322 قتيل و256 جريح في عدن بتقرير حقوقي حمل أطراف النزاع جرائم حرب وضد الإنسانية

"وجود" تستعرض التقرير الخاص برصد وتوثيق لوقائع انتهاكات حقوق الإنسان في الحرب الأخيرة في محافظة عدن 2015م.

clip_image002_61490.jpg

استعرضت مؤسسة(وجود) للأمن الإنساني التقرير الخاص برصد وتوثيق لوقائع انتهاكات حقوق الإنسان في الحرب الأخيرة في محافظة عدن، وذلك في الحفل الختامي لمشروع (حماية حقوق الإنسان والدعم النفسي لضحايا الانتهاكات)، الذي نفذته المؤسسة، بالتعاون مع البرنامج الانمائي لمنظمة الأمم المتحدة UNDP.

وفي كلمة لرئيس المؤسسة/مها عوض أشار إلى أن الحفل يأتي تتويجاً لمجموعة من تقارير الرصد والتوثيق لانتهاكات حقوق الإنسان في عدن، منها برنامج الذاكرة الجماعية للنساء، وقراءة تجاربهن وشهاداتهن، وبرنامج العدالة الانتقالية، وغيرها..، تلك التي تواكب أوضاع ضحايا الحرب، وتشاركها أعبائها، مقدرةً تجاوب الضحايا مع عمليتي الرصد والتوثيق وكذا جلسات الدعم النفسي، ونوهت إلى أن المشروع المذكور آنفاً تعرض للتوقف أكثر من مرة جراء الإجراءات التعسفية من قبل سلطات الأمر الواقع، قاصدةً بذلك قيام جماعة الحوثي بحجز الأرصدة المالية للمؤسسة في صنعاء، تلك الخاصة بالمشروع، مما عرقل إنجاز المعاملات وسير عمل المشروع، وبذلك تأخر إصدار التقرير، شاكرةً التعاون من قبل المنظمة المانحة.

كما تطرقت عوض بكلمتها إلى أن المشروع هدف إلى تطوير وسائل الرصد والتوثيق، في نشر الوعي حول تعريف الانتهاكات، وأسبابها وطرق التعامل معها، بإبراز الضمانات القانونية الوطنية والدولي، والسعي لإلزام أجهزة الدولة بها، وأهميتها وضرورة التقيد والعمل بها؛ لتأمين وسائل الحماية والعدالة، وواصلت قائلةً: "يستعرض التقرير عينات عن أنماط ونماذج من الوقائع والمؤشرات الرصدية من خلال النزول الميداني لفريق الرصد في المؤسسة، وذلك للوقوف على حجم انتهاكات قوانين الحرب والقانون الدولي الإنساني، والتي ترتقي إلى مرتبة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ويترتب عليها إجراءات قانونية وقضائية تقتضي ملاحقة ومسائلة ومحاسبة آمري ومنفذي مرتكبيها، وعدم تمكينهم من الإفلات من العقاب".

وأكد رئيس فريق الدعم النفسي التابع للمشروع الاختصاصي معد ومقدم البرامج الإذاعية الاجتماعية التفاعلية/محمد إسماعيل أن أهمية المشروع تكمن باستهدافه لجميع الشرائح والفئات العمرية في المجتمع، من رجال ونساء وأطفال، بالإضافة للأقليات وأسرى الحرب، وقال: "يولي المشروع اهتماماً كبيراً بخسائر ضحايا الحرب في الجانب النفسي، وما خلفته الحرب من آثار وتبعات نفسية سيئة، بعضها تحتاج لمدى طويل لتطيب وتُعالج، من جانب عانا فريق الدعم النفسي من صعوبة تكيف الضحايا مع أجواء جلسات الدعم النفسي؛ لمساعدتهم بإعادتهم إلى حياتهم الطبيعية، نتيجة عدم استيعابهم لدور الاختصاصي النفسي، وكون ثقافة تقديم الدعم النفسي جديدة على المجتمع في عدن، وهو ما صعب على الفريق الوصول إلى مكامن وخفايا المعاناة النفسية لدى الضحايا، وخاصةً الأطفال، وذلك لأن الأضرار النفسية جراء الحرب هي الأكثر والأبقى تأثيراً"، موضحاً أن عدد جلسات الدعم النفسي التي تخللت المشروع 275 جلسة، وصل عدد المستفيدين من الإناث 132 والذكور 143،  وبلغ عدد الجلسات الفردية 232، شملت 108 إناث، و124 ذكور، وشمل الدعم النفسي الجلسات الجماعية، وجلسات الإعادة لعدد 13 ضحية منهم 8 إناث و5 ذكور في 13 جلسة فردية، ونفذ الفريق أربع زيارات ميدانية للضحايا، في أماكن تواجدها أو سكنها، من لا يمكنها الحضور والمشاركة في الجلسات.

