إرهاب إسرائيل السياسي ..؟
د. هاني العقاد
قد تكون إسرائيل خططت بدقة وعناية لان توصل الفلسطينيين إلى حالة من اليأس الرهيب من عملية السلام برمتها وذالك عبر التفاوض بغرض التفاوض الذي لا يحقق أي تقدم وإبقاء الطرفين في هذا المربع للأبد مقابل تسهيلات اقتصادية وأمنية فارغة لا تحقق أي من تطلعات الفلسطينيين ولا تتناسب مع قضية طال الصراع فيها , الشهر الماضي ألغت إسرائيل استحقاق هام جدا على مستوي مصداقيتها و سعيها للتوصل إلى تسوية للصراع في الشرق الأوسط وهذه صفقة الأسري الرابعة و التي اتفقت مع أمريكا والتزمت بإطلاق سراحها مقابل تأجيل الفلسطينيين الانضمام والتوقيع على الاتفاقيات الدولية , ولم تكتفي إسرائيل بهذا بل سعت لابتزاز الفلسطينيين عبر الموافقة على إطلاق سراح الدفعة الرابعة وتمديد المفاوضات دون ذالك استحقاقات , وأخذت تراوغ مرة تقول أنها لن تطلق سراح اسري فلسطين الداخل و مرة تقول أنها ستطلق سراح اسري آخرين حتى أوصلت المفاوضات إلى حالة الموت الإكلينيكي الحالية .
عندما أخلت إسرائيل بشروط الاتفاق مع أمريكا بخصوص تأجيل انضمام الفلسطينيين للمعاهدات و المنظمات الدولية وقعت القيادة الفلسطينية مرسوم الانضمام إلى 15 منظمة ومؤسسة دولية كمقدمة لاستكمال الانضمام لباقي المنظمات في مرحلة لاحقة, هنا جن جنون إسرائيل و ارتبكت كل أروقتها السياسية و خرج وزراء حكومة التطرف الننياهوية لممارسة إرهاب سياسي لم يسبق له مثيل فاخذ أعضاء الأحزاب الإسرائيلية على اختلاف ألوانهم بكيل من الوعيد والتهديد للقيادة الفلسطينيين , منهم من قال أن أبو مازن سيدفع الثمن غاليا إن لم يوقف الانضمام للمنظمات الأمم المتحدة ومنهم من قال يجب أن نرد على أبو مازن ونعتقله ونقدمه للمحاكمة هو وقادة فتح , والأغرب أن مكتب نتياهو اصدر تصريح قال فيه أن السلطة تلغي اتفاق اوسلو وأبو مازن سيتحمل تبعات خطيرة لقرار الانضمام لمنظمات الأمم المتحدة , و لم يتوقف الإرهاب السياسي حتى اللحظة بل اخذ بالتصعيد يوما بعد أخر إلى أن وصل إلى حد التصفية الجسدية للرئيس أبو مازن و البحث عن بديل يتماشي مع إسرائيل و متطلبات السلام المزعوم .
تمادي الوزراء الإسرائيليون في حكومة نتنياهو في إرهابهم السياسي حتى وصلت بهم الدرجة لان يسخروا من أبو مازن بطريقة تعجب الجمهور الإسرائيلي فيما يبدوا أنها محاولة لكسب تأييد للانتخابات القادمة ويقول وزير الاقتصاد الإسرائيلي "نفتالي بنيت" إنه مستعد لرفع دعوى قضائية ضد الرئيس محمود عباس بزعم مسؤوليته عن قتل إسرائيليين وفي تصريح أخر يضيف انه على استعداد لضمه لحزب البيت اليهودي ليصنع القهوة لأعضاء الحزب ,وهدد بأنه سوف ينسحب من ائتلاف الحكومة و يتركها إذا ما وقعت إسرائيل مع الفلسطينيين يقضي بإطلاق سراح اسري الدفعة الرابعة وأوقف الاستيطان و أخيرا يعرض خطته الغبية بضم الكتل الاستيطانية بالضفة الغربية لإسرائيل , " تسيفي ليفني" التي اعهد لها تولي ملف المفاوضات مع الفلسطينيين قالت أن إسرائيل سوف تحاصر أبو مازن حتى يخضع لشروط إسرائيل ويعترف بيهودية إسرائيل و"ليبرمان" جاء بدوره ليتهم أبو مازن بأنه عقبة في طريق السلام يجب إزالته, واعتبر أبو مازن رجل يمارس الإرهاب الدبلوماسي ويتقاسم الأدوار مع رئيس حركة حماس في قطاع غزة إسماعيل هنيه وكأن حماس جاءت من أخر الدنيا ومن شعب أخر ليس فلسطينينا يحرم التحدث مع رئيسها وتبادل المواقف والتنسيق معه , لم يقف إرهاب إسرائيل السياسي عند هذه الدرجة بل أعلن مكتب نتنياهو عن قطع كافة الاتصالات مع وزارت السلطة الفلسطينية وابقي على اتصال الجيش والاتصالات وهدد بتحديد اتصالات الفلسطينيين مستقبلا وأيضا إعادة نشر مئات الحواجز على بوابات المدن الفلسطينية ووضع الخطط لحصارها , كما وأعلن نتنياهو عن نيته تجميد أموال الضرائب التي تجنيها إسرائيل لصالح السلطة و أعلن أن إسرائيل تنظرفي إمكانية خصم الأموال التي تدفعها السلطة الفلسطينية للأسرى من قيمة عوائد الضرائب التي تحتجزها إسرائيل .
قد لا تكون هذه الإجراءات إجراءات عقابية فقط لكنها سياسيا تعتبر إرهاب سياسي مقصود لإلحاق الضرر البليغ بحياة الفلسطينيين وقيادتهم الشرعية ليجبروا في النهاية على التوقيع على وثيقة استسلام ترضاها إسرائيل لتشبع بها نزعتها العنصرية ونزعتها العدائية التوسعية الاستيطانية التهويدية , لكن الفلسطينيين قيادة وشعبا يؤمنوا بان الصرع مع اسرائيل صراع مع عدو لا يعترف بالإنسان الفلسطيني ولا بحقه في أرضه إلا بالقوة و القوة التي تخافها اسرائيل تكمن في الوحدة الفلسطينية التي باتت واجبا وطنيا الآن والكفاح الوطني والمقاومة الشعبية بأشكالها و أدواتها هوالسبيل الوحيد للرد على تطرف إسرائيل وإرهابها السياسي مع مواصلة فضح أساليب هذا الإرهاب أمام العالم ليدعم العالم النضال الفلسطيني بمستوياته وطرقه المختلفة ومواصلة الكفاح الدبلوماسي طريقا دبلوماسيا شرعيا اعترفت به المواثيق والشرائع الدولية طريقا أمناً يكفل التخلص من الاحتلال وانتزاع حق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.