إذا صحت الاتهامات المتبادلة بين الأحزاب المتنافسة في الانتخابات ففي من سيثق المواطنون ؟
لا تختلف الحملات الانتخابية لانتخابات السابع من أكتوبر المقبل عما ألفناه في السابق ،ذلك أن الطابع الغالب عليها هو تراشق التهم بين الأحزاب وتخوين وتجريم بعضها البعض . وكل الأحزاب تراهن في حملاتها الانتخابية على أسلوب الاتهام والتخوين والتجريح والتجريم، الشيء الذي يفرغ تلك الحملات من دلالتها ويخرجها عن سياقها . وتراشق التهم بين الأحزاب المتنافسة حيلة لصرف أنظارالرأي العام الوطني عن مضامين البرامج الانتخابية التي هي محض وعود لا ندري ما مصداقيتها وواقعيتها باعتبار الظرف الذي يمر به الوطن . ومن أجل صرف أنظار المواطنين عن التساؤل عن واقعية ومصداقية تلك الوعود تحور الحملات الانتخابية لتتحول إلى تراشق للتهم بين الأحزاب . والمتتبع لهذه الحملات يلاحظ أن تراشق التهم بين الأحزاب له حصة الأسد ،وهو المعول عليه بالنسبة إليها بل هو على رأس أولوياتها حتى تصرف الأنظار عما يمكن أن يكون من تهافت في برامجها الانتخابية التي قد تكون مجرد وعود عرقوبية ، والتي لا يمكن أن تصح إلا في المنام . ولا يوجد حزب لم يخون آخر ولم يتهمه، وينعته بأشنع النعوت . ولا يوجد حزب أنصف غيره، فذكر إلى جانب سلبياته الكثيرة القليل من إيجابياته . وإذا ما صدق المواطن التهم المتبادلة بين الأحزاب فإنه سيفقد الثقة في جميعها ، وهو محق في ذلك . وإذا كانت التهم المتبادلة بين الأحزاب صحيحة ،فويل للوطن والمواطنين منها ، وإن كانت باطلة، فماذا سينتظر المواطنون من أحزاب كاذبة ؟ أليس كذب الأحزاب بعضها على بعض كذبا على الشعب ؟ فحتى الكذب على البهائم مرفوض في ثقافتنا الإسلامية وقيمنا الأخلاقية ، فما باله إن كان على شعب برمته ؟ ألم يرفض أحد أئمة الحديث أخذ الحديث عن رجل خادع ناقته الشاردة بعلف كذب ،فعاد أدراجه ،وهو يقول إذا كان هذا قد كذب على بهيمة ،فهو أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين، ولم يأخذ عنه الحديث . فالشعب وهو يتابع كذب الأحزاب على بعضها البعض في حملاتها الانتخابية سيقول حتما نفس المقولة : " إذا كذبت الأحزاب على بعضها، فهي أكذب على الشعب ". وفي ثقافتنا الإسلامية ،وكل حزب يدعي الانتماء إليها صدقا أو كذبا أن الشنآن لا يمنع من العدل في الحكم على الخصم . ولو أن الأحزاب في حملاتها الانتخابية ذكرت إيجابيات بعضها مع ذكر السلبيات لكانت لها مصداقية عند المواطنين . ولو حصل هذا ،وهو ما لم يحصل مع شديد الأسف لتمكن المواطنون من مقارنة إيجابيات وسلبيات كل حزب، وخرجوا بنتيجة أو بقناعة ، أما إذا كانت الأحزاب لا تتحدث إلا عن سلبيات بعضها البعض، فإن المواطنين لن يخرجوا بقناعة واضحة إلا قناعة واحدة ووحيدة ، و هي أن هذه الأحزاب كلها كاذبة خاطئة ،ولا تستحق ثقتهم . ونتحدى أن يشهد حزب واحد من هذه الأحزاب أن خصمه وفق في هذا ، وفشل في ذاك وله إيجابيات لا تمنع الخصومة ولا المنافسة الحزبية من الاعتراف بها بكل روح رياضية حرصا على مصداقيته عند المواطنين . وليذكر كل حزب أن فترة توليه زمام الأمور ستنتهي بعد حين ، وسيكون الشعب هو من يقاضيه أمام التاريخ وأمام الله عز وجل . ولا تنسى كل الأحزاب أن حبل الكذب قصير كما يقال.
وسوم: العدد 688