بدورها أوضح مدير المشروع/وحدة عبده أن المشروع نُفذ خلال الفترة أغسطس – أكتوبر 2015م، ومر بمرحلتين رئيسيتين، تضمنت الأولى إقامة دورتين تدريبيتين، استهدفتا 50 ممثل لمنظمات المجتمع المدني المحلية ومنسق ميداني للمؤسسة، ومتطوع مجتمعي وناشط ميداني وعضو مبادرة شبابية؛ لإكسابهم مهارات العمل كموثق ومدافع عن حقوق الإنسان، وتزويدهم بآليات جديدة لرصد الانتهاكات، بينما تمثلت الثانية بتقديم الدعم النفسي لضحايا انتهاكات الحرب، وخاصةً من عانوا من الحصار والنزوح والمجازر، بعد ذلك قدمت لمحات من النتائج بالتقرير، وأوردت القراءات العددية التالية: بلغ إجمالي عدد الوقائع 257 واقعة انتهاك في مختلف المديريات الثمان بمحافظة عدن، وعند تفريغ استمارات الرصد بلغ إجمالي عدد الحالات المرصودة 1998 حالة انتهاك، ذكور 1330 وإناث 668، وعند تصنيف الانتهاكات المرصودة توزعت على النحو التالي: 322 قتيل، و256 جريح، و242 بنزوح غير آمن، و10 حالات اختفاء قسري، بينما بلغ عدد من حرموا من الرعاية الصحية 86، ومن تعرضوا للقتل 141، ووصلت عدد حالات انتهاك الكرامة وسوء المعاملة والممارسات التمييزية 108، والاعتقال والتعذيب 88، والخطف 28، والاحتجاز 101، و20 حالة قتل من الأسرى والمرضى، و70 حالة دُمرت ممتلكاتها الخاصة والعامة، و28 دُمرت منازلها بالكامل، و18 تعرضوا للسرقة والنهب، وما يتعلق بالخدمات العامة رُصدت 251 حالة لمنع دخول المستلزمات الطبية، واستهدفت فرق الإغاثة في 6 وقائع، وعانت 5 حالات من الإجهاض، وقُطعت المياه ووسائل العيش عن 120 حالة، وأشارت إلى أن التقرير يحمل تفاصيل أوفى حول المؤشرات العددية للانتهاكات وتصنيفها.

وفي الكلمة الخاصة بالمنظمة المانحة التي ألقاها ممثل المكتب بعدن/وليد باهارون نوه إلى أنه رغم الشراكة مع مركز الملك سلمان للإغاثة بدعم المشروع جاءت بشكل عاجل إلا أنه بالإمكان اعتبار التقرير لبنة أولى لعمل كبير في المستقبل بمجال رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان، وتساءل: ماذا بعد الرصد والتوثيق والدعم النفسي؟ وواصل: "إن للحروب الأهلية أهوال ومآسي كبيرة، ومن الصعب الوصول إلى كل معاناة، والكشف والإلمام بكافة تفاصيلها الدقيقة، وفي كثير من الأحيان تظهر آثارها السلبية في المجتمع لاحقاً"، مشدداً على ضرورة نقل صور للمعاناة ونماذج للمآسي إلى جميع المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، واستفزاز مشاعر المجتمع الدولي؛ بغرض وضع تدابير وقوانين تحد من ارتكابها وتمنع وقوعها، معيباً على منظمات المجتمع المدني المحلية المعنية برصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان عدم اتباع آليات حديثة وفعالة؛ للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الضحايا، وأبدى باهارون تخوف من طمس حقائق متعلقة برصد وتوثيق الانتهاكات من قبل بعض المنظمات المحلية، ولكن ذلك لا يخفي أن هناك معاناة، ولا بد أن تخرج الضحايا للكشف عن كوارث الحرب – بحسبه، داعياً جميع منظمات المجتمع المدني المحلية إلى الشراكة فيما بينها والاستفادة من تجارب بعضها البعض؛ وبذلك يقوى صوت الضحايا، وتجبر صناع القرار على الالتفات لمآسيهم وتلمس معاناتهم، وأختتم بقوله: "إن التشبيك والشراكة بين المنظمات المحلية يخدم الإنسان الضحية، من ليس له يد في الحرب، تجبر ضرره، وتدمجه ثانيةً في المجتمع، بما يضمن دعم حقوق الإنسان".

