بين الأوهام.. والقنوط..

د. عبد المنعم زين الدين

لا تبيعوا الناس أوهاماً ولا تخدروهم بالأماني، لكن ليس من حقكم أن تقنطوهم من رحمة الله، وفضله وكرمه، فكما يعامل الله بالعدل، فإنه يعامل بالإحسان أيضاً./1

عند الشدائد والمحن تظهر المعاتبات واليأس والإحباط والتلاوم، وهي أسهل مهمة يؤديها من يريد أن يتنصل من واجباته، ويلقي بكل المسؤولية على غيره./2

والأصل أن هذه القسوة والشدة وتوصيف الحال، والتحذير من الأسوأ يجب أن يكون وقت السّعة، كي لا يجتمع على أهلنا شدة المصاب وتثبيط الصديق والقريب./3

تابعت كثيراً من الكتابات لا تكاد تخرج عن اليأس والقنوط، وبعضها بالشتائم، فهل فيها الحلّ كي نقدم عليها معكم؟ ولكن حاشا أن يكون الحلّ في محرّم/4

أما عن فرقة الفصائل ومظالمهم  فاقسوا على القادة، واحصروهم بكل وسيلة كي يتحدوا، وفندوا حججهم، لكن لا تعلقوا النصر عليهم لا متحدين ولا متفرقين./5

فقد يتحد القادة، ويبقى عندنا من الذنوب ما يستوجب تأخير النصر، وكلٌ محاسب بأعماله، ولا يعني ذلك تخفيف الإثم عن القادة الذين يتحملون إثماً مضاعفاً./6

وقد ينصرنا الله على ما فينا من ذنوب، إكراماً منه، وانتقاماً لدينه، وحرماته، وأعراض المسلمين، واستجابة لدعوات المظلومين، وأنات المقهورين./7

وكما أن الله عاقب المسلمين في أحد بتخلف النصر لمخالفة منهم، فإنه في معارك أخرى نصر المسلمين عبر التاريخ على ما فيهم من تقصير بإحسان منه./8

إن كنتم تقصدون بذلك تخويف القادة من تخلف النصر وهم متفرقون، فلا أظن من قدم المنصب والمكانة على الدماء أن يبالي بتخلف النصر، فعِظوهم بغيرها./9

لا أطالب بعدم تشخيص المرض، كما لا أطالب بالتبرير للمقصّر والمسيء، لكن وازنوا مع انتقادكم، مشاعر أهلكم، ولا تضيفوا عليهم هماً فوق مصابهم./10

المؤسف أن الشعوب والحكام يتنصلون من واجبهم تجاه وقف جرائم الإبادة، بحجة فرقة الفصائل، وما ذنب الشعب المكلوم؟ هل فرقتهم تبرر الصمت والخذلان./11

بل إن كثيراً من الشباب أيضاً يبرر تقاعسه عن الجهاد بفرقتهم، ويتجاهل أن جهاد الدفع لا يشترط له شرط، بل يجب عليه بكل الأحوال، ولو خرج بمفرده./12

أما أنتم أيها القاة: فاتقوا الله وكفى ما حلَّ بالشعب والثورة من تفرقكم، فكِفل من لدماء في رقبتكم، فاحذروا من أن يحبط عملكم وجهادكم بالفرقة والخصام./13

واحذروا ألا يذكركم التاريخ إلا بالتوبيخ والملامة، وألا يذكركم الشعب إلا بالمآسي والمعاناة، وألا يذكركم الله يوم القيامة إلا مع من حاد عن أمر ربه وعصى./14

اللهم انصر من نصر أهلنا من القادة، واكتب له الحفظ والمعونة، ومن خذلهم وأصرّ على الفرقة، فاهده أو استبدله عاجلاً وأبدل أهلنا خيراً منه، إنك سميع مجيب./15

اللهم وعاملنا بلطفك وإحسانك، لا بذنوبنا وتقصيرنا، وانصرنا على أعدائنا بكرم منك وفضل، لا بقوة منا، وانتقم لدينك وحرماتك، واستجب لدعاء المظلومين./16

اللهم الطف بأهلنا في حلب، آوِ شريدهم ومهجرهم، داوِ جريحهم ومصابهم، أطعم جائعهم، ثبت مجاهديهم، انصر ثوارهم، واحفظهم من أذى المجرمين وقصفهم./17

اللهم وكن عوناً لأهلنا في كل مكان، وفرّج عنا، وانصرنا، وأصلح حالنا، وثبت أقدامنا، ووحد صفوفنا، ولمّ شلمنا، واجمع على الحق كلمتنا، وأهلك عدونا./18

وسوم: العدد 696