من غير المقبول أن يكون الهاجس الأمني بمطار وجدة أنجاد سببا في إهانة كرامة المواطنين
من غير المقبول أن يكون الهاجس الأمني بمطار وجدة أنجاد سببا في إهانة كرامة المواطنين المستقبلين والمودعين من خلال منعهم من ولوج بهوه
من المعلوم أن الهاجس الأمني أو التوجس من مخاطر الإرهاب والإجرام تستغله كثير من بلدان العالم بنوعيه المتقدم والمتخلف لفرض إجراءات على حساب كرامة مواطنيها ومواطني غيرها . وتأخذ هذه الإجراءات أشكالا مختلفة من الإهانات التي تمس بالكرامة الإنسانية . ومن أشكال هذه الإجراءات تلك التي اتخذها المغرب في مطاراته حيث صار من المحرم والممنوع على من يرافق أقاربه المسافرين ولوج بهو المطارات كما كان الحال من قبل أن يسيطر الهاجس الأمني الذي سببه التوجس من مخاطر الإرهاب والإجرام . وإذا كان المواطن المغربي لا يعترض على الإجراءات الأمنية، ويعتبر ذلك لصالحه ، فإن هذه الإجراءات حين تصل حد النيل من كرامته تصبح غير مقبولة لديه .
وكمثال حي على امتهان كرامة المواطنين بمطار وجدة أنجاد على سبيل المثال لا الحصر يمنع كل من يرافق المسافرين لوداعهم أو استقبالهم من دخول بهوالمطار حيث يتم استقبال ووداع أهالي المسافرين أقاربهم في ساحة المطار الخارجية، وهي ساحة مكشوفة وغير مغطاة يعاني من يقف فيها مودعا أو مستقبلا من الحر والقر في عز الصيف والشتاء على حد سواء . وفي مشهد ممتهن لكرامة المواطنين يقفون خلف زجاج المطار يتطلعون لأهلهم المسافرين أو العائدين من السفر كأنهم سجناء وراء قضبان ، ويتبادلون التحية بالأيدي والإشارات فقط . وفضلا عن ذلك توجد حالات يكون عليها المسافرون تقتضي مرافقتهم أواستقبالهم داخل بهو المطار إلى غاية اجتيازهم منطقة إجراءات السفر وركوب الطائرات ، وذلك حين يتعلق الأمر بالمسنين و المرضى والصبية الصغار وغير ذلك من الحالات التي تستدعي المرافقة من الأهل والأصدقاء .
وقد يعترض البعض على مرافقة الأهالي لأقاربهم أو استقبالهم ببهو المطار بذريعة كثرة عدد المرافقين ، وهي ذريعة واهية فضلا عن كون التعامل معها للحد من كثرة المودعين والمستقبلين بسيط للغاية وهو فرض رسوم على دخول بهو المطار كما هو الشأن بالنسبة لبعض محطات القطار ، وبهذا الاجراء سيقل لا محالة عدد المرافقين والمستقبلين ، وسيعود ذلك بالنفع على المطار كما هو الشأن بالنسبة للرسوم المفروضة على ركن السيارات بمداره .
ومن المشاهد المؤثرة مشهد الصبية الصغار الذين يتطلعون إلى مرافقة ذويهم إلى المطار لمعاينة ما بداخله بل ويحلمون أيضا بمشاهدة الطائرات وهي جاثمة في مدرجه أو وهي تقلع إلا أن إجراءات منع دخول المطار حالت دون تحقيق أحلام هؤلاء الصغار الذين لأمثالهم في البلاد الأخرى حقوق يتم الحرص الشديد عليها إلا أن صبيتنا لا حقوق لهم و يعودون أدراجهم من المطار بخيبة أمل وغصص ستظل عالقة بأذهانهم ومن ذكرياتهم المحزنة .
وأمام هذا الوضع المهين يغط ممثلو المواطنين عندنا في سبات عميق أو يغضون الطرف عن ذلك ، ولا يبالون بكرامة الذين انتدبوهم لتمثيلهم يا حسرتاه ، فلا عمدة المدينة يحرك ساكنا ،ولا المنتخبون ،ولا البرلمانيون وكأن قرار منع دخول المواطنين إلى بهو المطار وحي منزل لا يأتيه باطل من بين يديه ولا من خلف ، ولا يناقش ، ولا يسأل أو يساءل أو يحاسب من وضعه ، أو كأنه قدر محتوم لا راد له ولا مفر منه .
فإلى متى سيظل المواطنون يعيشون في حالة طوارىء دائمة ؟ وتبتذل كرامتهم بذريعة الهاجس الأمني ؟ وما هو دور جيوش رجال الأمن التي تخرج سنويا لتوفير الأمن بالطرق التي يعتمدها أمن كل دول العالم دون المساس بكرامة مواطنيها ودون إهانتهم ؟
وفي الأخير نطالب المسؤولين بوضع حد لإهانة مواطنين أحرار فوق تراب وطنهم ، ويستحقون كل الاحترام في كل مكان فوق أرض هذا الوطن ، ولا يمكن أن يوجد فيه مكان يحرم عليهم دخوله ، ولم مبرر لوجود اجراءات تعود إلى عهد الاحتلال أو إلى سنوات الرصاص . وإن الأمن مشكلة المسؤولين عنه وليست مشكلة المواطنين الذين يؤدون ما عليهم من واجبات تجاه وطنهم . ولا يمكن استغلال المواطنين لحل مشكل المسؤلين عن الأمن في المطار من خلال منعهم من دخول بهوه وإهانتهم بالبقاء خارجه صيفا وشتاء ،علما بأنه يوجد خارج المدار الحضاري وهو ما يجعل ظروفه الطبيعية في غاية القسوة صيفا وشتاء.
ولا بد من كلمة موجهة إلى المواطنين وإلى كل الهيئات والجمعيات المدنية التي تمثلهم وهي أنهم ملزمون بالمطالبة برد الاعتبار لهم عند مرافقة أو وداع أقاربهم المسافرين بمطار وجدة أنجاد ، ومطالبة المسؤولين بالاعتذار الرسمي عن قرار منعهم من دخول بهو المطار الذي يعتبر مساسا بكرامتهم واللجوء إلى القضاء للبث في هذا المنع المتعسف إذا كنا بالفعل في دولة ترفع شعار دولة الحق والقانون .
ولا بد من كلمة أخرى للسلطة الرابعة التي عليها أن تضطلع بمهمتها لصيانة كرامة المواطنين ، وذلك من خلال توثيق وتسجيل الإهانة التي تلحق بالمواطنين المودعين والمستقبيلين ونشرها على أوسع نطاق لإحراج المسؤولين عن إجراء منع دخول بهو المطار وهو إجراء تعسفي لا يمكن تبريره بذريعة الهاجس الأمني، بل هو إجراء حالات الطوارىء التي لابد أن تكون محصورة زمانا ومكانا ، و ترفع في أقرب وقت ممكن صيانة للحريات العامة وحقوق الإنسان.
وسوم: العدد 743