القتل المجاني

مصرع المستوطن الاسرائيلي برصاص جيش الاحتلال عند حاجز حزما العسكريّ بين القدس ورام الله، يوم 2 أيار الحالي، وتركه ينزف حتّى الموت اعتقادا من جنود الحاجز أنّه فلسطيني عربيّ، وما أعقب ذلك من بيان باسم الجيش الاسرائيلي -قبل التّعرّف على هويّة المغدور- بأنّه "فلسطينيّ" حاول طعن الجنود على الحاجز يعطي دلالات كبيرة، يجب أن لا تمرّ مرّ الكرام، فبالتّأكيد أنّ المغدور لا يحمل سكّينا ولم يحاول الطّعن، وربّما اتّجه نحو جنود الحاجز طلبا لمساعدة ما، لكنّهم عاجلوه باطلاق الرّصاص عليه؛ ليردوه قتيلا قبل أن يسمعوا منه شيئا.

وأوّل الدّلالات من هذا الحادث، مع أنّه ليس الأوّل، هي أنّ الجنود لديهم أوامر باطلاق النّار على أيّ فلسطينيّ لمجرّد الشّبهة، وقد سبق وأن قُتل فلسطينيّون رجالا ونساء وأطفالا على الحواجز العسكريّة وفي أماكن غيرها بلا سبب، وألصقت بهم تهمة محاولة طعن الجنود! وكانوا يتركونهم ينزفون حتّى الموت، ويمنعون سيّارات الاسعاف من الاقتراب منهم حتّى التّأكّد من موتهم، ثمّ يلصقون بهم تهمة محاولة الطّعن.

ويبدو أنّ المستوطن المغدور يحمل ملامح شرقيّة، ممّا جعل الجنود يعتقدون بأنّه فلسطينيّ، خصوصا أنّ الحاجز العسكريّ في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة عام 1967، وعلى بعد أقل من خمسين مترا عن الشّارع الذي يربط شمال الضّفّة الغربيّة وجنوبها، وعلى مشارف قرية حزما الفلسطينيّة، وبالتّالي فإنّ قتله لا يعني لهم شيئا.

فهل يعني هذا الحادث الجريمة شيئا لمنظّمات حقوق الانسان، وللرّأي العامّ العالمي وفي اسرائيل نفسها، وهل يكفي لهم ليتأكدّوا من أنّ جيش الاحتلال يقتل الفلسطينيّين لمجرّد أنّهم فلسطينيّون ودون سبب؟ وهل سيشكّل هذا الحادث وثيقة للدّبلوماسيّة الفلسطينيّة لفضح جرائم القتل المجّانيّ للفلسطينيّين.

إنّ هذا الحادث وأمثاله  يشكّل دافعا قويّا لضرورة توفير الحماية الدّوليّة للشّعب الفلسطينيّ في الأراضي المحتلة، حتّى إيجاد حلّ عادل للصّراع، من خلال كنس الاحتلال ومخلّفاته كافّة، وتمكين الشّعب الفلسطينيّ من حقّه في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلّة بعاصمتها القدس الشّريف. وما استمرار الاحتلال إلا خطر واقع على الفلسطينيّين وعلى الاسرائيليّين أنفسهم.

وسوم: العدد 718