وكان لمها عوض التعقيب التالي: "لا يزال المجتمع المدني يعافر الوصول إلى السلطات؛ لنقل أصوات الضحايا، وللفت انتباه صناع القرار لتلك المعاناة الكبيرة، بعد أحد عشر شهر من حرب طاحنة، ألحقت الكثير من الدمار والخراب في المساكن والبنى التحتية، خلفت مئات الجرحى والقتلى، والمتضررين والمشردين والنازحين، وعشرات المعتقلين تعسفياً والمخفيين قسراً، بتحمل أقصى مستوى المسئولية، من توفير المساعدات الغذائية والطبية والإيوائية، وفي سبيل تدعيم ذلك تعمل منظمات المجتمع المدني المحلية إلى جانب مساندة منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المانحة، بالمتابعة الفعلية، وتحريك قضايا حقوق الإنسان".

وبصفته أحد المساهمين بإعداد التقرير كان للناشط الحقوقي والكاتب الصحفي/علي النقي مداخلة قدم خلالها ملخص تنفيذي عن التقرير، حيث قال: "إن التقرير يكتسب أهميته من أنه مبني على وقائع لأنماط متعددة من ارتكاب محظورات القانون الدولي الإنساني، وترتقي إلى جرائم جرب وجرائم ضد الإنسانية، والمقارنة بين المعايير الدولية للقانون الدولي الإنساني والمعايير الوطنية، ومدى الفجوة بين التطبيق النظري والتطبيق الفعلي، ومدى الالتزام والاحترام لتلك المعايير من قبل أطراف الحرب، التي درات رحاها في عدن، كما أن التقرير بُني على أساس فرضية معينة؛ ليبحث عن استدلالات تدعم حجته وتقوي ما توصل إليها من استنتاجات، كونه يستند على حقائق ومعلومات بأدلة وبراهين مادية ملموسة".

وتطرق النقي بإطار حديثه إلى استنتاجات خرج بها التقرير، أبرزها: عجز الدولة اليمنية عن حماية السكان المدنيين في عدن من انتهاكات حقوقهم، وتعرضهم للقتل والتهجير القسري، ولم تحل آليات الحماية القانونية في المعايير الوطنية والقانون الإنساني الدولي من تعرض المدنيين في عدن لأبشع صور انتهاكات قوانين الحرب والمعايير الدولية في القانون الإنساني الدولي، وكانت أهم التوصيات التي اختتم بها مداخلته: تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية خاصة في عدن، نظراً لحملة الانتهاكات المرتكبة وفظاعتها، وذلك من صلب مهام الأمم المتحدة، عملاً بالمواد (11، 12، 13)، وإلغاء أي نص أو اتفاق لمرتكبي الجرائم بحق المدنيين، يتضمن إفلاتهم من العقاب، وكذا وضع حد نهائي للإفلات من العقاب في جرائم الحرب، عملاً بنص المادة رقم(5) من مبادئ التعاون الدولي، وفيها تعقب وتسليم ومعاقبة مرتكبي جرائم الحرب بحق المدنيين.

وجاء في الملخص التنفيذي للتقرير التالي: "مارست جميع أطراف النزاع جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فضيعة وممنهجة، حيث استخدمت مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، بهدف إخضاع المدنيين لإرادتها السياسية، فمن جهة الانقلابيين إزاحة الشرعية وفرض أمر واقع، يمثل إرادتهم بالقوة العسكرية، وقابلها مواجهة تلك الإرادة بالقوة العسكرية، واستبدالها بفرض إرادة طرف الشرعية من قبل التحالف العربي والقوى المسلحة، التي شاركت لصالح الشرعية، رغم تباين المشاريع والرؤى لتلك القوى والجماعات لناحية المستقبل كالجماعات الإسلامية المتطرفة والمقاومة الجنوبية، والتي لكل منها مشروعه الخاص ورؤيته لما بعد الحرب، وكشف ذلك الواقع الذي تشكل بعد الحرب".

يُذكر أن مؤسسة "وجود" للأمن الإنساني، منظمة مجتمع مدني، غير طوعية، غير حكومية، تأسست في عام 2012م، وتسعى من خلال برامجها ومشاريعها إلى الدفع بعملية التنمية وحقوق الإنسان، وتوسيع الفرص للمشاركة المجتمعية بالتحديد أمام النساء، والشباب من الجنسين؛ لصنع مستقبل أفضل للأمن الإنساني.

وسوم: العدد 695