الانقسام الفلسطيني يتعمق والمصالحة لا أفق لها والانفصال سمة المشهد القادم
كان الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس بمثابة صفحة سوداء في تاريخ الشعب الفلسطيني، فقد وقعت فلسطين فريسة هذا الانقسام الذي طال كل نواحي الحياة، وظل عنوان المرحلة منذ منتصف حزيران 2007م، الأمر الذي أدى إلى ترسيخ مفهوم الحزب الواحد في شطري الوطن. وبدأ أطراف الصراع ينبشون رماد النار الخابية، وينفخون في سعيرها، ووقعت الكثير من الخلافات والملاسنات وتوجيه الاتهامات، وأفردت كل جهة نصوصها الجارحة واتهاماتها للتشهير بالأخرى، فمن شأن المتخاصمين أن يحمل كل على الآخر حملات عنيفة غايتها تجسيم صغائر العيوب وتصغير كبائر المحاسن.
وفي ظل هذه الحالة السيئة وتياراتها الجارفة بلغت معاناة المواطنين إلى درجة فاقت كل الحدود، كما انعكس ذلك سلباً على القضية الفلسطينية والمشروع الوطني برمته.
كان هذا الانقسام بين حركتي فتح وحماس، هو الأخطر في المسيرة الوطنية للشعب العربي الفلسطيني؛ لأنه عرض وحدة الأرض الفلسطينية لخطر الانقسام والانشطار، وأصاب النسيج الاجتماعي في الصميم، كما أن السيطرة على غزة وفصلها عن الضفة الفلسطينية عمّق الشرخ، ما استوجب ذلك الحِراك المكثف لاستعادة الوحدة الوطنية، وطي صفحة الانقسام من خلال اللقاءات المختلفة على مختلف الصعد والتي كان آخرها اتفاق المصالحة بالقاهرة (أيار/ مايو 2011م)، وإعلان الدوحة (شباط/ فبراير 2012م)، واتفاق الشاطئ (نيسان/ أبريل 2014م) تلك الاتفاقات التي نصت على إعادة الأمور إلى نصابها ومسارها الصحيح، وتشكيل حكومة الوفاق الوطني على قاعدة أن الوطن للجميع، لكن، على أرض الواقع، ظلت المصالحة والوحدة الوطنية الغائب الأكبر، حبراً على ورق، تراوح مكانها، وتنتظر مَن يزيح الغبار عنها.
واستشعاراً بعظم المسؤولية الوطنية؛ مسؤولية الضمير والوجدان ومسؤولية المستقبل، فعلى طرفي الانقسام (فتح وحماس)، ومعهما باقي فصائل العمل الوطني والإسلامي على حد سواء، الشروع، باعتبارهم أمناء على تحقيق آمال الناس وتطلعاتهم وأهدافهم، بإجراء قراءة أركيولوجية، ومراجعة فكرية، وتقويم بنّاء، تشمل، فيما تشمل، الشعارات المرفوعة والأهداف المرسومة والوسائل المطروحة والمواثيق المنشودة، وبما يتلاءم مع متطلبات المرحلة، ومعرفة أسباب ما آلت إليه الحالة الفلسطينية من تفتت وترهل وضعف، والاطلاع على العلل والأمراض التي أصابت الفلسطينيين، ودفعتهم إلى أحضان الركود والتأخر؛ فالقضية الفلسطينية هي الوحيدة في العالم التي لم تنل استقلالها وحريتها حتى يومنا هذا.
إن الشعب العربي الفلسطيني الذي ظل يرفع راية الكفاح ضد الاحتلال الإسرائيلي، منذ ما يناهز القرن، يقف صامداً في إباء، ويحافظ على حيويته ونضاله في سبيل حريته، وينشد الحرية والمساواة والاستقلال، ويتطلع إلى الارتقاء في شتى مظاهره السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويدرك أن النضال الفلسطيني يمر في ساعة من أخطر ساعات المرحلة في مواجهة الخطر الإسرائيلي الذي بلغ درجة عالية في الغدر والمراوغة في استغلال الوقيعة بين حركتي فتح وحماس، ودفع أبناء الشعب الفلسطيني إلى مشاكل داخلية تصرف أنظارهم عن قضيتهم المركزية وعدوهم الحقيقي.
إن قيادتنا مدعوة إلى تقويم وإصلاح ورقابة ووحدة تليق بحجم التضحيات الباهظة التي قدمها شعبنا في تلك السبيل، وعليهم أن يدركوا أن مصير بلادهم رهن بإرادتهم وإرادة شعبهم.
وسوم: العدد 725