الانتخابات المحلية والعبثية المركبة

عادت حليمة لعادتها القديمة، وعاد أهل السياسة في بلدي لعادات التأزيم والمناكفة، والانفراد بخطوات عبثية، تراكم بناء الأزمات السياسية والاجتماعية، في مشهد يعبر عن العشوائية، واللا مسؤولية السياسية، التي انعكست على الثقة المجتمعية فولدت أزمة في كل ما يمت بالحالة الوطنية.

هذا مسببه السلوك المؤسيي والحزبي ومنه إعلانات الحكومة الفلسطينية عن الانتخابات ومواعيدها التي ما تمضي أيام وشهور حتى يكتشف المجتمع أنه أمام(كذبة نيسان) والحال أيضا ينطبق على لقاءات المصالحة بين الفصائل والوهم المنبعث منها، وكذلك على الانتصارات الوهمية التي ننفخها، و الخيارات الفلسطينية التي تعد الشعب بحالة تغيير في مواجهة الاحتلال.

إعلان الحكومة الفلسطينية عن موعد الانتخابات بعد ثلاثة أشهر، ومسارعة حماس لرفضها، يعيدنا، لما جرى من مسرحية التـأجيل التي تمت قبل أشهر لانتخابات الهيئات المحلية بقرار قضائي يتناغم مع رؤية فتح، بتسبيب اجراء الانتخابات في القدس، والمظلة القانونية للانتخابات في الضفة الغربية غزة، بالإضافة إلى عدم توفر الأجواء الملائمة لإجراء الانتخابات.

هذا القرار بالتأجيل أو الأصح الغاء الانتخابات، جاء كما يعرف فلسطينيا لتمكين قوائم الحزب الحاكم من لملمة شعثها في القرى والمدن، وترتيب تكوين حزبي لم يستطع التوحد في المواقع المهمة على قوائم يمكنها تحقيق الفوز أمام قوائم المستقلين المدعومة.

اليوم من اتخذ القرار هندس مصلحة ذاتية لحزبه وأنا أشير هنا لحركة فتح، التي أيقنت أن حماس لن تنافسها، وبذلك لن تخشى منافسة المدن التي كانت فتح ستخسرها.

لذلك يرى أصحاب الداهليز(مفكرو الحظوة)، بأن الخطوة يمكنها إدخال الحالة الفلسطينية في جدل تنسي الفلسطينين الفشل في كافة المواقع، كما يمكن من خلالها ترتيب شكل (ديمقراطي) يقنع المانح بحراك يلبي متطالبات المشاريع المقدمة، عدا عن حاجة فتح لخطوات بعد مؤتمرها السابع تؤكد من خلالها القدرة على صناعة متغيرات مهمة.

حسابات البيدر في يوم عاصف، ينتج عنها في العادة اندثار قمح الفلاح، وفشله في جمع محصوله، وحتى يضيع حلم الحيوانات بمخزون يؤمن لها طعام الشتاء.

في الحالة الفلسطينية بات ينطبق علينا المشهد السالف في الحسابات البيديرية ذات الأيام العاصفة، لذلك إن مضينا على ما نحن عليه من سلوك سياسي فإننا سنكون أمام الآتي من نتائج:

أولا: ترسيخ حالة الانقسام في مشهد اللاعودة، خاصة بعد تغيرات فرضتها قواعد التغير في السياسة المصرية تجاه قطاع لأسباب منها نتائج المؤتمر السابع وقضايا تتعلق بالأمن القومي.

ثانيا: فشل إمكانية ترتيب البيت الفلسطيني ومؤسساته(منظمة التحرير) لقناعة فتح أن المضي بما تم التوافق عليه في بيروت سينهي هيمنة فتح على هذه المؤسسات.

ثالثا: سيدرك الاحتلال بأن البينة السياسة الفلسطينية مع هذه الأجواء لن تحتمل انتفاضة ولا مواجهة، وبذلك سيتوفر للاحتلال سنوات من الأمن يصنع بها ما يريد على صعيد حرق المستقبل الفلسطيني.

رابعا: سينتهي خيار حل الدولتين لاصحابه، وسيتأزم خيار المقاومة الفلسطينية لأصحابه، وسينتح فراغ لصالح الاحتلال في الأرض الفلسطينية.

خامسا: سنجذر للأسف حالة الاحباط المشاهدة في الأرض الفلسطينية من البنية الوطنية لصالح الرأس المهيمن مؤسسات الاقتصاد، وشخصيات الإدارة المدنية في الضفة الغربية.

حتى لا نبالغ ونقول أن الحل يرتبط بالانتخابات المحلية والاتفاق عليها، أو تقاسم السلطة ومراكزها، هذا ليس ما أتبناه، لقناعتي أن موروث أوسلو هو الأزمة، وهو الكارثة، إنما الأزمة تنبع من المنهجية التي يحكمها السلوك السياسي الفلسطيني والذي من مؤشراته ما يشاهد من عبثية.

في المقابل كيف يمكن للحالة الفلسطينية الخروج من مأزق الحالة الفلسطينية الحالية؟

هذا السؤال أجبنا عليه كثيرا في الأيام الماضية، وقلنا أن الحالة الفلسطينية يلزمها ثورة على ما هو قائم وإصلاح في كل المسارات، لكن بت مقتنعا، بأن الصمت من المجتمع، وحالة السلبية التي عليها، هي من يشجع الأطراف على الفرعنة.

مؤسسات المجتمع المدني هي وكيل حصري للسلطة لأنها كمنظمات تركيبتها فساد مطلق، من أخاطبه هنا المواطن والكادر الوطني المؤثر، الذي عليه التفكير بآليات ضاغطة في الأرض الفلسطينية لإجبار أصحاب القرار كسلطة وفصائل ومؤسسات الانتباه للحالة التي وصلنا اليها.

في الختام الحالة الرسمية ألفت الفشل، وألفت مناهجه، ووفق هذا المعطى باتت ترى أن الفهلوة من باطن الخيبة سيحل المعضلات الكبيرة للاسف، الواقع يحتاج مع هذا السلوك الخطير إلى وقفة تحرف الحالة التي نحن عليها نحو مسار كنا عليه عندما كنا ثورة.

وسوم: العدد 706