليس في إنسانيته ،مما ينفي عنده مبدأ المساواة أمام القانون، كما يضعف رابطة المواطنة لصالح الرابطة الدينية . ويرى أن ما سماه التيار المحافظ ـ وهو يعني تيار الإسلاميين ـ قد هيمن على المؤسسات التعليمية عبر السعي إلى نشر النزعة المحافظة المضادة للقيم الديمقراطية والحداثية ، والتمكين للمشروع السياسي الذي يهدف في أقصى غاياته إلى استعادة الدولة الدينية ووصاية الفقهاء على المجتمع . وهذا التيار حسب زعم عصيد يخشى أن تكون مراجعة مضامين المادة الدينية أو تغيير اسمها تمهيدا لضرب مناطق نفوذه داخل المدرسة المغربية . ويرى عصيد أن ارتباط درس التربية الإسلامية بالمشروع السياسي للإسلاميين أدى إلى جعل هذا الدرس مؤدلجا بإفراط حتى أن أضراره شملت كل الدروس علمية وأدبية ، لأن هذا التيار يريد أن يجعل المواد الدراسية أو الدروس خاضعة للمنظور الديني من الرياضة البدنية إلى الفلسفة والتاريخ والأدب وحتى العلوم الحقة التي صارت في نظره تدرس وكأنها "إعجاز علمي" للقرآن، وقد وضع عبارة إعجاز علمي بين مزدوجتين للتعبير عن موقف الشك أوالتشكيك فبه على عادة من يستعملون المزدوجتين لغرض الشك أو التشكيك ، ويرى كل ذلك خلطا وفوضى وسطحية في التعليم ، وأنه يجهض أهداف المدرسة العصرية على حد تعبيره . فمن الواضح أن عصيد لا يكتفي بالتعريض بأساتذة مادة التربية الإسلامية ومفتشيها فقط ، بل يتهم جميع أساتذة المواد الدراسية الأخرى بما سماه أدلجة المواد الدراسية . ومن الوضح أن هدفه انتخابي حيث يقوم بدور الدعاية لمشروع التيار العلماني على حساب ما سماه مشروع التيار المحافظ أو المشروع السياسي للإسلاميين . ويبلغ عصيد قمة الوقاحة مع نصوص القرآن حين يقول من سلبيات التربية الإسلامية التقليدية أنها مبنية على حفظ واستظهار نصوص بلغة مستعصية على الأطفال ومبنية على ما سماه الترويض العقدي والتربية على العنف ، ونبذ الآخر ، وأنه في نظره يجب إنقاذ أبنائنا من التربية على الكراهية واللاتسامح وهو أولى الأولويات عنده عوض تكون أجيال غريبة عن عصرها على حد تعبيره . ومن خلال هذا المقال الذي يندرج ضمن حملة انتخابية مكشوفة لفائدة جهات علمانية متوجسة من المشروع السياسي الإسلامي ، وهو توجس مقتبس من الكيانات العلمانية الدولية يبدو تهافت فكر المفكر العلماني عصيد ، وجهله بمضامين التربية الإسلامية وأهدافها ، وتطفله على الكتابة عنها، علما بأنه كما يقال عندنا هو " بوعروفي " أي يفهم في كل شيء حتى المستعصي على فهمه كما قال عن لغة نصوص القرآن . وإذا ما سار الذين يريدون مراجعة مضامين مادة التربية الإسلامية على نهج عصيد وفهمه ونيته وهي مبيتة ، فإن مراجعتهم لن تعدو مجرد تحيز لتيار سياسي وإيديولوجي على حساب غيره تنفيذا لأجندة علمانية أجنبية تضرب الهوية الإسلامية للمغرب في الصميم، وهو ما لا يقبله المغاربة الذين احتضنوا الإسلام منذ فجره الأول أبا عن جد، ونشروه في بلدان أوروبا وإفريقيا وغيرهما ، وكانوا حملة مشعل الحضارة الإنسانية في العالم إبان عصر الظلمات . وبقي أن نشير في الأخير إلى أن الفكر التكفيري المتعصب والعدواني والإرهابي والإجرامي كما تمثله العصابات الإجرامية كتنظيم داعش سببه تعطيل دور التربية الإسلامية ،وليس مضامينها كما يزعم عصيد وأمثاله ،لأن غياب مضامينها هو الذي فسح المجال لسوء فهم الإسلام ، وهو سوء فهم ترتب عنه سوء التطبيق والتنزيل ، الشيء الذي أدى إلى الانزلاقات الخطيرة التي يعرفها العالم خصوصا العربي . ولا بد من التنبيه إلى دور التيارات العلمانية في تغذية الفكر التكفيري المتطرف لأنه على قد تطرف الفكرالعلماني يكون تطرف الفكر التكفيري الذي هو رد فعل متطرف على استفزاز متطرف للمشاعر الدينية والذي لا يلقي أصحابه بالا لخطورته ولا للخدمة التي يقدمونها لتيار التكفير والعنف والإرهاب.
وسوم: العدد 675