مرزوق الغانم .. صرتَ أمّة

مَنْ منكْم شاهدَ هذا العربي الشريف ابن الشريف ابن الشريفة ابن الأشراف؛ العربي الغيور الذي اسمه "مرزوق الغانم" وهو يأخذ بثأر فلسطين والعراق وكل العرب المظلومين بل يثأر لكرامة الإنسانية المهدورة منذ عقود وهو يمسح برئيس وفد الكنيست الاسرائيلي المجرم "نحمان شاي" الأرض ثم يصفعه صفعة مدوّية لم يتسلمها الكيان الصهيوني منذ تأسيسه وهو يصيح في وجهه :

(احمل حقائبك واخرج من القاعة لو كانت لديك ذرّة من الكرامة)

دوّت القاعة بالتصفيق تحييه كل الوفود التي حضرت الجلسة الختامية لمؤتمر البرلمان الدولي المنعقد خلال الفترة من 14 إلى 18 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، في مدينة سانت بطرسبورغ الروسية، والتي تم فيها نقاش تقرير ينتقد سياسة اعتقال إسرائيل للنواب الفلسطينيين (13 نائباً) ويطالب بالإفراج الفوري عنهم، قدمته لجنة حقوق الإنسان في الاتحاد البرلماني الدولي.

الوحيد الذي عارض الإفراج عن النوّاب المظلومين هو ممثل الكيان الصهيوني القذر.

وهذه هي تربية الولايات المتحدة الديمقراطية والغرب المتشدّق بحقوق الإنسان .

بدلا من أن يؤسسوا دولة لليهود الذين عذّبوهم وأحرقوهم في ألمانيا أو في أوروبا كما متوقّع قانونياً جاءوا بهم إلى فلسطين ليذبحوا شعبها ويطردوه ..

ومنذ ذلك الحين صار الكيان الصهيوني هو "العاهرة المقدّسة" في الشرق الأوسط بل في العالم .. فوق الحق وفوق الضمير وفوق القانون الدولي وفوق المبادىء الديمقراطية.

بعد كل مذبحة يقترفها الكيان الصهيوني تنبري الولايات المتحدة والغرب الديمقراطي للدفاع عن هذا الكيان وتبرير أفعاله الوحشية ..

ذَبَح الصهاينة عشرين ألف لبناني في جنوب لبنان فقالت أمريكا إنّه دفاع عن النفس ..

ذبحوا خمسة آلاف مواطن عربي في مجزرة صبرا وشاتيلا فقالت أمريكا إنه هجوم استياقي مشروع ..

خرقوا سيادة تونس وذبحوا المناضل الفلسطيني أبو جهاد ورفاقه وثلاثين تونسيا وصوّروه بالفيديو فأرسل وزير الخارجية الأمريكي آنذاك وليم شولتز برقية تهنئة لرئيس الوزراء الصهيوني ..

هجم الصهاينة على جنوب لبنان في حرب 2006 فأبلغ ممثل أمريكا في الأمم المتحدة الوفود العربية بأن لا يراجعوه متوسّلين لإنهاء الحرب لأنها ستكون تأديبية مُدمّرة.. فخاب فأله بفتيان حزب الله ..

قصفوا مفاعل تموز العراقي السلمي فقالت أمريكا والغرب إن هذا المفاعل كان يمثل خطرا على الكيان الصهيوني وأنّهم يحرّمون امتلاك أسلحة الدمار الشامل وفرنسا وأمريكا هي التي أعطت "اسرائيل" ما يكفي لتصنيع عشرين قنيلة ذرية ..

شكّك المؤرخ البريطاني الشهير "ديفيد إرفنج" الذي أرّخ للحرب العالمية الثانية في العدد الحقيقي لليهود الذين قتلتهم ألمانيا النازية فنسي الغرب "حرية التعبير" وطاردوه من بلد إلى بلد وأخيرا اعتقلوه وحاكموه وسجنوه على خطاب ألقاه قبل خمس عشرة سنة (لاحظ قبل خمس عشرة سنة !!) اعتبرته دول الاتحاد الأوروبي تحريضا ضد "العاهرة المُقدّسة" . وكان إرفنج يتوقّع أن تقف وسائل الإعلام الغربيّ’ "الحُرّة" بجانبه ولكنها هللت لسجنه ولم تتفوه بكلمة واحدة عن "حرية التعبير" التي تزعم أنها جزء من الحداثة الأوروبية!!

طرح الفيلسوف "روجيه غارودي" رأياً مماثلاً فحاكموه وسجنوه وغرّموه في فرنسا قلعة الديمقراطية وعاصمتها التي توصف بأنها عاصمة الحرّية .. وكل ذلك من أجل سواد عيون "العاهرة المُقدّسة" ..

