من المخزي أن يدافع راشدون عن جانحين حاولوا اغتصاب معتوهة في حافلة نقل عمومي بمدينة الدار البيضاء
بعد انتشار فيديو محاولة بعض الجانحين اغتصاب معتوهة في حافلة نقل عمومي بمدينة الدار البيضاء على نطاق واسع مما أثار موجة سخط عارمة لدى الرأي العام الوطني ،تحرك القضاء والأمن لاعتقال الجناة، وقد كشف الفيديو عن هويتهم بشكل واضح . وكان من المفروض أن يقع إجماع على الارتياح لاعتقال هؤلاء الجناة إلا أن ما وقع مع شديد السف هو تداول الرأي العام فيدوهات أخرى لشباب راشدين يدافعون عن هؤلاء الجانحين، ويستميتون في الدفاع عنهم ،ويعتبرونهم ضحايا ظروفهم الاجتماعية . ويعكس دفاع هؤلاء المدافعين عن جريمة يعاقب عليها القانون مهما كان الشخص الذي يرتكبها سيادة ثقافة مؤازرة الإجرام في بلادنا . وبطبيعة الحال لا يقدم على مؤازرة المجرم إلا شريك له في الإجرام أو مؤيد له أو مساعده أو محرضه. وقد بدا بعض المدافعين على الجانحين بهيئات توحي بالانحراف حيث بدا الجزء الأعلى لجسد أحدهم عاريا وعلى ذراعه وشم من النوع الذي يضعه أصحاب السوابق العدلية وهو يعبر عن استنكاره الشديد اعقال الجانحين ، ويتهم الضحية المعتوهة بأنها متورطة في عملية الاعتداء بالاغتصاب بل اتهمها بأنه وراء تعاطي الجانحين المخدرات أو حسب تعبيره " التشمكير " ، وأكثر من ذلك اعتبر الجرم مجرد تفكه وتسلية من مراهقين لا يرقى إلى درجة الجرم .
ومع أن هذا الجرم شنيع خصوصا وأن الضحية معتوهة تدخل في إطار أصحاب الاحتياجات الخاصة بسبب إعاقتها الذهنية أو النفسية أو هما معا ، فإن وجود من يبرر ا فعل لفاعلين ويتعاطف معهم أمر يثير القلق ،ويعكس مدى انحدار القيم الأخلاقية في مجتمعنا خصوصا في أوساط فئة عمرية شابة من المفروض أن تكون قد استفادت من نصيبها من التربية السوية على مستوى الأسر و على مستوى المؤسسات التربوية. ومجرد وجود من يؤازر الفعل الإجرامي في مجتمعنا يدعو إلى ضرورة تحرك المجتمع مسؤولين ومواطنين بشكل سريع وفعال لإدانة ومحاربة هذا التوجه الخطير الذي يغامر بالقيم الأخلاقية وبأمن الوطن والمواطنين .
ويتعين على الأجهزة القضائية والأمنية التي تحركت بموجب انتشار فيديو محاولة اغتصاب الفتاة المعتوهة أن تتحرك أيضا بموجب انتشار فيديوهات تؤيد وتساند وتبررالمحاولة وتدافع عن الذين قاموا بها . ويجب أن يسري على المساندين والمدافعين نفس الإجراء الذي يسري على الذين يؤيدون بشكل أو بآخر الإجرام والإرهاب . وإن ما قام به الجانحون على متن حافلة النقل العمومي يعتبر شكلا من أشكال الإرهاب ، بل هم أفظع إرهاب يرتكب ضد فتاة معتوهة ، لهذا يتعين إيقاف المدافعين عن ممارسي هذا النوع من الإرهاب كما تم إيقاف الذين أشادوا بمقتل السفير الروسي في تركيا بتهمة مساندة عمل إرهابي .
وعلى الأجهزة القضائية والأمنية أن تتابع المسؤول عن حافلة النقل العمومي التي يعتبر من يمتطيها محميا ومؤمنا قانونيا حتى يغادرها . ولقد كشف فيديو محاولة الاغتصاب الضحية وهي تصرخ بأعلى صوتها وتطلب النجدة دون أن ينجدها سائق الحافلة أو غيره من ركاب الحافلة . وعلى شركة النقل أن تحقق مع السائق وأن تتحمل مسؤولية الجناية التي وقعت على ظهر وسيلة من وسائل نقلها العمومي وتحاسب على ذلك أمام العدالة حتى لا تسمح مرة أخرى بمثل هذه الاعتداءات.
وعلى المنظمات الحقوقية وخاصة التي انتدبت نفسها للدفاع عن حقوق المرأة أن تقف إلى جانب الضحية خصوصا وأنها معتوهة ، وأن تعبر عن احتجاجها كما دأبت على ذلك في مسيرات ومظاهرات من أجل إيقاظ ضمير الرأي العام وضمير الجهات المسؤولة التي لا يجب أن تتساهل مع هكذا جنوح وإجرام يبدأ مع سن المراهقة ليصير بعد ذلك إجراما احترافيا يهدد أمن وسلامة المواطنين ويسيء إلى سمعة الوطن .
وعلى الرأي العام أن يوظف وسائل التواصل الاجتماعي لحماية القيم الأخلاقية ومنع المساس بها عوض أن يظل تواصله عبر هذه الوسائط مجرد عبث وتندر وفكاهة يتقاسمها المتواصلون فيما بينهم تزجية للوقت .
وعلى الشرطة العلمية المختصة بمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي أن تبادر إلى متابعة كل مسؤول عن فيديوهات مسيئة للأخلاق أومساندة لذلك، لأن ذلك يعتبر إجراما في حق المجتمع وفي حق المواطنين وفي حق القيم الدينية والأخلاقية للوطن .
ويجدر بالمشرعين في هذا الوطن صياغة نصوص قانونية تجرم توظيف وسائل التواصل الاجتماعي في المساس بالقيم الأخلاقية أو التشجيع على ذلك حتى لا تترك فرصة الإفلات من العدالة للذين يقدمون على مثل هذه الأفعال المهددة للقيم الأخلاقية وللكرامة الانسانية ولثوابت الأمة المغربية المسلمة .
وسوم: العدد 734