من أخطاء الدبلوماسية الجزائرية

البارحة ونحن متّجهون إلى أعالي الشريعة عبر القافلة الثقافية لشلف، تمّ التطرق لموضوع اعتذار الجزائر للسعودية، وطلب منّي إبداء الرأي باعتباري لم أتطرّق للموضوع عبر صفحتي، فكان هذا التدخل:

إخواننا السعوديين إخواننا وأحبّتنا نرضى لهم مانرضى لأنفسنا ونحب لهم مانحب لأنفسنا ونقف إلى جانبهم لو تعرّضوا لعدوان من طرف تركيا أو إيران أو روسيا أو الولايات المتحدة الأمريكية. ومن خلال هذه الورقة سيتطرق صاحب الأسطر إلى الدبلوماسية الجزائرية ويقول:

ماكان للدبلوماسية الجزائرية أن تعتذر لإخواننا السعوديين على ماجرى في ملعب كرة القدم، فهو عمل قام به شباب متحمّس مشجّع لفريقه وليست الدولة مسؤولة عنه، وكان يكفي الجزائر أن تستقبل السفير السعودي بكلّ مايليق من ودّ وحفاوة وكرم عربي وتبلغه أسفها عن كلّ مايزعج إخواننا السعوديين وأنّه عمل منفرد منعزل قام به شباب في غمرة التشجيع وأنّ هؤلاء الشباب المشجعين يكنّون الاحترام للسعودية والسعوديين، وتبقى العلاقات الثنائية على حالها ولا يمكن لما يحدث في ملاعب الكرة أن يفسد علاقات بين شعبين ودولتين يجمعهما الكثير.

وقد أخفقت الدبلوماسية الجزائرية هذه المرة حين اعتذرت في موضع لايستحق الاعتذار، لأنّها فتحت على نفسها بابا ماكان لها أن تفتحه بإرادتها، وستكون سنّة سيّئة في المستقبل لأنّ كلّما حدث حادث في ملعب ومدرج ومسجد وإدارة ومسرح وغابة وشاطئ إلاّ وطلبت دولة عربية أو غربية أو أعجمية من الجزائر الاعتذار عن بعض السلوكات التي تراها هذه الدول مسيئة لشخصها ورموزها، وحينها تكون الدبلوماسية الجزائرية في حرج لأنّه سبق لها أن اعتذرت عن أمر منفرد منعزل لم يكن صادر عن الدولة الجزائرية.

والناقد الجزائري المتتبّع يعترف أنّ السعودية ربحت موقفا لصالحها ونجحت حين نالت اعتذارا من الدبلوماسية الجزائرية عن فعل لم تكن سببا فيه.

ويبدو أنّ الأمر لم يقف عند الدبلوماسية الجزائرية بل تعداه لبعض الجزائريين عبر صفحاتهم صفحاتهم، فيجدهم يعتذرون للسعودية مرارا وتكرارا، وهذه النقطة لن يتدخل فيها صاحب الأسطر لأنّها شأن جزائري اتّخذ موقفا من أخ عربي نتمنى له السلامة والرقي ولا يحقّ لجزائري أن يعيب على جزائري اتّخاذه موقفا بعينه مالم يكن دعما للصهاينة وتأييدا للحركى والاستدمار، لكن مايجب استنكاره أن هؤلاء الذين اعتذروا للسعودية ولم يطلب منهم أحد الاعتذار راحوا يشوّهون صورة الجزائري المتواجدون عبر الملاعب، كقولهم: "لايصلون !"، "لايصلون الفجر !"، "فسّاق !"، "لايعرفون التوحيد !"، "لايعرفون قيمة السعودية !"، وغيرها من الأوصاف المنكرة  التي لاينبغي للجزائري الحر الأصيل أن يفكّر في نطقها ناهيك عن كتابتها والتودّد بها لدى الآخر ولو كان أخا عربيا. وهؤلاء الأتباع أخطر على الجزائر وأمن الجزائر.

بقيت الإشارة إلى أنّ استنكارنا للدبلوماسية الجزائرية بالاعتذار للسعودية في أمر لايستحق الاعتذار لأنّ الدولة الجزائرية لم ترتكب مايستحق الاعتذار، يبقى قائما وثابتا ومعلنا ودائما لو أنّ الدبلوماسية الجزائرية اعتذرت لإيران أو تركيا أو فرنسا أو روسيا أو الولايات المتحدة الأمريكية عن قول أو فعل منعزل منفرد لم تكن سببا فيه ولا داعية إليه، فالمواقف ثابتة راسخة لاتتغيّر بتغيّر الدول وأشكال الأقوال والأفعال والاعتذار.

في الأخير، يظلّ الجزائري يتمنى السعادة لإخوانه السعوديين حفظهم الله ورعاهم، راجيا في نفس الوقت أن لاتتكرّ أخطاء الدبلوماسية الجزائرية ونحن الذين كنّا وما زلنا نفتخر بدبلوماسية عدم التدخل في شؤون الغير، وابتعاد الجزائر عن دماء الإخوة العرب فيما بينهم، واحترام حقّ الجار التي مازالت تميّز الدبلوماسية الجزائرية وتزيّنها.

وسوم: العدد 752