مئات الأفعال القذرة الوحشية التي يندى لها جبين الإنسانية اقترفها الكيان الصهيوني وكان الشرفاء في العالم يحتجون ضدّها في حين تقف الولايات المتحدة والغرب الديمقراطيون للدفاع عنها وتبريرها

من اين تأتي أسلحة الكيان الصهيوني التي يقترف بها جرائمه ؟؟

من قلعة الديمقراطية العالمية الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين ..

يعرضون على الشاشات كيف يكسّر الجنود الصهاينة أيدي الشباب الفلسطينيين بالهراوات .. وتقتل الأطفال والنساء وتملأ سجونها بهم .. ولا أحد يقول لهذه العاهرة كفى عهراً ..

ملأوا قلوب الشباب العربي قَيْحاً فأوصلوهم إلى الإرهاب والانتحار الذي هو نتاج السياسة الأمريكية الغربية الصهيونية التي حرفته عن اتجاهه بخبث وعِلْمِية ..

إلى أن أتى مرزوق الغانم ليفرّج عنّا كَرْبَ أكثر من ستين عاماً وليقل للعاهرة الصهيونية بصوت عال وبلا تردد وبشجاعة نادرة : أنت عاهرة ويخاطب رئيس الكنيست على مرأى من العالم ومسمع :

(إن كلام ممثل هذا البرلمان (الإسرائيلي) المُغتصب ينطبق عليه المثل المعروف عالميا إنْ لمْ تستحْ فافعلْ ما شِئت) .

ويقول له بروح تعرضيّة وبلسان عربي مُبين :

(يا مُحتل .. يا قتلة الأطفال ).

يا مرزوق : ملوك وأمراء ورؤساء عرب يخافون أن يقولوا كلمتك والله .. ويرتعدون لمجرد التفكير فيها بل أنّ بعضهم يبول على عقبيه حين يسمع تهديداً من الصهاينة أو الأمريكان . كان جيمس بيكر يشتمهم في الاجتماعات المغلقة وأصيب بعضهم بالنوبات القلبية !! وجعلوا العالم يتصوّر أمّتنا –حاشاها - "أجبن أمّة أخرجت للناس" وهي بشهادة ربّ العالمين وسلوك ابنها مرزوق "خير أمّة أُخرجت للناس"

فما هو المعدن الشريف الأصيل الذي "رزق" الله به أبويك وأهلك وعشيرتك ووطنك وأمّتك يا مرزوق ؟ ..

سمعتُكَ وبوضوح وتسرّب إلى روحي تهدّج صوتك الصادق :

"يا قتلة الأطفال" ..

وبعدها فقط ستستريح الأرواح الهائمة المُعذّبة للـ 600 طفل مصري الذين ذبحهم الصهاينة في مدرسة بحر البقر ..

سمعتك والدموع توشك أن ترترقرق في عيني لا ضعفاً بل فرحاً وثأراً وتشفّياً بأشرار خنازير اشبعونا قهراً ومهانة :

(ما ذكره رئيس الوفد (الإسرائيلي) يمثل أخطر أنواع الإرهاب وهو إرهاب الدولة).

صدّقني مرزوق .. رؤساء دول كبرى لم يقولوا للصهاينة هذه الكلمة وهي حقيقةٌ تُرضي الله والإنسانية وتستجيب لحقوق الإنسان ..

فيا لجسارتك وبطولتك ..

في لحظات فاصلة من التاريخ يمكن أن يكون فردٌ واحدٌ بمثابة أمّة كاملة فيدخل تاريخها من أوسع أبوابه ..

غسلتَ يا مرزوق أرواحنا من عقود طويلة من الضيم والقهر والمهانة والانذلال .. وستصير أنموذجاً يقتدي به فتيان العروبة لا بالملوك والأمراء والرؤساء الرعاديد الجبناء .. فتيان العروبة الذين نريد لكل فتى عربيّ منهم أن يكون شرساً أشوس يذبّ عن أمّته الضيم كما ذببت وكما قال شاعر العروبة العظيم المتنبي :

 فَتًى عَلّمَتْهُ نَفْسُهُ وجُدودُهُ         قِراعَ العَوالي وابتِذالَ الرّغائبِ

مرزوق الغانم ..

خِفتّ الله

فلم تخف بعده أحدا ..

وآمنتَ بأمّتك صدقاً وحقاً فجهرتَ بحقّها

وصرتَ أمّة ..  

وسوم: العدد 743