في السلطان عبدالحميد
رثاءٌ تأخر عن وقته قرناً كاملاً.
ما كنتَ تحفظُهُ من أرضنا اغتُصِبا
قُم من جديدٍ.. وأرجع كلَّ ما سُلبا
.
تقاسم الغربُ يا مولايَ كعكتنا
وقطَّعوا الدينَ.. والتاريخَ.. والأدبا
.
خلّوا لنا دولاً صُغرى، مُعلَّبَةً
وفوقَ ذلكَ.. نالوا النفطَ والذهبا
.
يا سيّدي يا أميرَ المؤمنينَ، نعم
هذي البلادُ لنا، لكنّنا غُرَبا
.
قُم من جديدٍ فما في عهدنا رجلٌ
للمسلمينَ وما يجري بهم.. غَضِبا
.
جرداءَ بعدكَ -من خوفٍ- منابرُنا
يا ابنَ الخلافةِ.. قُمْ واسترجعِ الخُطبَا
.
بيعت فلسطينُ، قلنا سوفَ نُرجعُها
ثمَّ العراق.. فقلنا كانَ مُضطرِبا
.
بيعت دمشقُ وبيعت بعدها عَدَنٌ
ماتَ الحِصانُ.. وما زلنا نقولُ كبَـا!
.
عبدالحميدِ أيا أصلاً بلا نُسَخٍ
من جرَّبَ السيفَ لا يرضى بهِ الخشبَا
.
تخلّصوا منكَ إذ خالفتَ رغبتَهُم
ولم تبع، أو تَخُن.. أو تُعلنِ الهَربا
.
كانوا جبالاً.. وفرداً كُنتَ تصعدُهم
قالوا سيسقطُ، لكنْ متَّ مُنتصبا
.
يا شوكةً في حلوقِ الغربِ عالقةً
يزيدُها الماءُ عُمراً كلَّما شُربا!
.
مكائدُ الغربِ.. من فينا سواكَ لها
وقد تفاقمَ جُرحُ الدينِ والتهبا
.
كلُّ الذينَ أتوا من بعدكَ انتصروا
على الشعوبِ! وخانوا اللهَ والكُتُبا
.
هنا رئيسٌ.. هنا شيخٌ.. هنا مَلِكٌ
هنا شعوبٌ تُعاني ظُلمَهُم حقبا
.
عنّا تولّوا، وفي أرزاقنا لعبوا
وهم بأيدي مَوَاليهم غَدوا لُعبا
.
ذُقنا الأمَرَّين عُسراً بعد مَيسَرةٍ
وما تعبنا.. ولكن صبرُنا تَعِبَا
.
ماذا يضيرُكَ يا حيَّـاً بأضلُعنا
لو عُدتَ فينا وأرجعتَ الذي ذَهبا؟
.
قرنٌ مضى يا أميرَ المؤمنينَ سُدىً
أهلُ السياسَةِ فيهِ جرَّموا القُبَبَا!
.
أكادُ أُقسمُ لو عادَ الزمانُ بنا
لما قبلنا على جدبائكَ السُحبَا!
.
كنّا وكنّا.. وما ماضٍ بمُنقذنا
صاروا أنوفاً.. ولم يرضوا بنا ذَنَبا!
.
كن بيننا في رَخانا.. أو بمحنَتِنا
نحنُ اليتامى، ولا نرضى سواكَ أبا
.
واللهِ سوفَ يجيءُ النصرُ مُبتسماً
ويرفعُ الله عنّا الذلَّ والنَصَبا
.
قم من جديدٍ، فقد قال النبيُّ لنا
ستنصرونَ.. ويبدو أنَّهُ اقتربا
وسوم: العدد 759