التغريدة السورية بين ترامب وبوتين

سعت ادارة الرئيس الاميركي السابق باراك أوباما في الاشهر الاخيرة من ولايتها الى تقديم روسيا فلاديمير بوتين على أنها الخطر الاكبر على المصالح الاميركية في العالم، من سوريا واوكرانيا، الى الحرب الالكترونية وما يحكى عن تدخل روسي في الانتخابات الرئاسية الاميركية تجلى في ترجيح كفة المرشح الجمهوري دونالد ترامب على المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون.

لقد كان هم أوباما في الهزيع الاخير من ولايته هو اقناع ترامب بأن روسيا لا تزال من الوجهة الاستراتيجية هي التهديد الاكبر للأمن القومي الاميركي. وعوض التركيز على الاخطار المتأتية من التنظيمات الجهادية مثل "داعش" و"القاعدة"، انصب اهتمام أوباما وادارته على شيطنة روسيا باعتبارها خطراً يتجاوز ما عداه من أخطار تواجه الولايات المتحدة والعالم في الوقت الحاضر.

وفي مجريات هذا التركيز من أوباما على روسيا، تراجع الدور الاميركي في قتال "داعش" في العراق، فطالت نتيجة لذلك معركة الموصل. وفي المقلب اﻵخر من الحدود، كان "داعش" يستولي مجدداً على تدمر وها هو يهدد باسقاط دير الزور تحت سمع الائتلاف الدولي الذي تقوده واشنطن وبصره. هذه تطورات ميدانية خطيرة جداً على الساحة السورية، لكن أميركا سمحت بحصولها كي تفرغ الانتصار الروسي في حلب من أي مضمون في السياسة.

لذلك سارع الروسي الى الضغط من أجل إجراء محادثات أستانا بأي شكل من الأشكال ومد اليد الى تركيا كي تساعده في اقناع الكثير من الفصائل بالذهاب الى المحادثات. وفي سبيل ذلك لم تجد موسكو غضاضة في تأمين الغطاء الجوي للقوات التركية التي تهاجم "داعش" في مدينة الباب الاستراتيجية في ريف حلب الشمالي الشرقي والتي تعتبر ممراً الزامياً للقوات التركية للمضي نحو الرقة، بينما كانت مقاتلات الائتلاف تكتفي بطلعات غير قتالية فوق الباب، وذلك من قبيل توجيه رسائل بالغة الدلالة الى الحليف التركي اذا ما أراد الذهاب بعيداً في خيارات التقارب مع موسكو وطهران في سوريا أو غيرها من ساحات الصراع في الشرق الاوسط.

الآن ثمة ادارة أميركية جديدة وثمة وقائع جديدة على الارض وفي العلاقات الدولية. وعلى ترامب ان يقرر أولوياته، هل هي المضي في المواجهة مع روسيا أم التحالف معها للقضاء على الارهاب العابر للحدود. وفي كلا الحالين ستكون سوريا ميدان الاختبار لاحتمالات المواجهة أو التعاون بين ترامب وبوتين.

وكل التغريدات التي اطلقها ترامب قبل أمس، لا تعتبر محكاً لما يمكن ان يغرد به بعدما بات ليلته الاولى في البيت الأبيض.

وسوم: العدد 704