دلالة موضة لبس سراويل الجينز المفتوقة والمرتوقة
من المعلوم أن مصمم سروال الجينز هو اليهودي ليفي شتراوس الذي ولد سنة 1829 في ألمانيا وهاجر إلى نيويورك بالولايات المتحدة مع والدته وشقيقتيه سنة 1847 وحصل على الجنسية الأمريكية سنة 1853 واشتغل بتصميم سراويل الجينز المصنوعة من ثوب خشن والمصبوغة باللون الأزرق ، وكان يبيعها لعمال المناجم والباحثين عن الذهب في سان فرانسيسكو. والتقى بجاكوب دافيز وهو يهودي أيضا كان خياطا في نيفادا، وكان على صلة به ،فأخبره بطريقة خياطته لسراويل الجينز، وذلك بوضع مسامير معدنية عليها خصوصا على زوايا جيوبها ، وطلب منه أن يشركه في براءة الاختراع التي كانت في العشرين من مايو 1873 وهي سنة ميلاد سروال الجينز ، وقد لقيت إقبالا كبيرا بين عمال المناجم نظرا لطبيعة ثوبها الخشن ومناسبته لأعمالهم الشاقة . وكان ثمنه سنة 1879 لا يزيد عن دولار واحد وستة وأربعين سنتا . وانتشر ارتداؤه بعد ذلك من طبقة العمال إلى مختلف الطبقات الاجتماعية بما فيها المشاهير خصوصا نجوم السينما في أفلام رعاة البقر، وكان لهؤلاء دور في انتشار ارتداء هذا النوع من السراويل . وفي سنة 1935 عرض جينز ليفيس لأول مرة للنساء على صفحات مجلة " فوغ " التي تعنى بالموضة . وانتقل ثمن سروال الجينز من دولار واحد إلى مئات الدولارات .
ولا زالت التعديلات تطرأ على هذا السروال الذي أكسبه المشاهير والنجوم والساسة والزعماء شهرة حتى انتهى إلى آخر التصميمات بالنسبة للذكور والإناث على حد سواء حيث ظهر تصميم إرخاء هذا السروال بعض السنتيمترات في المؤخرة ، ويقال أن مصمصم هذه السراويل زار أحد السجون، فلاحظ سراويل السجناء مرخاة من الخلف لأنهم يمنعون من استعمال الأحزمة مخافة استخدامها في عمليات الانتحار، فقرر إخراجها كموضة منعت من الاستعمال أول الأمر في بعض المدن الأمريكية لأنها اعتبرت مخلة بالأخلاق في الأماكن العامة وذلك لأنها تكشف عن الملابس الداخلية ، ثم سرعان ما انتشرت والسبب في ذلك دائما هم النجوم والمشاهير ، وصارت فيما بعد لباس المثليين لتمييزهم عن غيرهم. ومع حصول هؤلاء على الاعتراف بحقهم في الحرية المثلية لم تعد سراويل الجينزالمرخاة على المؤخرة ممنوعة أو معرضة للانتقاد .
وآخر ما طرأ على تصاميم سراويل الجينز الرتق والفتق على مستوى الركب والسيقان بالنسبة للجنسين معا . وهذه الموضة ظهرت قبل سنة ، وانتشرت بين الشباب من الجنسين بفعل التأثر بالمشاهير والنجوم في بلاد الغرب وبلاد العرب على حد سواء . وبدأت أول الأمر عملية الفتق، وهي فصل أطراف الشيء عن بعضه حيث قطعت سراويل الجينز للكشف عن الركب ، ثم تلتها أو صاحبتها عملية الرتق وهي سد الفتق، وتتم بقطع من القماش الشفاف المطرز بالنسبة للإناث . ولم يعد الفتق قاصرا على كشف الركب فقط، بل تعدى ذلك إلى الكشف عن بعض أجزاء السيقان خصوصا بالنسبة للجنس اللطيف . وقد يرقع الرتق على الركب والسيقان بقطع من جنس أو سدى ثوب الجينز أيضا فتستر الركب والسيقان مع ظهور مواقع الرتق بالرقع . وتشيد مجلات الموضات والأزياء بلبس مرقعات الجينز من خلال نشر صور المشاهير والنجوم من ممثلين ومغنين ورياضيين ، وتشترط في لبسها أن يكون القد والقوام مناسبا لها لأن مرقعات الجينز تضفي المزيد من الأناقة على القد والقوام الجميلين . وقد تقد سراويل الجينز المرقعة ما فوق الركب بل قد تجز إلى ما فوق السيقان بالنسبة للإناث فتظهر الملابس الداخلية . ولئن ظهر هذا في بلاد الغرب وهو مصدر كل غزو يغزو المسلمين ، فلا مبرر لظهوره في بلاد الإسلام الذي يعتبر اللباس فيها عبادة حيث حدد القرآن الكريم شكله أو تصميمها ليفي بغرض العفة الذي سطره الخالق جل جلاله تكريما لبني آدم الذي أنزل عليهم لباسا يواري السوءات وريشا ، ومن السوءات ما تكشف عنه سراويل الجينز سواء المرخاة على المؤخرات أو المفتوقة على الركب والسيقان أو المقدودة إلى ما فوق السيقان .
وإذا كان لبس المرقعات قد ساد بلاد الإسلام حين انتشرت فيها الطرقية ما بين القرنين الخامس والسابع الهجريين ، وقد أضفى عليه الذين ابتدعوه صبغة دينية حيث كان شيوخ الطرقية يلبسون مريديهم المرقعات ليدل ذلك على تبعيتهم لهم ومبايعتهم ، وفي لبسها ما فيه من ادعاء الزهد والورع والدروشة، علما بأن اللباس لا يصنع الراهب على حد قول الفرنسيين ، فإن لبس سراويل الجينز المفتوق والمرتوق المنتشر اليوم قد أراد مصمموه وهم بلا شك يهود كالمصصم الأول لهذا النوع من السراويل الكشف عن السوءات لصب الزيت على نيران الانحلال الخلقي الذي تولد عنه التهتك والإباحية والمثلية والرضائية .
و إذا قالوا قديما عن مرقعات الطرقية : " كان الزهد لدى أهل التصوف من السلف حرقة ـ بحاء مهملة ـ فصار عند المتأخرين خرقة " فإننا نقول : لقد كانت سراويل الجينز المفتوقة المرتوقة عند مصمميها اليهود خدعة ، فصارت لدى شباب المسلمين متعة ، وهو شباب التقليد الأعمى الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم ، قلنا يا رسول الله : اليهود والنصارى ، قال فمن ؟ "
لقد دخل شبابنا وقد رتقوا سراويلهم جحر الضب المنتن ، وكشف اليهود والنصارى عن ركبهم وسيقانهم وسوءاتهم ، وزينوا لهم ذلك عن طريق إغرائهم بتقليد المشاهير والنجوم انبهارا بالشهرة والنجومية ، وأفسدوا طباعهم وأذواقهم ودنسوا عفتهم ، وجعلوهم أضحوكة يتسلون بها وهم غافلون . ولقد بلغت الأمر بالآباء والأولياء حد الدياثة وهم يرون بناتهم يلبسن مرتوق سراويل الجينز الكاشفة عن الركب والسيقان وهي عورات، وتدلت على مؤخرات أبنائهم دون أن تتحرك فيهم غيرة أو نخوة أو رجولة.
وسوم: العدد 745